قال عالم الفيزياء البريطاني الشهير، ستيفن هوكينغ، لهيئة الإذاعة البريطانية إن قرار الرئيس الأميركي الانسحاب من المعركة العالمية ضد تغيّر المناخ يمكن أن يحول جو الأرض ليماثل الجو المحيط بكوكب الزهرة، وفي مقدمة كتابه مدوناً في طبعته الأولى قائلاً: «إننا نمضي في حياتنا اليومية ونحن لا نكاد نفهم شيئاً عن العالم، فنحن لا نفكر إلا قليلاً في آليات النظام، الذي يولد ضوء الشمس الذي يجعل الحياة ممكنة، أو في الجاذبية التي تلصقنا بالأرض ولولا ذلك لكانت سترسلنا لندور ملتفين في الفضاء أو في الذرات التي صُنعنا منها ونعتمد أساساً على استقرارها». وأضاف هوكينغ، في مقابلة له: «إننا على مقربة من نقطة تحول سوف يكون الاحتباس الحراري عندها لا رجعة فيه». وأن «تصرف ترامب يمكن أن يزج بالأرض إلى الهاوية، لتصبح مثل الزهرة، التي تصل حرارتها إلى 250 درجة مئوية وتمطر حامض الكبريتيك». في محاولة لإبلاغ العالم بأن الجهود لا بد أن تُبذل لمواجهة التغيّر المناخي، وفي هذا المجال تقوم المملكة العربية السعودية بدور كبير عن طريق التعاون مع حلفائها الدوليين على المستوى الدولي في مكافحة التغيّر المناخي. ففي نوفمبر 2016، أيدت المملكة العربية السعودية اتفاقية باريس بشكل رسمي، وهي اتفاقية تدعو لاتحاد كل البلدان من أجل مكافحة مشكلة التغيّر المناخي، والتخفيف من حدتها. في الواقع هذه الجهود المحلية والدولية لها أهمية كبيرة، وقد أدرك عدد كبير من الدول أن الإدارة المحلية هي خط الدفاع الأول في قضية التغيّر المناخي، لهذا فقد طورت هذه الدول سياسات إقليمية ومحلية بهدف تعزيز الجهود المحلية لهذه الإدارات، وإذا ما نحن سعينا إلى تحديد الأهمية وعلاقتنا بالعالم فلن نكون قطعاً بمعزل عنه، وقد نجحت المملكة في إدراك هذه التحديات وتعريفها عبر برامج شاملة، حيث أطلقت المملكة مؤخراً «رؤية 2030»، والذي قامت فيها بخفض اعتمادها التقليدي على النفط بشكل كبير، مما يمكن أن يساعد المملكة على تحويل اقتصادها إلى اقتصاد صديق للبيئة بشكل أكبر، وخفض درجة تمركزه حول النفط. كما تهدف المملكة إلى خفض انبعاثات الكربون السنوية لتصل إلى 130 مليون طن بحلول عام 2030م عبر الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، بما في ذلك مشاريع الطاقة الشمسية، وهذا الدليل يأتي ليعضد إحساسنا جميعاً بأن كثير من التحديات البيئية، مثل التصحّر، على نحو «يشكِّل تهديدًا اقتصاديًا للمنطقة»، وخسائر مادية تقدَّر ب 13 مليار دولار تستنزف من العواصف الرملية في المنطقة كل سنة. وأعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إطلاق مبادرتين لمواجهة التغيّر المناخي. وعلى كل المستويات لزيادة دورها في حل مشكلة التغيّر المناخي. تقترح النماذج المطبّقة في الدول الأخرى على أن نبدأ باستعراض البيئة الحضرية والتغيّر المناخي وفقاً لتأثيرهما على بعضهما البعض. وهذا المنظور سيجعل ممارسات التخطيط الحضري أكثر تكاملاً وشمولاً في التعامل مع الآثار البيئية المحتملة مثل التخطيط لاستخدامات الأراضي، وتصميم وسائل النقل، وإدارة موارد المياه، والتنمية الخضراء الصديقة للبيئة، والصحة العامة وتقديم الخدمات. وبالطبع هناك فرصة كبيرة للمحلّيات كي تشارك في زيادة الوعي العام بمشكلة التغيّر المناخي، والجهود المحلية المبذولة لخفض آثار هذه المشكلة، ومحاولة التأقلم معها بالإضافة إلى إمكانية تقديمها يد العون للمجتمعات في قضية التأقلم مع أساليب الحياة الموفّرة للطاقة، وخفض الانبعاثات الكربونية على المستوى الأسري. وفي مبادرة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للشرق الأوسط الأخضر بالشراكة مع دول المنطقة التي تهدف لزراعة 50 مليار شجرة كأكبر برنامج إعادة تشجير في العالم»، وقد كشف عن البرنامج الطموح الذي يهدف لزراعة عشرة مليارات شجرة بالمملكة خلال العقود القادمة فضلاً عن التعاون مع دول عربية أخرى لزراعة 40 مليار شجرة أخرى لخفض انبعاثات الكربون ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي. ومن المقرر حضور قمة المناخ الافتراضية في 22 و23 أبريل - نيسان، بموجب دعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي سيستضيف الملك سلمان -حفظه الله- وهذا هو الاتجاه الذي تتجه نحوه في الواقع جميع الدول للوصول للإجراءات التي تساهم بها، ومبادرة ولي العهد تهدف أيضاً «إلى تعزيز كفاءة إنتاج النفط، وزيادة مساهمة الطاقة المتجددة، إضافة إلى جهود متعددة للحفاظ على البيئة البحرية والساحلية وزيادة نسبة المحميات الطبيعية». وتعد «مبادرة السعودية الخضراء» جزءاً من رؤية 2030 لخفض اعتماد المملكة على عائدات النفط وتحسين جودة الحياة بالبلاد ومع ذلك، توجد أحداث كثيرة بعيدة الاحتمال لكنها قابلة للتحقق إلى درجة أن بعضها يأتي بالضرورة، ونجد له تفسير ومعنى عطفاً على ما تبذله المملكة لمواجهة أزمة التغيّر المناخي، ونحن نسعى دوماً إلى إعطاء معنى للعالم المحيط بنا.