بمناسبة إنشاء وزارة لشؤون المياه وإسناد مهامها لمعالي الدكتور غازي القصيبي الذي عرف عنه أنه رجل المهمات الصعبة سواء كان ذلك على مستوى الوزارات التنفيذية أو المواقف الدبلوماسية في العلاقات الدولية، وقد عادت بي الذاكرة عندما أحدثت وزارة الصناعة والكهرباء وقتها أتذكر إذا لم تخني الذاكرة أن أول لقاء لمعاليه كان مع سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير الذي هو الآخر يمتلك رؤية بعيدة الأفق باعتباره خاض بدوره ركائز وقواعد التنمية في أصعب منطقة في المملكة في تضاريسها الجغرافية وحقق نجاحاً باهراً يرى بالعين المشهودة حالياً، وكان ذلك اللقاء المقدمة الأولى في تبني المشاريع الكهربائية العملاقة واللبنة الأولى متجهة نحو الجنوب ممثلة في الكهرباء المركزي لكل من عسير والباحة وجازان، ثم توالت بعد ذلك في بقية مناطق المملكة وها هي اليوم تؤدي خدماتها بعموم مدن وقرى وهجر المملكة. وأعتقد أن معاليه أول وزير يعود للمرة الثانية لتسلُّم مهام وزارة أخرى في تاريخ نظام الوزراء، وعلى أي حال فمشكلة المياه بالنسبة للمملكة بوجه عام هي في وقتنا الحاضر من المعضلات الاستراتيجية التي يمكن المبادرة لها بوضع التخطيط السليم والحلول الممكنة على مدى القرون القادمة وليست السنوات فقط وقد أصبحت حتى مشكلة اقليمية على مستوى الشرق الأوسط قاطبة وربما تؤدي يوما من الأيام لا سمح الله إلى ما يسمى بحروب المياه وقد عرف عن هذه الجزيرة العربية أنها بلد الجدب والقحط منذ تاريخها وأكبر دليل على ذلك ما ورد بالقرآن الحكيم على لسان النبي إبراهيم عليه السلام {رّبَّنّا إنٌَي أّسًكّنتٍ مٌن ذٍرٌَيَّتٌي بٌوّادُ غّيًرٌ ذٌي زّرًعُ (37)}، وطبعاً هي مكةالمكرمة التي تعتبر قلب الجزيرة العربية النابض بقدسيتها الروحية والايمانية، ونعود هنا لمحور هذه المشكلة المائية المتفاقمة، فهناك مناطق كبيرة من هذه المملكة الشاسعة تمتلك في نظري أكبر مخزون جوفي للمياه ولاسيما سهولها وسواحلها ألا وهي منطقة جازان هذه المياه الجوفية نتيجة هطول الأمطار الموسمية وغيرها على مرتفعات السراة والتي سرعان ما تتحول إلى تلك الجهات عبر العديد من الأودية التي يعتبر وادي بيش من أضخمها وأكبرها في المملكة، وقد أخذ في الاعتبار أخيراً ولاسيما بعد تسلم سمو أمير منطقة جازان مهام عمله هناك إنشاء أكبر سد عملاق على هذا الوادي المخيف وأتمنى من هذا الوزير المخضرم أن يعيد تجربته الناجحة الأولى في منطقة عسير أن يكررها ثانية من منطقة جازان للأسباب المشار إليها باعتبارها تمتلك أكبر مقومات المياه على مستوى المملكة، وكذلك مياه التحلية إذا أخذ ذلك في الحسبان بإقامتها كون بعض تلك المرتفعات في شرق جازان في أشد ويلات الحاجة لمياه الشرب لصعوبة وسائل الامدادات والموصلات.. إذاً هذه خاطرة أردت في هذه المقالة المتواضعة إرسالها لمعالي الدكتور غازي القصيبي بمناسبة تسلمه مهام عمله الجديد في هذه الوزارة الجديدة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.