لم يكن يوم الأربعاء الموافق للسادس عشر من جمادى الآخرة لهذا العام يوما عاديا على أسرة المحمود، بل لم يكن عاديا على كل محب للخير، كان فاجعة بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات، فقد فجعنا بوفاة العم الفاضل الشيخ عبدالرحمن بن محمد المحمود، عميد عائلة المحمود، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة. إن الحزن يتجدد والعبارات تتزاحم والخواطر تتسابق، فتنهمر الدموع وتنسكب العبرات وتتراءى ذكريات الفقيد رحمه الله، فكأنه سيخرج علينا وسيشرق وجهه الوضيء بابتسامته المعهودة ونظراته الحبيبة من أحد أبواب المكان. وإن القلب ليحزن والعين لتدمع ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ، اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيراً منها، وفي القلب حزن على فراق شيخنا الغالي ولكن عزاؤنا وما يجبركسر قلوبنا ما عرف عن الفقيد من بر وصلاح وتقى، وأن له أولاداً نحسبهم والله حسيبهم من الصالحين، ترك الدنيا، وقد طرح الله له القبول في الأرض، عرف ذلك من كثرة المعزين ممن نعرفهم ومن لا نعرفهم وقد أجمعوا على الثناء عليه ثناءً صادقاً من قلوبهم والناس شهداء الله في أرضه. لقد كان - رحمه الله - في محافظة البكيرية علماً من أعلام البذل والخير، تعرفه الجمعيات الخيرية، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، يعرف الجميع بذله وعطاءه دون ضجيجٍ إعلامي، وظهورٍ علني، وكان له الفضل بعد الله على تهيئة الاجتماع السنوي للعائلة الذي سيكمل عامه العاشر هذه السنة، لم يكن يبخل على كل ما من شأنه أن يلم شمل العائلة، ويزرع البسمة في وجوه الأطفال، كان سروره يزداد حين يرى الأسرة تجتمع، والأطفال يلعبون، كان يبذل الغالي والنفيس لكل ما يسعدهم، ويبعث السرور في نفوسهم، فرحمه الله رحمة واسعة. وإني أحمد الله عزوجل على ذاك الثناء العاطر الذي سمعته وسمعه غيري من الناس، خصوصاً من القائمين على الجمعيات الخيرية، ومن المحتاجين والمعسرين، ومن جيرانه وأقربائه وممن تعامل معه، وممن عمل معهم، فكانوا يثنون عليه خيراً، والأسى يعتصر في وجوههم حزناً على فراقه، ف إنا لله وإنا إليه راجعون . لقد ترك الشيخ عبدالرحمن المحمود الدنيا الفانية بنفس، نسأل الله تعالى أن تكون راضية مرضية. وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا عمي لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، ف(إنا لله وإنا إليه راجعون)، فاللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها، ولله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، وإني داع فأمِّنوا: اللهم هذا عبدك ابن عبدك، خرج من روح الدنيا وسعتها، ومحبوبه وأحباؤه فيها، إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غنيٌّ عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له. اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، وَلَقِّه برحمتك رضاك، وقِه فتنة القبر وعذابه، وافسح له في قبره، وجافِ الأرض عن جنبيه، ولَقِّه برحمتك الأمن من عذابك، حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين، اللهم يا حنان يا منان يا واسع الغفران اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم أبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، اللهم عامله بما أنت أهله ولا تعامله بما هو أهله. وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.