من أصعب الأمور على النفس البشرية الاعتراف بالخطأ والتراجع عنه، وتتحول هذه الظاهرة إلى واقع مأساوي في مجتمعات تحكمها عقائد مطلقة وتربية تجعل كل فرد يظن أنه يملك الحقيقة المطلقة ويمكنه من إصدار أحكام على أصغر القضايا وأكبرها، وتترسخ هذه الظاهرة في ظل غياب الديمقراطية والمؤسسات ونظام للمحاسبة ينطبق على الجميع، مما يسمح للفرد أو النظام بالتهرب من مسؤولية أعماله وإلقائها على كاهل طرف آخر. ما دعانا إلى الكلام السابق محاضرة لمحمود عباس أبو مازن» أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، و«عراب أوسلو» أمام رؤساء اللجان الشعبية في مخيمات قطاع غزة مؤخراً أكد فيها هذا الرجل أنه ما زال سادراً في غي مسيرته ونهجه رغم كل ما أفرزته السنوات العشر الماضية من مصائب وكوارث، حيث الانفصام الكامل وعدم التمييز بين الحقيقة والوهم..! فهل من المعقول أن يصدر عن أبي مازن ما لم يعد يصدر عن كثير من قادة العدو الإسرائيلي حول الشعب الفلسطيني وانتفاضته المباركة..؟! من أين جاءت لهذا الرجل الجرأة على تحميل شعبه نتائج العدوان الإسرائيلي من حالة الضياع والجوع والمعاناة التي يعاني منها هذا الشعب وذلك باتهام الفلسطينيين بعسكرة الانتفاضة وانحرافها عن مسارها الصحيح..؟! هل صحيح ما يتحدث به هذا الرجل عن نفسه من أنه يتميز في حديثه بصراحة تكون محرجة في بعض الأحيان «تربيت على هذه الأمور ولا أحب اللف والدوران، ورغم أنني اشتغلت في السياسة طويلاً، وكان علي أن أتعلم شيئاً من الدبلوماسية، ولكن في وضعنا الديبلوماسية لا تنفع ولا بد من قدر من الصراحة والوضوح مع النفس والآخرين». ما الذ يجعل أبا مازن ينحى هذا المنحى في تصريحاته ومواقفه الانهزامية التي أثارت البلبلة في عقول الكثيرين من المتابعين لمسيرة جهاد ونضال الشعب الفلسطيني..؟! للإجابة على هذا التساؤل السابق يجب علينا العودة إلى السنوات الأخيرة لهذا الرجل الذي كان حلمه أن يصبح مهندساً لكل ظروفه الاجتماعية وارتباطه بالثورة الفلسطينية منذ بدايتها حالت دون تحقيق أمنيته، وقد تحقق حلمه بعد أوسلو..!! فقد استغل هذا الرجل مفاوضات واشنطن الثنائية ليوجه وفداً فلسطينياً آخر ليتفاوض مع الإسرائيليين وبسرية تامة في «أوسلو» بالنرويج، ولم تمض إلا شهور قليلة على بدء التفاوض من خلال القناة الخلفية للمفاوضات «قناة أوسلو» حتى كان التوقيع بالأحرف الأولى في أوسلو على إعلان المبادئ الفلسطيني الإسرائيلي الذي أسس للتفاوض بين الجانبين لإنجاز الاتفاق المرحلي والمؤقت للحكم الذاتي في قطاع غزة والضفة الغربية، ومن ثم تم التوقيع عليه في حفل دولي كبير في 13 سبتمبر/أيلول عام 1993م في حديقة البيت الأبيض برعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وقد وقع الاتفاق عن الجانب الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن»، وقد أطلق عليه «مهندس اتفاق أوسلو»، وعن الجانب الإسرائيلي شيمون بيريز. بعد التوقيع قال أبومازن: إنه حقق شيئاً مهماً في حياته بإنجاز هذا الاتفاق حيث إن لقب «مهندس الاتفاق» يثير فيه الشعور بالاستمتاع في تحقيق حلمه أن يكون مهندساً.! وعن شعوره بعد توقيع الاتفاق يقول أبو مازن «أشعر انني أنجزت شيئاً مهماً في حياتي وليس أهم شيء في حياتي، وكان نتيجته أن رفع العلم الفلسطيني لأول مرة على جزء من فلسطين، ويمكن أن يمتد هذا العلم إلى أجزاء أخرى من الوطن، إن الشعب الفلسطيني بدأ رحلة الراحة النفسية والسياسية بعد عذاب استمر طيلة القرن الماضي، وهنا بداية أمور فلسطينية كثيرة وضعت على السكة والمطلوب دفعها من قبل المخلصين للوصول إلى المحطة النهائية: الدولة المستقلة ولا أقول إننا صنعنا حدثاً تاريخياً لكننا على أبواب التاريخ». لقد سلطت اتفاقية أوسلو الأضواء على أبي مازن وكشفت النقاب عن خيوط اتصال حاكها منذ عقدين مع شخصيات يهودية وعسكرية يعتبرها من أنصار السلام. في اجتماع المجلس المركزي الذي عقد لمناقشة اتفاق غزة أريحا أولاً والتصويت عليه يومي 10 و 11 أكتوبر 1993م بتونس أعلن أبو مازن بأن «ما تم التوصل إليه يحمل في بطنه دولة أو تكريس الاحتلال، وهذا يتوقف على أسلوبنا في التعامل معه، عقل الثورة غير عقل الدولة، علينا أن نلبس ثوباً جديداً..!! ونسي أبو مازن كل أبحاثه عن الصهيونية في غمرة فرحته بالاتفاق الذي وقعه في واشنطن..! وتساءل البعض: أي مقامرة هذه بنضال شعب لأكثر من قرن تنتهي إما بدولة هي في حقيقتها «دويلة» على جزء صغير من الوطن، وإما بتكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين كلها.؟! أي شكل يأخذه هذا الثوب الجديد؟ وأية مفاهيم غذي بها عقل الدولة الذي يحل محل عقل الثورة..؟! ولم يستمر التساؤل كثيراً فقد كان أبو مازن دائب الدعوة إلى الانفراد الفلسطيني في التسوية بعيداً عن التنسيق العربي الذي له رأي سيىء فيه، وإلى التفاهم المباشر مع العدو الصهيوني والعمل لكسب ثقته كي يعطينا بعض حقوقنا والتعاون من ثم معه ليكون للدولة الفلسطينية دورها في المنطقة، وقد طرح مراراً في تصريحاته فكرة «كونفدرالية مع إسرائيل»..! لقد اعتبر أبو مازن اتفاق أوسلو وما تبعه من اتفاقيات هو ذروة انتصار السياسة التي دافع عنها ومهد الطريق لنجاحها منذ أن قام بالدعوة إلى كسر المحرمات واختراق «التابوت» الذي يحيط بإسرائيل، لذلك فكل ما يصدر عنه من تصريحات ومواقف بعد «أوسلو» تؤكد أنه من «المؤمنين» حتى النخاع فيما يقوله، لدرجة الاعتقاد بأنه من خلال هذا الاتفاق أعطى شعب فلسطين الفرصة ليقيم دولته المستقلة، وأنه إذا فشل في ذلك فسيكون الشعب هو المسؤول عن ذلك..!! حين نوقشت أفكار الحل النهائي للقضية الفلسطينية أثناء حكومة حزب العمل التي وقعت اتفاق أوسلو، فإن الأفكار التي تبلورت في وثيقة ذاعت أخبارها في عام 1995م قبل أربعة أيام من قتل «اسحاق رابين» وتبين أن الطرف الفلسطيني الذي شارك في إعداد الوثيقة لم يكن سوى أبي مازن، حتى إن الوثيقة عرفت بعدها بوثيقة «بيلين أبو مازن». وجرى الكشف عن هذه الوثيقة في فبراير 1996م وذلك عبر صحيفة هآرتس الإسرائيلية وفسر الكشف عن هذه الوثيقة في حينها كهدف لاستغلالها في الحملة الانتخابية ضد حزب العمل باعتبارها توافق على قيام دولة فلسطينية مستقلة، عندها سارع شيمون بيريز وأبو مازن إلى نفي وجودها. والتدقيق في هذه الوثيقة نجد أنها تنسف الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية رغم أنها تقترح حلولاً لقضايا المفاوضات النهائية حول القضية الفلسطينية يجري تقديمها إعلامياً بطريقة مثلى تتناقض مع مضمونها الحقيقي. وقد رفضت حركة فتح هذه الوثيقة وقالت: إن الشعب الفلسطيني يعتبر أن ما ورد في هذه الوثيقة مرفوض ومضلل، وأن الفلسطينيين يرفضون ما ينشر حول اتفاقيات سرية مع حزب العمل تفرط في القدس وتضع بديلاً لها في «أبو ديس» وتبقي على المستوطنات القائمة وكأنها حق مشروع ومكتسب للصهاينة وتلغي حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين. العديد من الفلسطينيين طالب القيادة بإبعاد أبي مازن عن المفاوضات حول التسوية الدائمة مع إسرائيل، لأنه أصبح ملزماً من الناحية الشكلية بالتنازلات التي قدمها في مسودة اتفاقه مع بيلين ومنها التنازل عن القدس، وهو ما حدا الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات أن يضع وزير الإعلام ياسر عبد ربه على رأس طاقم المفاوضات الدائمة. وبعد مرور خمس سنوات على توقيع أوسلو أكد أبو مازن بأن خداع الذات والكذب على أبناء شعبه ما زال مستمراً.! فقد أدلى بتصريح صحفي قال فيه: إن اتفاق أوسلو كان التتويج الأهم لنضال الشعب الفلسطيني على مدى القرن العشرين لأن هذا الاتفاق هو الذي ثبت الشعب الفلسطيني على الخارطة السياسية بعدما تقرر شطبه منذ مطلع القرن، إن أهمية أوسلو أنها كرست وجود الشعب الفلسطيني على أرضه وفرضت على أمريكا وإسرائيل الاعتراف به وبمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب.! لقد استلب أبو مازن من شعب فلسطين كل جهاده ونضاله وتضحياته، وحرم شهداءه من شرف الشهادة، لأن هؤلاء وليس اتفاق أوسلو هم الذين كرسوا بقاء الشعب على أرضه، ودافعوا عنه ولا يزالون، واعتبر أن اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير بعد تجويفها من مضمونها السياسي هو «تتويج» نضال الشعب الفلسطيني خلال 100 عام، وتجاهل أبو مازن الثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني في رسالة الرئيس عرفات إلى رابين في 9 أيلول/سبتمبر 1993م التي أعلن فيها أن «منظمة التحرير تنبذ استخدام الإرهاب وغيره من أعمال العنف وستتحمل المسؤولية عن كل عناصر المنظمة وأفرادها كي تضمن امتثالهم وتمنع العنف وتودب المخالفين»..!!. وهو ما فسره رابين على موافقة المنظمة على استمرار اعتقاله للآلاف من خيرة أبناء شعبنا.! بعد مفاوضات واي بلانتيشن في أكتوبر 1998م تجاهل أبو مازن السجل المجلل بالدم والمسكون بالكراهية والبغض للسفاح ارييل شارون «الذي رفض مصافحة عرفات الملوثة يده بالدم الإسرائيلي..!!»، حرص أبو مازن على أن يبيع للفلسطينيين والعرب «شارون الطيب الذي تغير والذي لم يعد ذلك الرجل الذي عرفناه في «صبرا وشاتيلا»، وأن الرجل عادي وخارج المفاوضات يصبح أقرب إلى الفلاح منه إلى العسكري، وأنه عَبر أي شارون عن تقديره للإنسان الفلسطيني»..!! في نفس اليوم الذي بشرنا فيه أبو مازن بولادة جديدة للسفاح شارون أصدر شارون الطيب نداء للمستوطنين حثهم فيه على الاستيلاء على المزيد من الأراضي قائلاً «الكل يجب أن يتحرك.. أن يركض.. أن يسيطر على المزيد من التلال.. سنوسع المنطقة.. كل ما نمسك به سيكون ملكنا.. وكل ما نستولي عليه سينتهي به الأمر في أيدينا.. هذا هو ما سيكون.. وما يجب أن يكون!». بعد أيام قليلة من انطلاق انتفاضة الأقصى المباركة في 28/9/2000م خرج علينا أبو مازن بتصريح أثار استياء واستنكار كل فلسطيني وعربي ومسلم الذي رأى في الانتفاضة البطولية تعبيراً حياً وصادقاً عن رفض الاحتلال وكل ما يعنيه وما يمثله، حيث أعلن أبو مازن بأن الانتفاضة الفلسطينية لن تحقق نصراً بل هي رسالة للإسرائيليين بأنهم يجب ألا يفكروا بهذه الصورة في رفض تطبيق الشرعية الدولية، ثم زاد على ذلك بالقول بأن الفلسطينيين لا تراودهم الأوهام بصدد انحياز أمريكا إلى إسرائيل ومع ذلك فنحن نتمسك بأمريكا كوسيط! نعود إلى مسلسل تساقط «عراب أوسلو» في محاضرته الأخيرة في غزة التي اتهم فيها أبطال الانتفاضة بالوقوع في الأخطاء من خلال «عسكرة الانتفاضة» من خلال العمليات الاستشهادية التي دفعت شارون إلى الاستمرار في عدوانه..!! إنها نفس النغمة التي رددتها جوقة المتساقطين من بعض النخب السياسية والثقافية الفلسطينية والعربية الذين عميت قلوبهم وفسدت ضمائرهم في تشويه العمليات الاستشهادية والتنديد بأبطالها، والتسابق على تشويه وتسفيه تاريخ جهاد ونضال الشعب الفلسطيني، والمطالبة بتجريد الفلسطينيين من السلاح الوحيد الذي تبقى لهم، و غضوا الطرف عن حرب الإبادة والتطهير العرقي والفصل العنصري كل الجرائم اليومية البشعة التي يرتكبها العدو الإسرائلي ضد أبناء شعبهم.! حيث وصف أبو مازن العمليات الاستشهادية بالتناقض مع المصلحة الفلسطينية العليا، وأن العدو الإسرائيلي أخذ من هذه العمليات ذريعة لقصف المدن الفلسطينية وتدمير مقرات ومؤسسات السلطة في هذه الأيام التي يتم فيها بناء الدولة الفلسطينية..!! وتناسى أبو مازن عن سابق إصرار وسوء نية أن الاحتلال الإسرائيلي هو أساس الداء ومصدر البلاء، وأن العمليات الاستشهادية هي السلاح الوحيد الذي أوجع الحكومية الإسرائيلية وحلفاءها، وضرب المشروع الصهيوني الذي يعتمد على استقدام اليهود من شتى بقاع العالم إلى «أرض الميعاد» حيث الأمن والأمان في الصميم، وزلزل منظومة العدو الأمنية والحربية التي تعتمد على نقل المعركة إلى أرض العدو، وأوصل إلى الجميع رسالة الغضب الفلسطيني باللغة التي يفهمونها، وهو ما يفسر لنا إصرارهم على لوم الضحية دون الجلاد، ووصف أبطال العمليات الاستشهادية بالانتحاريين حيناً، وبالإرهابيين في أحيان أخرى كثيرة، هذا الإصرار ليس له إلا معنى واحد هو أنهم يريدون أن يجردوا العرب والمسلمين من السلاح الوحيد الذي تبقى لهم للدفاع عن شرف أمتهم وكرامتها، لكي ينفتح الطريق لكسر إرادتهم وتركيعهم..! ولم يقرأ أبو مازن شهادة الكاتب الأمريكي اليهودي الأصل توماس فريدمان المقرب للبيت الأبيض ومن دوائر حزب الليكود في إسرائيل حيث قال: «لقد أدت الانفجارات الانتحارية خلال شهرين متواصلين إلى قلب البلد (يقصد إسرائيل) رأساً على عقب، وأفقدت إسرائيل الشعور بالأمن أكثر من عمل أي جيش عربي خلال الخمسين سنة الماضية، في الوقت نفسه فإنها جعلت الإسرائيليين أكثر استعداداً من أي وقت مضى للتخلي عن الأراضي الفلسطينية». إن أبا مازن يدرك تماماً أن العمليات الاستشهادية وإنما هي فعل شعبي مسلح له أهداف واضحة المعالم مهما صعبت وطالت الطريق وزادت الأهوال، لذلك يجب الحفاظ على هذا السلاح الموجع، وعدم التفريط فيه، ومقاومة كل محاولة لتجريد الانتفاضة منه، ومع ذلك فإنه يتهم أبطال هذه العمليات بالانحراف عن المسار الصحيح، وتناسى هذا الرجل أيضاً - بأنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الانتفاضة سقط أكثر من 300 شهيد وأكثر من 5000 جريح برصاص العدو الإسرائيلي ولم تكن هناك عمليات استشهادية..!! إن تصريحات أبا مازن لم تشكل مفاجأة لكل من عرف الرجل وخاصة بعد الحديث عن طرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، فالرجل استقر في محطة لا يرى من نافذتها غير مشهد واحد يتعلق بالخلافة التي لا ترد إلا في تصريحات المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين..!! وفي غياب الرموز التاريخيين لحركة فتح اما بالاغتيال أو بالموت أو بالإبعاد، فإن أبا مازن يعتبر نفسه مرشحاً أول لخلافة ياسر عرفات، وعندما يبدأ الحديث الذي يكون إسرائيلياً في العادة عن خلافة عرفات يظهر أبو مازن على الواجهة وتبدأ تصريحاته المثيرة..!! في مفاوضات كامب ديفيد الثانية في شهر يوليو/تموز 2000م وموقف الوفد الفلسطيني الصلب والرافض للتنازل عن الثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها القدس واللاجئون، خرجت أصوات إسرائيلية تنادي بالبحث عن شريك فلسطيني في عملية السلام غير عرفات، وبعد زيارة شارون الطيب إلى المسجد الأقصى وقيام الفلسطينيين الأشرار - بالتصدي له في انتفاضة مباركة أعلن إيهود باراك بأنه سئم من عرفات وأن الجانبين الأمريكي والإسرائيلي قد بدأ العمل للتحضير لمرحلة بعد عرفات وأن الوقت قد حان للتخلص من الزعيم الفلسطيني الذي قلب التوقعات الأمريكية والإسرائيلية! وبعد الاجتياح الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية 29/3/2000م خرجت الأصوات الأمريكية والإسرائيلية للمطالبة بتغيير القيادة الفلسطينية بقيادة جديدة تقبل ما تمليه عليها الحكومة الإسرائيلية.! هل المطلوب لخلافة عرفات أن نشكك في أنبل ظاهرة عرفتها الأمة العربية والإسلامية لنحوز على رضا شارون وتابعه بنيامين نتنياهو؟ إن عزاءنا في تصريحات أبي مازن وأمام كل مظاهر العجز والتخاذل والاستسلام وجود هذا الزخم الجهادي في صدور أبناء شعبنا الفلسطيني، وهذا الكم الهائل من أبطال العمليات الاستشهادية قافلة بعد قافلة، وجيلاً بعد جيل، الذين يوجهون بنادقهم دوماً صوب العدو الصهيوني، والذين يؤمنون بأن الانتفاضة التي قامت من أجل مقاومة الاحتلال الصهيوني لا يمكن أن تساوم على حقها الكامل في ضرورة محاربة هذا الاحتلال ومطارته ودحر فلسفته التوسعية البدائية القائمة على استئصال الآخر..! وعزاؤنا أيضاً بأن هذا الشعب لا يمكن التنبؤ بما يفعل، فبعد ظهور العديد من الأقاويل الأجنبية والعربية وحتى الفلسطينية باستكانة الشعب الفلسطيني وأن إسرائيل أصبحت قدراً وسيفاً مسلطاً على رقبته، جاءت انتفاضة الأقصى المباركة لتكون الرد القاطع والحاسم على إفرازات أوسلو وكل السموم التي ينفذها المتخاذلون والمتشائمون الذين لا يقدرون عظمة شعب يسجل في كل ساعة صفحات جديدة من البطولة لجحافل المحتلين حتى أصبح مثلاً بطولياً لكل الأحرار والشرفاء في العالم الذين يتطلعون بإعجاب وتقدير لصمود الشعب الفلسطيني وعظم تحدياته وتصديه الباسل لقوات العدو المدججة بأحدث الأسلحة ومختلف أنواعها، بينما لا يملك من السلاح غير الإرادة والدم والإيمان المطلق بعدالة قضيته وحقه الوطني في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. a_abuhashim@hotmail .com