كم هي المواقف المؤثرة في هذه الدنيا الفانية! دنيا الاحزان والتعب والشقاء، واكبر تلك المواقف وأشدها وقعاً وتأثيراً هي لحظات وداع وفراق الأحبة والأصحاب والإخوان، فلكم أثارت من شجون وأرَّقت من جفون. حقاً إنه لحزن شديد تنفطر له القلوب. ففي صباح يوم السبت 24/5/1423ه توقفت نبضات ودقات قلب أخي وصديقي العزيز حمود بن سالم الحلافي معلنة أن ساعات ودقائق عمره قد انتهت تماماً وأن على الاطباء المرافقين له في مستشفى الملك فيصل التخصصي.. عليهم الانصراف لشأنهم مودعين وداعين له بالمغفرة والرحمة وهذا قدر الله وما شاء فعل. موقف مهيب ولحظات ومشاعر حزن تلف المكان. هذا الخبر الذي فجعنا به وعز علينا مسمعه وأثر في قلوبنا موقعه. إنه خبر حزين ومصاب جلل هز الآذان والوجدان وذرفت له العيون دموعاً. لقد أحدث هذا النبأ فجوة واسعة من الحزن العميق فكم هو شديد الوقع على نفوس من يعرفون حمود الحلافي غير ان المؤمن يسلم لله أمره ويرضى بقضائه وقدره: خيره وشره، حلوه ومره فقد كان حمود سمحاً في تعامله يخدم الكبير ويعطف على الصغير، يبذل وقته وجهده في أعمال الخير والصلاح والمعروف. نعم لقد رحلت يا أبا طارق وتركت مكاناً وفراغاً كبيرين لن تملأهما السنون مهما تعاقبت الأيام والشهور. لقد رحلت من هذه الدار الفانية إلى دار البقاء والخلود وبقيت ذكراك العطرة الخالدة ومواقفك الطيبة: وما الناس إلا راحلٌ بعد راحلٍ إلى العالم الباقي من العامل الفاني نعم يا حمود، يعجز اللسان عن الوصف ويعجز القلم أن يبوح بما في القلب من ألم وحسرة على فراقك وما يجول في الخاطر من أحاسيس ومشاعر فياضة ولكنه القدر المحتوم، فلله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار. وما المال والأهلون إلا ودائعٌ ولا بد يوماً أنُ تَردَّ الودائع ولا نقول إلا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إن العين لتدمع وان القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا وأنا على فراقك ياإبراهيم لمحزونون». «وإنا على فراقك يا حمود لمحزونون». وأهمس في أذن ابن الفقيد طارق وأقول له: لا تحزن ولا تبتئس واستعن بالله ومن توكل على الله كفاه، فأنت الأمل وفيك الرجاء وأنت خير خلف لخير سلف. فهذا عزاؤنا لأنفسنا جميعاً ولأسرة الفقيد وإخوانه وكافة أقاربه وجميع محبي الحلافي من أصدقاء وأقارب وعائلتي الحلافي والنافع بالرياض والزلفي. أحسن الله عزاءنا وجبر مصابنا وغفر لميِّتنا وأدخله فسيح جناته وجعل له مقعد صدق مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك: رفيقاً. «إنا لله وإنا إليه راجعون».