يعد أديبنا المؤرخ والمفكر الراحل عبدالقدوس الأنصاري، من أدباء الحجاز الرواد الذين تميزوا بمواهبهم المتعددة، ومساهماتهم الفكرية والإعلامية المختلفة. فللأستاذ الأنصاري وجوه في الإبداع الفكري والثقافي متعددة، ومسيرته الأدبية ومشواره الإعلامي. حافل بالإنجاز والعطاء، فهو المفكر والأديب والمؤرخ والصحفي، وصاحب ريادات وأولويات تميز بها في أدبنا وفي الأدب العربي، كما يذخر سجله التاريخي بمآثر وعطاءات لا يحظى بشرف وتميز النجاح فيها إلا رجال قلائل في تاريخ الأدب العربي. أستاذنا عبدالقدوس الأنصاري أديب روائي رائد في تجربته، ومؤرخ باحث له إنجازاته البحثية القيمة، وهو من الصحفيين الرواد استمر عطاؤه حتى وفاته، له من المؤلفات والإنجازات الفكرية والأدبية والبحوث التاريخية، ما يزيد على الثلاثين مؤلفا مطبوعا عند وفاته عام 1983م، وهو إنتاج فكري يؤكد لنا عظمة وقيمة تاريخ هذا الأديب المفكر الرائد، لأن كثيرا من آثاره تعد من الشواهد على أهم منجزاتنا الفكرية والأدبية. ولا ننسى أن (مجلة المنهل) تمثل تجربة الأستاذ الأنصاري الإعلامية، التي أسسها وترأس تحريرها طوال حياته، وهي منهل ثقافي أدبي فكري مستمر، منذ ثمانين عاما يذكرنا بعطائه الفكري ومعطيات مشهدنا الثقافي، تُعد المنهل بحق منجزا ثقافيا له أهميته التاريخية والأدبية، ويعتبر المهتمون بتاريخنا الأدبي والثقافي، مجلة المنهل من المجلات العربية العريقة ومن أقدمها، حيث إنها كانت مضمارا للغالبية العظمى من أدبائنا وشعرائنا الرواد، ونشر فيها النخبة من الأدباء والشعراء العرب، لذلك يعتبرها المثقفون والباحثون من أهم مصادر ومراجع الأدب السعودي وآثار المملكة وتاريخها الفكري والثقافي. ومرجعا مهما للإنتاج والتراث الأدبي لكثير من أدبائنا الأعلام. عبدالقدوس الأنصاري، كما يشهد له مجايلوه ومحبوه، هو حقا علمٌ من أعلام التاريخ والأدب واللغة، ترك لنا من آثاره كثيرا، أهمها (مؤلفاته العلمية والأدبية) ويعتبر من الأعلام العرب البارزين. بما أثرى به المكتبة العربية من بحوث ودراسات ومؤلفات وستظل مجلته العريقة الإرث الباقي والخالد، ليشهد على ما قدم من عطاء وما بذل بفكره وعمله الدؤوب في البحث والإبداع، وهو الذي تميز رحمه الله، بالصبر والجلد والمثابرة. الأدباء والمفكرون الذين عاصروه والذين تأثروا به وبفكره، يرون أن تناول أي جانب من جوانب نبوغه وإبداعه الأدبي، يؤكد حتما ما له من مكانة علمية وفكرية كمؤرخ وعالم له جهاده ومثابرته في البحث، ويقودنا لقراءة ملامح أخرى مضيئة في منجزه الأدبي، جانب لا يقل ثراء وأهمية عما ذكرنا، وهو أنه كان أول أديب سعودي كتب الرواية، باعتبار أن روايته القصيرة (التوأمان) كانت الخطوة الأولى في التجربة السردية في المملكة وتعتبر علامة فارقة في تاريخنا الأدبي، ويُؤرخ للرواية السعودية بصدور تلك الرواية، التي كتبها عام 1928م الأستاذ الأنصاري هو أستاذ أجيال ومن رموز ثقافتنا والأدباء المبدعين، مثقف وعالم، تنازل عن كل المناصب الوظيفية ليتفرغ لبحوثه وأعماله الأدبية وحلم حياته منهله العذب، وقد عاش زمنا صعبا، وسبق عصره بطموحه العلمي، كما قال الدكتور عبدالرحمن الأنصاري، الذي يعتبره ملك فصاحة البيان والعلم الغزير والثقافة الواسعة.