سأل شاب أحد كتّاب المسرح يوما قائلاً له: كيف اصبح كاتبا مسرحيا؟ فرد عليه الكاتب المسرحي بعد ان نظر اليه بعينين يشبهان النقطتين (هكذا تبدوان من خلف النظارة) قائلا: اذا اردت ان تصبح كاتبا مسرحيا فما عليك الا ان تحضر ورقة وقلم ثم تبدأ الكتابة، لقد كانت المسألة في غاية البساطة انها الممارسة دون الانقطاع والانقطاع الى ذلك العالم السحري، انه عالم من الاوراق والاقلام والخيال والافكار، اذاً فالممارسة أو ما يمكن تسميته (اللياقة الكتابية) مهمة لمن يريد ان يمارس الكتابة. وعلى الكاتب المبتدىء ألا ينخدع بما يكتب اذ ان عليه ان يعرض ما انتجه على من هم أكبر منه سنا وأكثر خبرة وأن يستفيد من ملاحظاتهم وحتى نقدهم الذي يتلقاه وان كان قاسياً فذلك افضل بكثير من كلمات التشجيع التي لا تنير له الطريق ولا تبين له موقعه الحقيقي. وباعتقادي انه ليس من الضروري ان تكون موهوبا لتكتب مسرحية يمكنها ان تجد طريقا ما الى خشبة مسرحية ولكن ما اجزم به هو انه يجب ان تكون موهوبا لتكون كتابا مسرحيا حقيقيا تأخذ خانتك في فريق المسرح ويعترف لك وبك المسرحيون الحقيقيون. لأنه من السهل ان يطلق الانسان على نفسه انه كاتب أومخرج مسرحي ولكن ما هو موقف النقاد والمسرحيين منه، فكثيرون يدّعون بأن لهم علاقة بالمسرح ولكن المسرح هل يعترف لهم بذلك؟! وعلى رأي الاستاذ محمد العثيم ان هناك من يحبون المسرح لكن المسرح لا يحبهم!! وقبل ان يكتب المبتدىء مسرحية يجب عليه ان يعرف ان المسرحية فن قريب جداً الى القصة فهي تعرض الى موقف محدد ومعين والحدث في المسرحية مثله مثل الحدث في القصة لكن المسرحية تختلف عن القصة بأمور اهمها حدود المكان والزمان، ثم ان المسرحية تعتمد على الحوار والكاتب المسرحي عليه ألا يبدأ من البداية كما القصة والرواية وانما يبدأ مسرحيته من الازمة ذاتها ولهذا فالمسرحية تبدأ من الحاضر مع انها تشير في ثنايا حوار الشخصيات الى الماضي. والصراع في المسرحية قد يكون صراعاً بين الشخصيات أو بين الافكار أو بين شخصا وهو قد يكون خارجيا وقد يكون داخليا نفسيا أو كليهما. وعند رسم الشخصيات فالمؤلف المسرحي ليس له الخيار كما يستطيع المؤلف القصصي. الصراع في المسرحية غالبا ما يكون بين شخصيتين أو عدة شخصيات رئيسية لكن القاص ليس ملزما بأي عدد كما انه بعكس المسرحي يستطيع ان يعطي كل شخصية حقها من الحوار ومن العرض ومن العناية. والحوار في المسرحية لا يجب ان يكون مثل كلامنا العادي الذي نتداوله في البيت أو السوق ببساطاته وعدم ترابطه، فالحوار في المسرحية مركز وموحي ويؤدي الى التعريف بالشخصيات والمكان والزمان بطرق غير مباشرة كما انه يساعد على تصاعد الموقف في المسرحية. وهناك الكثير من الكتب التي توضح للمبتدئين قوانين الكتابة للمسرح ومن المستحسن قراءتها ومعرفة اصول وقواعد الكتابة افضل من الجهل بها بل انه ضروري كما يقولون معرفتها ليتسنى الخروج عنها بعد ذلك! ولكن الكتب التي تشرح كيفية الكتابة للمسرح لا يمكنها ابداً ان تصنع منك كاتبا مسرحيا اذا لم تكن لديك الموهبة التي تصقلها الثقافة والممارسة.