ولد حمد بن محمد بن عبدالله ابراهيم القباع في عشيرة سدير وإن كانت أسرته أصلاً من الرياض حيث إن والده «محمد» رحمه الله كان فلاحاً يملك نخلاً في الصفرة جوار مقبرة العود الحالية. وقد ترك نخله وغادر إلى سدير هرباً من السجن حيث كان مديناً لأحد المواطنين بمبلغ «5» ريالات فرنسية ولا يملك إلا بقرة وحماراً. يعيش على لبن البقرة ومشتقاته. والحمار يركب عليه.. وفي عشيرة سدير تزوج من بنت محمد البصري وأنجب منها ابنه «حمد» الذي نشأ وترعرع عند خاله البصري. وعندما بلغ أشده رجع إلى الرياض حيث منشأ الأسرة وحاول استرداد نخل والده إلا أنه وجده مصادراً من قبل الدائن وتعرف على الأمير محمد بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عن طريق عبدالرحمن محمد القباع الملقب باسم «مندل الذي استشهد في فتح جدة وكان من أكبر خويا الأمير محمد بن عبدالرحمن» الذي عينه مسؤولا عن مزرعته في عتيقة حيث قام بركز نخل خزام المملوك للأمير فيصل بن سعد. وخزام يقع على شارع الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله غرب فرع مؤسسة النقد في الرياض وهو الآن مقر كتابة عدل الرياض. وقد سمع الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بحمد القباع وتعدد مواهبه من أخيه الأمير محمد بن عبدالرحمن وتم تكليفه أول الأمر ببناء بيوت «الغراوية» التي تسمى بقصور أو بيوت آل فهد نسبة إلى اسم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله و«الغراوية» تقع بين شارع الظهيرة وشارع آل سويلم. ويبدو من سياق الحقائق السابقة أن الملك عبدالعزيز اكتشف مواهب حمد القباع المتعددة في الفلاحة والبناء إلى جانب ما يتمتع به من خصائص سلوكية فاضلة كالإخلاص في العمل والصدق في القول والأمانة في تحمل المسؤولية وشخصيته المؤثرة في الآخرين تؤهله لتحمل عمل كبير فكان أن وقع اختيار الملك عبدالعزيز على حمد محمد القباع ليكون مسؤولا عن بناء قصر المربع التاريخي الذي يمثل بحق انجازاً حضارياً عظيماً ليس كمبنى فحسب وإنما كرمز وفيه اتخذ الملك عبدالعزيز قرارات تاريخية لتثبيت وحدة هذا الكيان العظيم «المملكة العربية السعودية» بقيادة المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته. كان حمد القباع من الرجال الذين خدموا الملك عبدالعزيز بكل تفان وإخلاص. والحديث عن «المعلم» أو «الأستاذ» أو «مهندس البناء والتعمير» حمد بن محمد بن عبدالله بن ابراهيم القباع حديث لا ينتهي. حيث كانت له إسهاماته التي تقف حتى الآن شواهد على فن وروعة البناء والمعمار وحسن التنفيذ وفقاً للمقاييس المعمارية التي كانت سائدة آنذاك. وبعد أن اكتمل بناء قصر المربع الشهير الذي تركزت عليه كل المشاريع الحديثة اللاحقة التي حملت مسمى مركز الملك عبدالعزيز التاريخي وبعد أن اطمأن الملك عبدالعزيز وارتاح للعمل الذي قام به القباع كلفه ببناء مجموعة من القصور لأبنائه وبعض أفراد الأسرة المالكة الكريمة في الموقع المعروف حاليا بمنطقة الفوطة وهو موقع لا يبعد كثيرا عن قصر المربع الشهير. وقام المهندس القباع بهذه المهمة بكل جدارة وإبداع مما عزز ثقة الملك عبدالعزيز فيه وجعله من المقربين إليه ومن الذين حظوا بثقته واحترامه حيث قادت هذه الثقة إلى تكليفه بتخطيط مدينة الرياض وتوزيع الأراضي على المواطنين تحت الإشراف والتوجيه المباشر من الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ويمكن تشبيه هذه المهمة بأنها أقرب ما تكون إلى وظيفة وزير للبلديات والإسكان في الوقت الحاضر وان اقتصرت على مدينة الرياض فقط. وكان الذين يعملون عنده «200 إلى 250 شخص» حتى الكفيف كان يوجد له عمل «فتل الحبال» وكان يقوم العمل على مجموعات وكانت كل مجموعة لها مراقب وهو مسؤول عن العمالة والعمل وكانت مزرعته في الباطن هي نقطة تجمع العمالة وكان يوجد مكتبه في المزرعة نفسها وكان عدد العاملين في المكتب في حدود «10» أشخاص وكان من أبرز مساعديه بالإضافة إلى أبنائه صالح بن محمد القباع وموسى وعبدالله بن مندل القباع. وكان رحمة الله عليه يقوم يوميا بجولة على العمل وتوجيه المشرفين وكذلك بعد صلاة المغرب يناقش رؤساء المجموعات عن العمل اليومي الذي تم وكانت أجرة العاملين عنده تتراوح بين ريال إلى ثلاثة ريالات. ويذكر العديد ممن عاصروا القباع في تلك الفترة انه كان يتفوق على جميع من عاصره في فن البناء والمعمار مما دعا الناس إلى إطلاق اسم المعلم والأستاذ على وظيفته وهي شهادة كان يعتز بها ويفتخر بها كثيرا. وما زالت قصور المربع والفوطة تشهد على تفوق وذكاء وبراعة حمد القباع. ويكفي أن ضيوف المملكة والأجانب الذين جاءوا إلى الرياض وجدوا متعة في الطواف بأرجاء قصورها وأخذت ألبابهم روعة التصميم والأداء. وتزوج القباع بقرية عشيرة سدير التي لا تبعد عن الرياض كثيرا ورزق بعدد من الأبناء هم عبدالله وابراهيم وعبدالعزيز ومحمد وكان عبدالله وابراهيم يساعدان والدهما في البناء والتعمير. وما زالت ابنته منيرة على قيد الحياة تعيش بمدينة الرياض. وكان حمد القباع قد اضطر إلى مغادرة الرياض إلى الكويت بسبب الاضطرابات التي كانت تسود نجد في تلك الفترة حيث أقام هناك فترة من الزمن ولم يعد إلى الرياض إلا في معية الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه عندما فتح الرياض وتوفي حمد القباع في وادي حنيفة في المزرعة الشهيرة التي كان يملكها والتي كانت تعرف بالوسطى وكان عمره عند وفاته يقارب مائة عام، أما مسكنه في الرياض فكان في حي الشرفية وسط الرياض. وعن الجوانب الإنسانية للقباع فكان يعمل دكتورا «طبيباً» لمعالجة كسور العظام حيث كان أهالي الرياض وما حولها يعرفون أن حمد القباع كان يستقبل المرضى في منزله ويقوم بمعالجتهم مجاناً. واشتهر إلى جانب عمله في البناء بمهمة تجبير العظام أو تطبيبها. ويروى أن تجبير العظام عنده كان لا يستغرق وقتاً طويلاً رغم عدم توفر الوسائل الطبية الحديثة. وكان يستخدم الخشب في تضميد العظام المكسورة في أغلب الحالات وكان المريض يقوم معافى خلال عشرين يوماً من إخضاعه لعلاج الطب الشعبي الذي اشتهر به حمد القباع إلى جانب شهرته في البناء. وأسرة القباع كبيرة منتشرة حاليا في العديد من أنحاء المملكة وخاصة الرياض والقصيم وحائل وسدير وعرعر وتبوك ومكة المكرمةوجدة وخارج المملكة في سوريا، وحضرموت، ولأسرة القباع العديد من الأبناء والأحفاد النابهين منهم الدكتور عبدالله القباع، أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشؤون الدولية، والدكتور عبدالعزيز الفهد القباع أخصائي أمراض الأطفال، ومندل عبدالله القباع أحد الكتاب الاجتماعيين ومن كبار موظفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وعبدالعزيز محمد القباع خدم الدولة لمدة «45» عاماً وعين أميرا لعدة مناطق مثل مدركة، عفيف، ضبي، وزكريا ابراهيم القباع أحد الكفاءات اللامعة في مجال الاستثمار والأعمال البنكية، وعبدالله وابراهيم صالح القباع موظفان في الإمارة وغيرهم من الأفراد والأسماء الكثيرة التي قدمتها هذه الأسرة للمجتمع السعودي الكريم. قصر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه وحي المربع شمال الرياض سابقاً ووسطها حاليا اسمان ارتبطا تاريخياً بمرحلة تأسيس المملكة العربية السعودية وحي المربع الشهير كان في عهد الملك عبدالعزيز حياً راقياً حيث سكنه طيب الله ثراه في قصر كبير بناه المهندس المعماري حمد بن قباع اطلق عليه اسم قصر المربع لإحاطته بأبراج أربعة مربعة الشكل حيث اتخذه الملك عبدالعزيز في البداية مقراً له في عام 1338ه ثم أصبح فيما بعد قصر الحكم. شيد القصر من الطين المخلوط وزينت جدرانه بالحصى الأبيض ويوجد بداخله فناء كبير ومجموعة كبيرة من الحجرات والأعمدة ومصعد كهربائي. ويتألف القصر من طابقين ما زال الطابق الثاني منه محتفظاً بأثاثاته حتى اليوم، ولقصر المربع دور تاريخي في إرساء قواعد وأسس الحكم ويعتبر معلماً بارزاً حيث شهد انعقاد العديد من الاجتماعات والاتفاقيات بين جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله والعديد من أمراء وملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة ومن ضمن القصور التاريخية الأثرية في مدينة الرياض قصر الأمير محمد بن عبدالرحمن وقصر الشمسية. قال الشيخ ابراهيم بن عبيد في كتاب «تذكرة أولى النهى 1 76»: اختط الملك عبدالعزيز موضع المربع. وموضعه في زاويته الشمالية مليء بالقصور وفي مساجد تقام فيها صلاة الجمعة. وكانت تلك القصور شامخة في الجو حسنة البناء متسعة الأركان. ومن أبرز معالم المربع المدرسة السعودية التي أمر بإنشائها جلالة الملك عبدالعزيز في عام 1365ه وكانت تعرف باسم مدرسة الأيتام. يحد المربع من الشمال سابقا حزون ومرتفعات ومن الشرق حي الشمسية ومن الغرب مسيل أبو رفيع «قديما» شارع الكباري «حديثاً» ومن الجنوب الفوطة والبنية. وكان المربع قديماً أرضاً صالحة للزراعة شتاء حفرت فيها الآبار المتعددة ولا تزال في المربع بعض المعالم القديمة مثل أبراج المراقبة أحدها في شمال الشارع المتجه إلى سوق السمك حاليا. إن قصر المربع الذي تحول فيما بعد إلى صرح معماري شامخ له أبراج حصينة مربعة الشكل وبارزة عن محيط السور الخارجي يبلغ ارتفاع بنائه ما بين «60» إلى «70» قدما. جدرانه مكسوة بطبقة من الملاط الأحمر اللون. أما الحائط الذي يعلو الباب الرئيسي للقصر فكان مزخرفاً بأشكال هندسية ومتوجا بالشعار الملكي السعودي «السيفان المتقاطعان والنخلة» . وبداخل القصر توجد قاعة انتظار كبيرة يبلغ ارتفاعها «20» قدماً تتوسطها ثلاثة صفوف من الأعمدة لحمل السقف مكسوة بالجص. وفي أحد أركان القاعة يقبع موقد كبير مفتوح لعمل القهوة، عليه أوان نحاسية فوق فحم متوهج بصورة دائمة. كما توجد وسائد زاهية الألوان وبسط ومساند على امتداد جدران القاعة حيث كان الضيوف يجلسون بها انتظاراً لمقابلة الملك وكانت من الأسباب الرئيسية التي دعت إلى تشييد القصر الجديد تلك الزيادة الضخمة في عدد الزوار الرسميين منهم وغيرهم والتي صاحبت توحيد البلاد.