فى يوم السبت 15 / 7 / 1442ه الموافق 27 / 2 / 2021م وبعد صلاة العصر ودعنا إلى رحمة الله ابن الخالة الصادق المحبوب الرجل الذي عاش طوال حياته يجود بما تجود به يمينه إنه المرحوم صالح السليمان السلطان الجربوع الذي فاضت روحه إلى بارئها يوم الجمعة 14 / 7 / 1442ه الموافق 26 / 2 / 2021م بعد أن عاش في هذه الحياة حوالي ثمانين حولا قضى أكثرها بمدينة الرياض وكانت ولادته بمدينة بريدة وقد تكون في 1355ه عاش فيها طفولته وجزءا من شبابه بين اليسر والعسر. والمرحوم ينتسب إلى أسرة الجربوع القاطنين في بريدة وهم أهل شهامة وكرم عرفت منهم شخصيات لا يزال ذكرهم بين الأحياء حتى بعد وفاتهم منهم المرحوم الشيخ إبراهيم السليمان الجربوع ذو عقل راجح عندما يتكلم ينصت الجميع لكلامه صاحب رأى وهيبة خبير بمعرفة الطرق التى يسلكها ولا يمكن أن تتيه أو تضيع وأنت رفيقه بالسفر والمرحوم الشيخ إبراهيم الجربوع يحب الخير للجميع ومن الذين {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}، ومن الذين يطعمون الطعام والناس نيام، وكذلك أخوه المرحوم الشيخ عبدالله سليمان الجربوع الذي يعرف المواقع عن طريق النجوم ويحدد المكان الذي يمكن أن تعبره أثناء رحلتك ولا يمكن بوصفه عنه تحيد. وكان رحمه الله حريصا على معرفة الأشياء، ومنهم المرحوم ابنه الأستاذ فهد العبدالله الجربوع مديري أثناء دراستي بالمرحلة الابتدائية وأثناء عملي معلما بالمدرسة الفيصلية الابتدائية ببريدة والذي ينفق بالليل والنهار ويقصده الفقراء والمساكين وعابرو السبيل خاصة وقت الدوام فيعطي هذا ويتصدق على ذاك، ومنهم المرحوم الشيخ سليمان الجربوع المعروف ب(الشراري) الذي ولد ببريدة وعاش طفولته وشبابه بين بريدة وبلاد الشام والعراق وفلسطين ومصر متنقلا مع تجار العقيلات، ثم سكن الرياض وأخيرًا استقر به المقام بالمدينةالمنورة ولم ينقطع عن مسقط رأسه بريدة حتى وفاته بالمدينةالمنورة والتي كانت من البقع المباركة عليه وعلى أولاده، وقد عرف عنه الزهد وحب المساكين، وجمع الشمل، فكان له مضياف يستقبل فيه القصمان، وأهل المدينة ووجهاء وأعيان المملكة، وكان محبوبًا عند الجميع خاصة أهل المدينة يقضى حوائجهم، وينفس كروبات الزوار والمعتمرين من المسلمين. بدأ المرحوم أبو عبدالله بالعمل الجاد في ريعان شبابه، وآخر أيام طفولته مثله مثل أبناء جيله، الذين عاصروه في ذلك الزمن، وهم من قست عليهم الحياة، وأجبرتهم على الأعمال الشاقة، فعملوا بكل جد ونشاط معتمدين على أنفسهم، متوكلين على خالقهم، مشاركين بمصاريف أهلهم. وكان أبو عبدالله واحدًا منهم يعمل عند أبناء عمه، الذين اشتهروا مع العقيلات بتجارة الإبل، والخيل، والأغنام، وبالبيع والشراء والمتاجرة بها، داخل المملكة وخارجها بالعراق، والشام وفلسطين ومصر، والتي استمرت تجارة رابحة لسكان بريدة خاصة، والقصيم عامة، واشتهرت بها أسر كثيرة من سكان المنطقة حتى الثمانينات الهجرية. ومع مرور السنوات ترك أغلبهم التجارة، والمتاجرة، مع الدول المجاورة بالإبل والخيل والأغنام وتحولت تجارة الإبل والخيل والماشية إلى تجارة داخلية في السبعينيات، وأخذ المواطنون يتجهون إلى وظائف الدولة، ويلحقون أبناءهم بالمدارس الحكومية مع بداية تصدير النفط، والاعتماد عليه كمصدر من مصادر التجارة، والصناعة الداخلية والخارجية للمملكة. والمرحوم أبو عبدالله كان يعمل مع أصحابه منذ صغره فكان من ضمن الذين يوردون الإبل، والغنم إلى السوق للحراج عليها بميدان الجردة، ومن ثم العودة بها إلى مكان مبيت الإبل والماشية، وفي الصباح الباكر يردونها إلى السوق لجلبها، وكان يعمل كل يوم من أول النهار حتى الضحى، وكان واحد من الأشخاص الذين يركبون الخيول والإبل ويروضونها. ظل يعمل مع أبناء عمومته بهذه المهنة وكان يصرف على والدته وأمها منذ صغره، وكان عفى الله عنهما هو العائل الوحيد لهما لكون والده رحمه الله يتنقل بالغربية، يبيع مع العقيلات ويشتري ومن ثم انتقل إلى مصر، وانقطعت أخباره عنهم لسنوات طويلة حتى أنهم فقدوا الأمل منه في وقت لم يكن فيه وسائل تواصل ولا اتصال بين الدول فلا تليفونات، ولا جوالات ولا حتى برقيات بل كل شيء بالذكر. لم يستمر المرحوم صالح السليمان الجربوع (أبو عبدالله) بالعمل عند أبناء عمه (إبراهيم وعبدالله وصالح، لكون الأجرة التي يحصل عليها غير كافية، وفي الغالب تكون الأجرة مقتصرة على الأكل والشرب للعامل عند الكثير من الأسرة في ذلك الزمن فالحياة قاسية، والقليل من يحصل على راتب زيادة على الأكل والشرب. ومن أجل ذلك ترك المرحوم أبو عبدالله العمل في بريدة حين اشتد عوده وسافر إلى الرياض وقد يكون ضمن الجيل الأول من أهل بريدة الذين استقروا بمدينة الرياض وكان ذلك قبل وفاة الملك عبدالعزيز بحوالي خمس سنوات أي ما يقارب عام 1368ه وهناك بدأ يعمل في زمن كانت الرياض تستقطب المواطنين للعمل لتوفر الأعمال فيها أكثر من بقية مدن المملكة والحصول على العمل قد يتيسر وقد تفي الأجرة التي يحصل عليها الشخص ببعض متطلبات الحياة. ظل مستقرًا بالرياض يعمل كغيره من المواطنين وكان مجال عمله بالرياض بالسيارات وتمكن بتوفيق من الله من فتح ورشة لتصليح ولحام السيارات وفق فيها وكانت البداية بشارع الريل ثم بالصناعية الأولى بشرق الرياض وكانت تدر عليه أرباحًا كثيرة حتى أنه تمكن من توظيف أكثر من عامل وتمكن بفضل الله من إحضار والدته وأخيه سليمان الصالح الرميان أخيه من أمه بعد استئذان زوجها الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد الذى قد تزوج بزوجة ثانية فاطمة المطوع من أسر عنيزة الكبيرة التي أنجبت له ذرية صالحة نسأل الله لهم النجاح والتوفيق. كانت زوجته حصة عبدالمحسن الغنام أم المرحوم صالح فأل خير وبركة عليه وعلى أولاده وكان هو الآخر فأل خير وبركة عليها فحين قدم المرحوم الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد من مصر للعمل معلما بمعهد بريدة العلمي عام 1376ه توفيت زوجته أم محمد ببريدة والتي يذكرها الشيخ عبدالقادر ويترحم عليها دائما طوال حياته وهي أم ولده الشيخ محمد ووالدة بناته عزيزة ونورة وسمية وطفلة توفيت وهي بالمهاد فضاقت عليه الأرض بما رحبت فأصر على الزواج من امرأة من أهل بريدة والتي أحب أهلها وأحبوه لتقوم بخدمته وخدمة أطفاله الصغار الذين لم يتجاوز عمر الكبير منهم سبع سنوات وذكرت له أم صالح حصة العبدالمحسن الغنام عليها رحمه الله والتي تدعو ربها صباحا ومساء أن يوفقها بزوج عنده أيتام لتخدمهم وتقدم لخطبتها فوافقت على الزواج من الشيخ عبدالقادر وكأن مقولة عمر بن الخطاب انطبقت على الزوجين (نزلنا الكوفة بليل فنزل الأخيار على الأخيار) مع اختلاف المكان. وفق الله الزوجين ووفق الله الصغار الذين فقدوا والدتهم بوالدة لم تلدهم ولكنها بذلت الكثير والكثير من أجل تربيتهم وإسعادهم فكانت تعطف عليهم وتقوم بالواجب الذي تخاف أن تسأل عنه {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، وكانوا يعتبرونها أما لهم وينادونها إلى يومنا هذا بوالدتهم وقد عاشوا معها حتى وفاتها وكأنها والدة لهم بل كانت تقوم بأدوار عظيمة تجاه زوجها وأولاده نحسبها والله حسيبها من الذين قال عنهم عليه الصلاة والسلام في حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة». تولد عن هذا الزواج والحب والإخلاص والتربية العظيمة التى قدمتها أم صالح لزوجها الشيخ عبدالقادر وأبنائه أن تقدمت الزوجة لزوجها بطلب ابنته الثانية نورة لتكون زوجة لابنها صالح فوافق بعد موافقة البنت التى لم تتردد بالموافقة على الزواج خاصة عندما علمت البنت نورة بأن أمها ستعيش مع ابنها بعيدة عنها تم الزواج بتوفيق من الله وتكونت أسرة صالحة من والدة الزوج والزوج والزوجة وأخ الزوج من أمه وعاشوا بمدينة الرياض وفتح الله على الجميع بالخير الوفير والذرية الصالحة من الأبناء والبنات الذين حازوا على مراتب العلم والأخلاق وحصلوا على الوظائف العليا والمراكز الاجتماعية التي نالوا بها ثقة الجميع. وعرف عن المرحوم أبي عبدالله الكرم حب الأقارب وفتح لهم بيته وقلبه وكانوا يسكنون عنده أياما طويلة وقد تستمر أشهرا وأحب الناس خاصة أصحاب السيارات الذين يتعاملون معه فكان يستقبلهم بمنزله وفي ورشته ويقدم لهم الوجبات وقد لا يمانع للبعض من السائقين خاصة أصحاب السيارات الكبيرة من النوم بالورشة حتى تصلح سياراتهم في زمن كان أصحاب السيارات الكبيرة. والمتخصص في إصلاحها كلهم سعوديون ينامون في سياراتهم بالساحات والبراري ولا يعرفون السكن بالفنادق والشقق وهم الذين ينقلون المعدات والمواد الغذائية والمحروقات ...الخ داخل مدن المملكة وخارجها. وقد يتجاوز عن الذين لا يستطيعون السداد ويصبر على البعض ومن أجل هذا اشتهر بين أصحاب الورش بالإخلاص والتسامح وصار مقصدا لأصحاب الناقلات والسيارات الكبيرة ونتيجة تسامحه في تحصيل المبالغ ولكبر سنه وعجزه عن العمل وسيطرة العمالة الأجنبية على سوق العمل في السعودية ترك الورشة مثله مثل غيره من المواطنين خاصة بعد ما كبر الأولاد وشغلوا وظائف بالدولة وكانوا عونا لوالدهم في التغلب على الظروف ومصاعب الحياة. خلف المرحوم أبناء وبنات نحسبهم والله حسيبهم من الذين قال الله عنهم {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}. فعزاؤنا لأبنائه المحامي عبدالله والعميد سلطان والأستاذ عبدالكريم والأستاذ فهد وإلى بنات المرحوم وزوجته العبده الصالحة النقية التقية أم عبدالله الصابرة المحتسبة نسأل الله أن يلبسها ثوب الصحة والعافية والعزاء موصول لمعالي الشيخ محمد بن عبدالقادر أخي المرحوم الذي لم تلده أمه ولأخيه من أمه سليمان الصالح الرميان والذي سكن وعاش معه في بيت واحد حتى بعد زواجه ولم يستقل عنه في بيت واحد حتى رزق بأول مولود. نسأل الله أن يرحم المتوفى والد الجميع صالح السليمان الجربوع الذى فتح منزله للقريب والبعيد ومن زمن بعيد، وأن يسكنه فسيح جناته «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وارْحمْهُ، وعافِهِ، وَأَكرِمْ نزُلَهُ، وَوسِّعْ مُدْخَلَهُ واغْسِلْهُ بِالماءِ والثَّلْجِ والْبرَدِ، ونَقِّه منَ الخَطَايَا، كما ينقى الثَّوب الأبْيَضَ منَ الدَّنَس، وَأَبْدِلْهُ داراً خيراً مِنْ دَارِه، وَأَهْلاً خَيّراً منْ أهْلِهِ، وزَوْجاً خَيْراً منْ زَوْجِهِ، وأدْخِلْه الجنَّةَ، وَأَعِذْه منْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّار». ** **