الأحلام وقود الحياة، بها ينتمي الإنسان لهذا العالم وبدونها يصبح مجرد رقم منزوع الأمل، لا يحركه متحرك ولا يضبطه سكون، فالأحلام قبل أن تكون مشاريع أمل ونجاح هي جواز عبور بين مرحلة عمرية وأخرى، هي الخيال الذي يسبق الحقيقة، وهي البذرة التي تؤول إلى تلك الثمرة التي يسميها البعض نجاحاً وبعضهم يسمو بالحالة والمصطلح فيسميها غاية. في مراحل التشكل الأولى، نبذر أحلامًا كبيرة في حقول أعمارنا المديدة، ونتعاهدها خيالاً وآمالاً سعيدة، ونسقيها من ينابيع التفاؤل كؤسا دهاقا معتقة بالصبر والتفاؤل والأمل. تتوالى أيامنا وتتزاحم أحلامنا، وفجأة نكتشف في وقت حرج من سنيننا ،أن تلك الأحلام كانت عبئاً ثقيلاً علينا، وكان من المستحيل الوصول إليها، وأن أثمان تلك الأحلام تتجاوز ما نستطيعه ،وما كنا نصبوا إليه ،وهنا تنكص تلك الأحلام وتنتكس وتنكمش تحت تأثير خيبات ذلك الواقع المؤلم وضروراته وأحكامه. عندئذ ندخل في سباق مع الزمن الباقي من أعمارنا، وسباب مع الواقع وأسبابه ،ونعود إلى مربعات التشكل الأولى ،ونتذكر كم كنا سذجا ونحن نرسم تلك الأحلام ،وندفع بها عنوة لأيامنا لتتكفل بها ،رعاية وعناية ،لنصل إلى الحقيقة المجردة والمرة، والتي مفادها ،أن تلك الأيام لم تكن وفية لتلك الأحلام التي أنسلت سريعا، قبل أن تكمل نصاب عددها وعدتها ،ليحول عليها الزمان ،ويستقطع منها نصيبه وسهمه ،الذي لابد من دفعه ثمنا مقدماً ،لأي حلم نقي يُراد له أن يكون حقيقة مستحقة لإنسان بسيط ،كان حظه من الآمال حلم عاش له وبه وبعد حين من الدهر تناساه لينساه، بعد أن أيقن أن هذا الحلم وأشباهه مجرد عوارض مشاعر وخواطر شعور، إن أمست فلن تصبح وإن أصبحت فلن تكون. ** ** - علي أحمد المطوع