لقد كتبت وقبل حوالي عشر سنوات مقالة عن مسيرة التعليم في المملكة، وأنها الأقصر بين دول العالم وأشرت إلى أن المتتبع لهذه المسيرة منذ انطلاقها سوف يلاحظ أن فترة الدراسة كانت أطول مما هي عليه الآن سواء على المستوى اليومي أو الأسبوعي أو العام الدراسي ثم حدث تقلص لذلك على المستويات الثلاثة اليومي والأسبوعي والسنوي حيث إنها أصبحت الآن بما معدله خمس ساعات في اليوم وخمسة أيام في السنة ومائة وأربعون يوما فقط في العام الدراسي. والمهتم بأمور التعليم لا بد أنه سوف يلاحظ أنه لا توجد دولة واحدة من الدول المتقدمة أو ما يسمى بالدول النامية وصلت بها مدة الدراسة اليومية أم الأسبوعية أم السنوية إلى هذا الحد من القصر ومن هنا صارت الدراسة في مدارس التعليم العام لدينا هي الأقصر من بين دول العالم متقدمة ونامية ليس هذا فحسب بل مما يزيد الطين بلة هو تقطيع الدراسة وتجزئتها فكم من مناسبة تتوقف فيها الدراسة وكم إجازة تتوقف فيها المدارس وفوق هذا كم عدد أيامها؟... وحيث إن الحديث الإنشائي قد لا يجد قبولاً لدى القارئ الكريم وأن لغة الأرقام هي الدليل الأقوى الآن والمعول عليه فماذا تقول لغة الأرقام؟ بدأ العام الدراسي الماضي يوم السبت 13/6/1422ه وانتهى يوم الأربعاء 24/3/1423ه وهذه الفترة لا بأس بها لو كانت كلها دراسة ولكن هذه المدة تتضمن (72) يوماً إجازة أسبوعية (خميس وجمعة) مما يختصر المدة إلى 173 يوماً فقط. أضف إلى ذلك خمسة أيام قبل اختبارات الفصل بل أكثر وهو ما حصل فعلاً ويحصل قبيل اختبار الفصل الأول وكذلك الفصل الثاني كل عام. فيصير مجموع الأيام 163 يوما فقط!! وعشرة أيام قبل إجازة عيد الفطر كما حصل في رمضان الماضي فيصير العدد 153 يوماً فقط فإذا أضفت إجازة نصف السنة وهي بحدود 14 يوماً تصبح الدراسة الفعلية 140 يوماً وهي الأقصر بين دول العالم وهذا يعني أن مدارسنا تصير مغلقة مدة أترك القارئ الكريم أن يحسبها ليرى الهدر الكبير في ذلك وإن شاء أن أحسبها له فهي 225 يوماً فقط!! وحيث إن المقارنة مع دول أخرى قد تقرب الصورة أكثر وتكون أكثر موضوعية في الطرح نلاحظ كم عدد الأيام الدراسية في بعض الدول على النحو الآتي: تأتي الصين في طليعة الدول حيث إن معدل أيام الدراسة فيها 251 يوماً بعدها اليابان 253 يوماً ثم كوريا الجنوبية 220 يوماً ثم ألمانيا وروسيا 210 أيام ثم سويسرا 207 أيام ثم هولندا واستكلندا 200 يوم ومن الدول العربية مصر 200 يوماً بل إن البحرين وهي الأكثر سوءاً في المناخ من المملكة تفوقنا في عدد أيام الدراسة. فهل هناك مقارنة بين مدة الدراسة في مدارسنا وأي من الدول التي أشرت إليها. إنه لا وجه للمقارنة بأي حال من الأحوال والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تكون مدة الدراسة في مدارسنا الأقل من بين دول العالم سؤال مهم بحاجة الى إجابة؟ إني لا أدعو إلى إعادة النظر في السياسة التعليمية لأنها لا تحدد عدد ساعات الدراسة ولا علاقة لها ببداية العام ونهايته وإنما إلى إعادة النظر في تلك الإجازات المبالغ فيها وتهيئة المباني المدرسية من أجل أن تأتي مواكبة لما نحن مقدمون عليه ومتناسبة لما نطمح أن نصل إليه وغربلة المناهج وتطوير الأساليب التربوية لأن في إطالة اليوم الدراسي إعطاء وقت أطول للاستفادة مما قد يطرأ على العملية التعليمية من تطوير باستخدام التقنية الحديثة والوسائل التعليمية المتطورة التي تعليمنا في أمس الحاجة إليها. كما أني لا أدعو إلى إطالة اليوم الدراسي لمجرد الاطالة ومجاراة الدول المتقدمة التي أشرت إلى بعضها التي قد يفهمني خطأ بعض الإخوة من المعلمين إن لم يكن جلهم فيصبوا علي جام غضبهم متناسين أنهم أولياء أمور مثلما هم معلمون. أقول ليس هذا هو الهدف والمؤمل وإنما الهدف إن شاء الله هو المصلحة العامة. إن استمرار التعليم في مدارسنا على النحو الذي هو عليه من قصر في اليوم الدراسي والعام الدراسي شجع ويشجع على الدروس الخصوصية التي تضاهي الدراسة الفعلية بعدد ساعاتها إن لم تكن أكثر التي أثقلت كواهل أولياء الأمور وخربت الدور. كما ان في إطالة اليوم الدراسي وكذلك العام الدراسي سوف تحصل على الآتي: - منح المعلمين والمعلمات الوقت الكافي للشرح والمراجعة واستخدام الوسيلة التعليمية الاستخدام الأمثل لأن عرضها يتطلب وقتاً أطول. - إعطاء الطلاب والطالبات فرصة أطول لإنهاء واجباتهم اليومية قبل أن ينصرفوا إلى بيوتهم كما هو حاصل فعلاً في بعض المدارس الخاصة في بعض مناطق المملكة التي تطبق اليوم الدراسي الكامل إضافة الى أن الطلاب سوف يدرسون المنهج دراسة وافية مستوفية. - أيضاً فإن في إطالة اليوم الدراسي إعطاء متسع من الوقت للاستفادة من المنشآت الرياضية في المدارس وإعطاء الطلاب فرصاً أكبر للنشاط اللاصفي كما أنه سوف يساهم في الحد من الفراغ الذي قد ينشأ بعد انصراف الطلاب إلى بيوتهم مبكراً ومايترتب على ذلك من التسكع في الشوارع والطرقات واللف والدوران بالسيارات. - وأخيراً فإن في إطالة اليوم الدراسي الحد من ظاهرة خروج بعض أولياء الأمور أثناء الدوام بحجة إيصال أبنائهم وبناتهم إلى منازلهم والقليل منهم يرجع إلى مكتبه. وجهة نظر أطرحها للقائمين على التعليم الذي لا يغامرني أدنى شك في أنهم يسعون لما فيه الصالح العام ويعملون جاهدين ليل نهار للنهوض بالعملية التعليمية وكل ما من شأنه خير هذه البلاد وأهلها وبخاصة أجيال الغد والمستقبل. والله الموفق،،، للتواصل فاكس: 4410043 - ص.ب 56165 الرياض 11554