جامعة تكساس - أوستن بحاجة إلى ملعب مغلق للسلة والألعاب الأخرى (أرينا)، لكن تكلفته عالية وتقدر بنحو 300 مليون دولار وليس لديها ميزانية تفي بهذا الغرض والجهات الداعمة والمتبرعين لم يكن لديهم حماس أو قدرة لدعم تكاليف هذا المشروع، فماذا كان الحل؟ الحل هو في المشاركة مع القطاع الخاص والبحث عن مستثمر ممول وفق آلية شراكة بين القطاع الحكومي ممثلاً في الجامعة والقطاع الخاص ممثلاً في جهات مستثمرة في هذا المجال، وفعلاً تم التوصل إلى اتفاق مع (أوك فيو) صاحبة الاهتمام والخبرة مقابل عقد استثماري يمتد لمدة 30 عاماً، ستتولى بموجبه (أوك فيو) إنشاء الملعب والاستفادة منه لمدة 300 يوم في العام مقابل 60 يوماً للجامعة لمبارياتها وأنشطتها الكبرى. وتفاصيل أخرى حول مشاركة الأرباح وتكاليف الصيانة والتحديث، إلخ. ربما هذا ما تحتاجه الجامعات السعودية لتأسيس مشاريعها وتطوير استثماراتها، المشاركة مع القطاع الخاص، بالذات في ظل الضغط القادم عليها بتطوير مواردها ونقص المخصص لها من موارد الميزانية الرسمية فيما يخص المشاريع. نعم، التحدي المقبل للجامعات السعودية ليس فقط أكاديمياً وقد تعودت على الغرق في التفاصيل الأكاديمية والاعتماد على الميزانية الحكومية، بل الوصول لفكر استثماري اقتصادي متقدم. الجامعات الحديثة تعاني بشكل أكبر في هذا الشأن. على سبيل المثال هناك الفكرة البسيطة المتمثلة في تأجير بعض مكونات الجامعة للقطاع الخاص، أو إيكال تشغيل بعض الخدمات لشركات خاصة (أوت سورسينق) وهناك أفكار الشراكات الأكثر عمقاً وجدوى لمختلف الأطراف مثال، البناء والتشغيل بقيام القطاع الخاص بتمويل تأسيس وإدارة مشروع تملكه الجامعة، تستفيد منه أو جزء منه الجامعة كمستأجر لفترة معينة قد تراوح من 10 - 40 عاماً قبل تحول ملكيته بالكامل للجامعة، كما في التجربة أعلاه. الفكرة تتطلب دراسات معمقة حول المخاطر الاستثمارية والعوائد المتوقعة والاحتياج المستقبلي من قبل الجامعة وغير ذلك من التفاصيل، التي هي مسؤولية الجامعات العمل عليها. تحديداً يرى Scott Carlson في مدونة التعليم العالي بأن الجامعات بحاجة إلى وضوح التالي: * تبيان استقرارها والتزاماتها نحو الشراكة مع القطاع الخاص. بما أن جامعاتنا حكومية فالضامن هنا هي التشريعات الحكومية. * وضوح الفرص الاستثمارية قصيرة الأمد وبعيدة الأمد، وما يتعلق بها من تعريفات وأهداف وآليات تشارك، إلخ. * وجود أو تحديد المسؤول أو المعني بالمشروع كما يقال داخل الجامعة، سواء كانت كلية أو إدارة أو قائداً معيناً. القطاع الخاص يحبذ التواصل مع جهة محددة ومتحمسة ومستوعبة للتفاصيل. * الحصول على دعم القيادات والشركاء داخل الجامعة وخارجها، مثال العمداء والأساتذة ومجلس الأمناء والجهات المحلية ذات العلاقة ..إلخ. لا أريد استعراض الفرص فهي كثيرة، لكن أؤكد بأن جامعاتنا بالذات الحديثة منها ينقصها الكثير ولا أعتقد أنها قادرة على تحقيق ما تصبو إليه في القريب العاجل نتيجة توجهات الحكومة في التمويل والدعم والإدارة. إحدى الجهات المرشحة للدخول في مثل هذه الشراكات هي صندوق الاستثمارات العامة، حيث أن أحد مجالات صناديق الاستثمار المساهمة في تأسيس البنى التحتية والاستثمار البعيد المدى فيها، فهل يؤسس الصندوق مساراً للاستثمار في مشاريع الجامعات؟!