كل يوم نرى تلك الحوادث الأليمة ونقرأ عنها في صحافتنا اليومية حتى ألفنا المشاهد المؤلمة فلم تعد تفزعنا أخبار تلك العائلة التي ذهبت عن بكرة أبيها أو فقدت عائلها أو أصبح معظم أفرادها في إعاقة دائمة. وإن المرء ليتساءل أي عقل لذلك السائق الذي أعطى لسيارته الحرية في بلوغ أعلى حد للسرعة غبر مبال بالأنظمة المرورية والتعليمات المنظمة للسير حتى ولم يكلف نفسه عناء الكشف على سيارته وتفقد محركاتها وإصلاح إطاراتها، بل ربما قطع آلاف الكيلومترات وهو لا يعرف من سيارته إلا مفتاح التشغيل ومقبض القيادة مما نتج عن ذلك آلاف الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ وشباب في عمر الزهور، وهذا بلا شك جريمة في حق النفس والآخرين ومخالفة متعمدة نحو قتل الأرواح أو إعاقة الأبدان. فمسؤولية من ذلك الشاب المتهور الذي امتطى صهوة سيارته وأصبح يتمايل بها يميناً وشمالاً محدثاً أصواتاً مزعجة حتى أفزع من حوله وسد الطريق على من خلفه وربما تسبب في حادث مروري له أو لغيره. وكل مدينة من مدن المملكة تجد فيها من هذه النوعية حتى كثر عددهم وأصبح له تجمعات وأماكن خاصة وزي معين في اللباس ونوعية المركبة فأصبحوا لا يراعون الأنظمة المرورية ولا يحترمون الآخرين ولا يقيمون وزناً لرجال الأمن والمرور والسبب في ذلك التساهل الذي يلقونه في بعض الأحيان وربما كان للواسطة دور أساسي في عدم تطبيق العقوبات الرادعة في حالة الإمساك بهم ولا أدري كيف يترك الحبل على الغارب لهؤلاء المتهورين والذين أثبتت الأيام أنهم لن يكفوا عن هذه الممارسات الخاطئة التي يعاني منها مجتمعنا، بالرغم من الجهد الواضح الذي يبذله المسؤولون في الأمن والمرور والذي نطمع أن يكون أكثر حزماً وجدية اتجاه هؤلاء. لقد مضت الحملة الوطنية الأولى والثانية وها نحن نتفيأ ظلال الثالثة وقد تحقق «ولله الحمد» نسب مشجعة من النجاح في مجال التوعية والتوجيه، والذي نرجوه من المسؤولين في الأمن والمرور وضع خطط تلائم المجتمع يبين فيها كيفية التعامل مع هؤلاء الشباب حماية لهم من أنفسهم وحماية للآخرين من تصرفاتهم وضررهم. وليت الطابور الصباحي في المدارس والمعاهد وخصوصاً المدارس الخاصة يكون لها نصيب من التوجيه وفق استراتيجية محددة. كما أن على إدارة المناهج في وزارة المعارف إدخال كافة المعلومات الأمنية والمرورية أو جزء منها في بعض المناهج وذلك كمرحلة أولى نحو التوعية الكاملة للشباب وخصوصا في المرحلة الثانوية. كما أن على ولاة الأمور نصيباً كبيرا في التعاون مع المسؤولين عن الأمن في تعليم أبنائهم وملاحظتهم وعدم إعطاء السيارة للأحداث فإن ذلك من التعاون على البر والتقوى والدولة «أعزها الله» لم تألو جهداً في سبيل إسعاد المواطن ورفاهيته وتأمين ما يحتاجه في كل مجال.