علم الدلالة، و(نظرية التلقي) ضربتا رقما قياسياً في التوسع والعمق والشمول، والإحالة، ومبعث هذا الاهتمام تنقل مركز الكون النقدي من المنتج إلى النص، ومنه إلى المتلقي. هناك طائفة من النقاد مندفعة ومنبهرة ومثيرة تلغي ماسلف، وتضخم ماخلف. وكأن المشاهد لاتتسع إلا لصوت واحد. ولهذا استدعيت دعوى (موت المؤلف) ودعوى (المابعديات). هذا الاستهلال لتأكيد معيتي للمستجدات دون تنكر للماقبليات الثقافة، والعلم تراكم لا نفي، ومنفي. النص يتكون من حروف فكلمة، فجملة نحوية فعبارة فأسلوب. المبدع للنص يراعي ضوابط النحاة، والصرفيين، والبلاغيين. وضوابط الفنون القصة والرواية والمقالة، وكل فن له ضوابطه، ومحققاته التي لاتتعارض مع التجديد. الحداثة الفكرية مارست الانقطاع وألغت الضوابط، وتعمدت الأسطرة والغموض. النص كيان مستقل يبدو للمتلقي بحمولته: الدلالية والجمالية. ولكل جملة في النص (كلمة ) تشكل مركز الدلالة. ودعك من الدلالة السياقية التي غفل عنها كثير من الدارسين والنقاد، كآية الأنعام والخيل والبغال والحمير إذ فصل بين المأكول والمركوب فقط. إذا أردنا (زيدا) محوريا قلنا: زيد يصلي، وإذا أردنا الصلاة محورية قلنا: يصلي زيد. والأقوى محورية مايأتي مثبتا بعد نفي:- (إن أنت إلا نذير). تدبر آي الذكر الحكيم يجلي هذه الخاصية بشكل واضح. القسم في القرآن يلفت إلى محور الدلالة، المقسم به يمثل المحورية:- (والسماء والطارق) الطارق هومحور الدلالة ولهذا كرسها بالتساؤل:- (وما أدراك ما الطارق) والظروف لايكون إلا ليلا معاني ودلالات يمسك بعضها برقاب بعض، وذلك سر الإعجاز الدلالي في الذكر الحكيم. أي الحاكم المحكم.