تدور الأيام فتنطلق للأحلام مساحات.. وترسم فوق صفحة الذكريات آمالا.. وآلاما.. بالأمس كان يداعبنا.. يشد من أزرنا.. يرسم لنا خطوط مستقبل العمل الصحفي بالمنطقة وتداعيات عمل الجمعية وطموحات رجالها.. واليوم نفقده رجلا خط لوطنه حروف عشق وتلاعب بحروف الهجاء لكي يؤلف للوطن قصيدة.. نثر حروفها فوق كل صفحاتنا اليومية.. والأسبوعية.. والشهرية والحولية.. يكبر فتكبر معه الهموم.. والطموحات.. كان قلمه لينا لكنه لا يعصر وحرفه مرنا تارة وقاسيا تارة اخرى.. المهم ان يكون بلسما على الجرح وعطرا في ليالي الأفراح. استاذنا محمد بن صالح الرجيعي (رحمه الله) من رجال القصيم الأوفياء ومن أبناء (بريدة) البررة الذين نبغوا في مرحلة البناء الأولى فكان يحلم برسوم أكثر اناقة للبيوت الطينية التي تزين المدينة.. عاش الوثبة بنفسه.. وتفاعل معها كرجال هذا الوطن الأوفياء.. لقد عمل الأستاذ محمد الرجيعي في حياته الوظيفية في مجالين هامين بدأهما بالتعليم لفترة تقارب العشر سنوات ثم انتقل الى جمعية الهلال الاحمر السعودي (مديرا لفرع القصيم) ليخوض غمار العمل الإنساني بكل تفاعلاته داخليا وخارجيا.. كان يضع اللبنة على الاخرى لبناء منظومة الإسعاف في المنطقة يحلم بانتشار الخدمات الإسعافية في كل موقع ويسعى لشمولية هذا العمل الإنساني لكنه كان يردد دائما (العين بصيرة واليد قصيرة) ينظر للطموحات بعينين وللإمكانيات بنصف عين.. حياء من الواقع. رسم مع كوكبة من زملائه في الجمعية ملامح الحلم ورحل تاركا للبقية تعب الأحلام.. والطموحات.. والاماني.. ظل رحمه الله سفيراً لوطنه في كل بقاع الارض يلهث من شرق الكرة الى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.. يوما في أفريقيا.. وآخر في آسيا.. يكسو عاريا.. ويطعم جائعا.. ويطبب مريضا ويؤوي مشردا. هكذا يعمل ضمن منظومة العمل الاغاثي السعودي ممثلا لجمعية الهلال الاحمر السعودي ولكل مواطن في هذا البلد المعطاء.. ما أجمل العمل الإنساني وما ألذ ساحاته، تشعر من خلال عملك انك تتحسس الارض من جديد.. تضيء العتمة شمعة وتزرع في القلوب البائسة امل الحياة.. رحمك الله أبا احمد لقد وطأت حوافر خيلك كل بقاع الارض في رحلة للانسان الضعيف ولعلك تجد ما زرعت في خلوتك الحالية. .. رحمك الله أبا أحمد فلم تكن تحب الغربة لكنها قدرك وقدرنا ان نغترب ولكن لكي نقترب. .. أبا أحمد.. لم يكن التقاعد هو الذي هز بدنك لكنها الأيام اعطيتها كل شيء.. جهد وعطاء بلا نهاية فسلبت منك الراحة تارة والروح تارة اخرى.. ركضت كثيرا في ميادين عديدة فلم يكن للمحارب استراحة لانك لم تتعود على الراحة الصماء.. أردت الركض دائما.. هموما وطموحا فلما حان وقت الراحة المخطط له داهمتك راحة أبدية أرجو أن تكون ونحن وفرنا لها ما يضيء مواجهتنا امام ربنا. أبا أحمد.. فقدناك رجلا صالحا.. وموجها.. ومربيا.. ومسؤولا بل فقدناك حرفا ينسج من ملامح الوطن أنشودة ويسهم في بناء مراحل التنمية بكل ولاء وإخلاص.. فقدناك وجها بشوشا.. مرحا هيناً لينا.. فقدناك وهي سنة الحياة وقضاء الله فلا راد لقضائه.