تعود علاقتي بالأكاديمي والمؤلف التربوي والإعلامي الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز الدعيلج - رحمه الله- إلى سنوات طويلة منذ عهد صحافة الأفراد ثم المؤسسات منذ أن كان مراسلاً ومحرراً صحفياً لبعض الصحف السعودية، ثم توطدت هذه العلاقة حين عين مديراً لجريدة المدينةالمنورة في عهد رئيس تحريرها الأستاذ عثمان حافظ ثم رئيسها الأستاذ أحمد محمد محمود ومديرها العام أحمد صلاح جمجوم رحمهم الله جميعا، وكنت حينها أحد كتاب المدينة بشكل رسمي وكان الدعيلج رحمه الله يجمع آنذاك بين عمله في التدريس في التعليم العام بمكة المكرمة وبين عمله الصحفي بتفرغ جزئي واستمر على ذلك فترة من الزمن حتى استقال من التعليم وتفرغ للعمل الصحفي والإعلامي بشكل كامل، والدعيلج من رفاق الدرب الأوفياء عاصرته في مجال الصحافة والكتابة كما أسلفت منذ مرحلة الشباب حتى توفاه الله مأسوفاً عليه، ولاشك أن الدعيلج كان مثالاً للأخلاق الفاضلة ودماثة الخلق وطيبة القلب ونقاء السريرة دائم الابتسامة صاحب سيرة حسنة عطرة طيلة حياته، امتاز بحب الجميع حوله سواءً من أحبوه ومن اختلفوا معه وكرس حياته في عدة مسارات هامة منها التعليم العام حيث عمل معلما لعدة سنوات ثم تفرغ للعمل الصحفي والإعلامي كمدير لتحرير صحيفة المدينة فرئيساً لتحرير مجلة الرابطة التي كانت تصدر عن رابطة العالم الإسلامي وكان خلال ترؤسه إدارة بعض الصحف والمجلات المحلية مثالاً حياً للوفاء مع الجميع خاصة أصدقاؤه وزملاؤه المثقفين أرباب القلم والفكر ولم ينس أو يتناسى كما يفعل البعض عندما يتولى شأناً صحفياً أو إعلامياً من التنكر لمن وقفوا معه أو ساندوه خلال مسيرته لقد كان الدعيلج وفياً شهماً في علاقاته ضارباً أروع الأمثلة في الأخوة والمروءة ولا أبالغ إذا قلت إنه قل أمثاله في هذا الزمان، ولم يتوقف طلبه للعلم حيث واصل دراساته العليا حتى نال درجة الدكتوراه وعمل محاضراً بالجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة فعضواً بهيئة التدريس بجامعة الطائف كلف خلالها بالعمل عميداً للمكتبات حتى أحيل للتقاعد، والحقيقة أنني لا أجاوز أو أبالغ إذا قلت إنه تميز وأبدع وتفوق في كل المسارات التي عمل بها ومارسها بشهادة من عاصروه فيها، ولم يتوقف خلال رحلته الأكاديمية والصحفية عن الكتابة والتأليف في المجالات التربوية والصحفية والثقافية بمؤلفات قيمة أثرى بها المكتبة العربية، وقد أهداني رحمه الله قبل وفاته كتابالأخير الموسوم (رحلة الأيام ) وهو عبارة عن سيرة ذاتية كتبها ووثقها الدعيلج رحمه الله عن حياته بجميع مساراتها الأسرية والصحفية والعلمية والتعليمية وجاء كتابه (رحلة الأيام) في (485) صفحة من القطع الكبير في طباعة وإخراج يليق بمحتواها تصدرتها مقدمة رائعة للأديب الباحث الأستاذ الدكتور محمد يعقوب تركستاني الذي أبدع فيها أسلوباً وفكراً، وبالرغم من اختصارها إلا أنها كانت جامعة مانعة، ومن يبحر في رحلة الدعيلج التي وثقها بنفسه عن حياته منذ انطلاقتها الأولى حتى نهايتها سيجد فيها العديد من المواقف والمشاهدات الإنسانية التي تسترعي الانتباه والتدبر في حياة الإنسان أي إنسان وسيصل في نهايتها إلى لوحات جميلة مشرقة مليئة بالصور والألوان الأخاذة النابضة بالحكمة والكفاح والصمود وقهر الصعاب والتغلب عليها موقناً أن الوصول إلى قمم النجاح لن يأتي باليأس والخمول بل بالجد والصبر والمثابرة، ومسيرة وسيرة الدعيلج بحق تعتبر نموذجا مشرقاً ومشرفاً يحتذي به أبناؤنا وبناتنا في حياتهم، وكما قال شاعر الخضراء أبوالقاسم الشابي: خاتمة: رحم الله الأخ الصديق الدكتور إبراهيم الدعيلج رحمة واسعة وأسكنه فسيح الجنان وجزاه بما عمل وقدم وأنجز لأمته ووطنه وقيادته خير الجزاء، وجعل ذلك في موازين حسناته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان. ** **