للكاتب بدر العبدان تجربة لا بأس بها مع الطفل.. فإضافة إلى كونه صحفياً يعد مادته الأسبوعية للطفل عبر الجزيرة فهو أستاذ ومربٍ .. ولديه كذلك برنامج تلفزيوني خاص بالأطفال يطل بين فترة وأخرى .. وها هو يتوج جهده الجميل بإصدار مجموعتين قصصيتين وسمهما بعنوان «حكايات ما قبل النوم» وهو عنوان موحد لكلا المجموعتين، وجاءت الرسومات بريشة الفنان «صايل».. ورغبة من «نافذة على الإبداع» في إثراء الحديث عن تجربة الكتابة للطفل والتي لا تزال غارقة في أزمة هويتها وكنهها المعرفي فها هو الكاتب العبدان يحاول مد قامة الإبداع القصصي لديه ليجعل منه رؤية أخرى تسير نحو التعريف الصحيح لماهية أدب الأطفال ..، وعلى وجه التحديد ما ينتجه الآخر لطفل .لتأخذ هذه التجربة الجديدرؤية أشمل للعمل الإبداعي إذ زاوجت هذه القصص بين الصورة والكلمة لتجسد الحالة الحقيقية لبناء مفردة «إبداع». المجموعة الأولى .. حديث الولع .. في المجموعة الأولى خصص الكاتب بدر العبدان هذه القصص للإشارة إلى جملة من القضايا الإنسانية التي تمس حياة الطفولة حيث الولع الفطري بالأشياء حوله .. تلك التي تتجلى بمراقبة «طلال» للديك في القصة الأولى، و«طارق» في الثانية، وكذلك «عالية» وانشغالها في الشجرة الصغيرة فيما تأتي «عواطف» متحدة في الرمز الإنساني والمتمثل في الأنثى. الولع هنا حالة من الفيض الوجداني المتقاطع دائما مع ممارسات الإنسان مع ما حوله لنجد أن العلاقة العاطفية بين الطفل وهذه الأشياء يتجسد بشكل واضح، فبساطة الأشياء وألفتها مثل الطير والحيوان والشجرة هي المحرك الرئيسي لمثل هذه التفاعلات والحوارات الهادفة .. تلك التي يرمي الكاتب من ورائها خلق مناخ توجيهي تثقيفي يخدم مسيرة الطرح الإبداعي الموجه للطفل. يحاول الكاتب العبدان استضافة بعض الأحداث البسيطة من أجل إضفاء نوع من الرؤى الإقناعية كما في قصة «عواطف والشجرة»، «ص 15» .. تلك التي تؤكد حاجة الكائن الحي «الإنسان» و«الشجرة» لمن يقف معه في بداية الطريق حتى وان كانت حجارة أو أغصان بالية .. ليبرع العبدان في اقتناص هذه الرؤية التثقيفية وتقديمها على هيئة قصة مقروءة في سياق أدبي شيق. قصص المجموعة الثانية .. رسائل إنسانية في المجموعة الثانية للكاتب العبدان رؤية لا تبتعد كثيرا عن ما أراد قوله في المجموعة الأولى فالقصص في هذه المجموعة تلتقط بعض المواقف الطريفة والمغايرة .. تلك التي تجذب القارئ ولا سيما الطفل إلى التواصل مع هذه الإضمامة الجميلة من الحكايات المؤثرة والشيقة.فالقصص تقتضب في شرحها للواقع وتوجز في تقديم الحكاية للقارئ على نحو ما أرادت الألعاب في قصة «قماشة»، «ص 12» .. تلك التي قدمت خطاباً توجيهياً غاية في الإيجاز والتأثير على الطفل الذي يحتاج أن يكون دائما أمام مسؤولياته البسيطة لعله يصبح في المستقبل ثمرة مفيدة ونافعة.وكذلك قصة «منصور والعصفور»، «ص 24» نجدها تقدم نموذجاً حيا للرفق بالكائنات الضعيفة مثلما فعل الفتي «منصور» والذي قدم المساعدة للعصفور الصغير، فالرسالة الهامة في هذا السياق تتلخص في حاجتنا للألفة، والتسامح، والمودة والتفاعل مع ما حولنا من كائنات تحتاج منا أحيانا إلى العون والمساعدة. بقي أن نشير إلى أن الكاتب بدر العبدان استطاع ان يقدم هذه الإضمامة القصصية على هيئة حكايات مألوفة يتضح فيها العنصر التوجيهي في وقت يلمح فيه القارئ غياب اللغة الأدبية بمعناها ومضمونها الإبداعي .. فكل قصة من هذه القصص ذات طابع تنويري يحتكم إلى مفردة الوصف الخالص لحالة الطفل الذي سيطرت على جميع فعاليات القصص. فغياب اللغة الأدبية جاء فيما يبدو رغبة من الكاتب في استنهاض عنصر الحكاية العفوي وكذلك عنصر الحدث البسيط من أجل تقديم هذه القصص التي تحتفي بالهدوء والبساطة لعلها تجد في ذات الطفل مكانها المناسب. تقع كل مجموعة في نحو «40 صفحة» من القطع المتوسطة مشتملة على العديد من القصص القصيرة والتي دعمها الكاتب العبدان بالعديد من الرسومات المعبرة والشيقة بريشة الزميل الفنان «صايل».هذه القصص هي التجربة الأولى للكاتب في مجال ثقافة الطفل كما ان له العديد من المشاركات التي تعنى بالطفل كما ان لديه تجربة كتابية في هذا المجال تظهر على هيئة حكايات ملونة عبر «الجزيرة»قصص العبدان صدرت عن نادي المدينةالمنورة الأدبي هذا العام 1423ه 2002م سبقت بمقدمة من الكاتب وهي أحدث إصدارات النادي في مجال الإبداع الأدبي الموجه للطفل.