تعد التجربة الآسيوية مثالاً يُحتذى به في كيفية توظيف البشر للنهوض بالاقتصاد، فبلد مثل الصين سكانه أكثر من مليار، ومع ذلك استطاعت بكل اقتدار في مهمة تحويل البشر إلى قوة ضاربة في النهوض الاقتصادي، وجاء ذلك من خلال دراسة جيدة لأهمية استغلال الموارد البشرية، ليس فقط في إيجاد وظائف لهم، لكن عبر استغلالهم لنقل البلاد إلى مراحل متقدمة في الاقتصاد العالمي، ونجحوا في ذلك. مصطلح الموارد البشرية ليس قديماً في المعرفة الإنسانية، وجاء لوصف كل الأشخاص الذين يعملون في شركة أو مؤسسة والقسم المسؤول عن إدارة جميع الأمور المتعلقة بالموظفين، والذين يمثلون بشكل جماعي أحد أكثر الموارد قيمة في أي شركة أو مؤسسة، وقد تم صياغة مصطلح الموارد البشرية لأول مرة في الستينيات عندما بدأت قيمة علاقات العمل في جذب الانتباه وعندما بدأت مفاهيم مثل التحفيز والسلوك التنظيمي وتقييمات الاختيار في التبلور في جميع أنواع بيئات العمل. العمل ورأس المال والموارد الطبيعية وريادة الأعمال هي المكونات الأربعة الأساسية في إنتاج السلع والخدمات في الاقتصاد، وتعتبر كمية ونوعية العمالة التي يوفرها الأفراد عاملاً مهمًا في تحديد مستوى الإنتاج الاقتصادي ومعدل النمو. الأشخاص الذين لديهم وظائف، والأشخاص الذين يبحثون عن وظائف والشركات التي تبحث عن موظفين يشكلون ما يعرف بسوق العمل. هذا التفاعل بين الأشخاص الذين يقدمون خدمات العمل والشركات التي تتطلب خدمات العمال هو ما يحدد الأجور والرواتب المدفوعة للموظفين وإجمالي عدد الأشخاص العاملين، ومن الجوانب المهمة لسوق العمل المساهمة التي تقدمها المهارات والقدرات الفريدة للجميع أنواع الناس، ويمكن تغيير هذه المواهب وتعزيزها من خلال التعليم أو التدريب، وحماية المنتج الوطني البشري من المنافسة مع العمالة الرخيصة، مما يجعل القوى العاملة مجموعة مواهب متطورة تستأجر منها الشركات. يساعد استخدام المهارات بشكل فعال وتدريب الأشخاص على تلبية المتطلبات الجديدة في السوق على جعل عملية الإنتاج أكثر كفاءة، جانب آخر مهم لسوق العمل هو مشكلة تنقل العمال، حيث يمكن للناس في الولاياتالمتحدة الانتقال إلى أي مكان للعثور على وظيفة جديدة أو التدريب عليها، هذا التنقل مهم عندما يقوم أصحاب العمل بمطابقة المهارات مع فرص العمل، ومع ذلك، من الناحية العملية، قد لا يرغب الناس في الانتقال إلى مكان وجود الوظائف أو غير مستعدين للتدريب للحصول على وظيفة جديدة. تجربتنا المحلية مختلفة، فالناس انتقلوا إلى مناطق العمل، وقدمت تجارب أرامكو وسابك مثالا على رغبة المواطنين في الحصول على عمل إذا توافرت فيه الشروط المجزية، وكانت هجرة السكان إلى المنطقة الشرقية علامة على الرغبة في العمل، وكونت قصصا للنجاح في تلك الفترة. أزمتنا الحالية أن العمال يبحثون عن وظائف تقدم أمناً وظيفياً، وأجورًا عالية وخصائص أخرى مرغوبة، بينما يبحث أصحاب العمل عن عمال منتجين يعملون مقابل أجور أقل. يشكل هذا البعد أزمة توظيف المواطنين، فالشركة تبحث عن عمالة مدربة ورخيصة، ويزيد من الضغط على المواطن فتح مجالات الاستقدام لمختلف المهن، ولهذا على وزارة العمل البحث عن حلول لإخراج الأزمة من هذه الحالة المزمنة منذ بزوغ طفرة النفط، لكن ذلك لا يعني عدم الاستعجال في توطين مختلف المهن في السوق، وخاصة محلات المبيعات لمختلف السلع، فالأجنبي لازال يسيطر عليها، ولابد من حلول.