يوما بعد يوم تتصاعد حدة الهجوم على البرنامج النووي الإيراني من قبل الولاياتالمتحدة واسرائيل وتقود الدولتان حملة مسعورة تهدف إلى حشد المجتمع الدولي ضد ايران وتعظيم المخاوف من خطر البرنامج النووي الإيراني وبعيدا عن صحة المزاعم الامريكية الإسرائيلية حول تطوير ايران سرا لأسلحة نووية يبدو ان الدولتين تنظران بحذر إلى التقدم التكنولوجي الإيراني الذي يستخدم في انتاج اليورانيوم منخفض التخصيب الذي من الممكن مع التطور ان ينجح في انتاج يورانيوم عالي التخصيب صالح للسلاح النووي ولعل هذا التقدم التكنولوجي هو سر التحرك الامريكي الاسرائيلي لوقف البرنامج النووي الايراني. ضغوط أمريكية واذا كانت إسرائيل تضغط باتجاه الاسراع في التعامل مع الملف النووي الإيراني فان التقارير المخابراتية الأمريكية تشير إلى ان ايران ستمتلك القنبلة النووية بحلول عام 2007 وهذا ان كان يستدعي تحركا من وجهة النظر الامريكية للحد من الخطر النووي الإيراني الا انه لا يمنع من تأجيل التعامل مع هذا الملف بعض الوقت لحين الانتهاء من المشكلات القائمة في العراق والانتخابات الرئاسية الامريكية ولذلك اتجهت الادارة الامريكية في المرحلة الحالية إلى تكثيف الضغوط على ايران من اجل وقف برنامجها النووي والخضوع للتفتيش الدولي ولم يخل الامر من بعض التحذيرات والتهديدات للنظام الإيراني.فقد وجه الرئيس الامريكي بوش اكثر من تحذير إلى ايران بشأن استمرارها في تنفيذ برنامجها للسلاح النووي وأعلنت الادارة الأمريكية عن رغبتها في ان تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش مكثف للمنشآت النووية الايرانية للتأكد من انها لا تستخدم لأغراض عسكرية وطالبت ايران بالموافقة على توقيع البروتوكول الاضافي لمعاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية الذي يسمح بالتفتيش المفاجئ على منشآتها النووية.ولعل تشابه الحملة الامريكية ضد ايران مع مقدمات الحملة التي شنتها امريكا على العراق بنفس الاتهامات هو ما يزيد المخاوف الايرانية من التعاون الايجابي وفتح منشآتها امام المفتشين الدوليين، وهو الامر الذي فعله العراق ولم يمنع الولاياتالمتحدة من شن حرب ضده ولذلك فهناك آراء داخل ايران تدعو إلى عدم تقديم أي تنازلات استجابة للضغوط بل ودعت بعض الآراء إلى الانسحاب من اتفاقية منع انتشار الاسلحة النووية بكاملها اسوة بكوريا الشمالية في حين تدعو آراء اخرى إلى التعاون والتوقيع على البروتوكول الملحق بالاتفاقية تحاشيا للصدام مع امريكا. ضربة إسرائيلية اما التقديرات الإسرائيلية فتذهب إلى ان عام 2005 سيشهد ميلاد اول قنبلة نووية إيرانية وفي هذه الحالة ستفقد اسرائيل احد عناصر قوة الردع الاساسية لديها في المنطقة والمتمثلة في اكثر من 350 قنبلة نووية وفق بعض التقديرات ولذلك ترى اسرائيل انها في سباق مع الزمن لوقف تطور البرنامج النووي الايراني وذلك اما بتحريض المجتمع الدولي والولاياتالمتحدة للحد من هذا الخطر المحدق عليها كما فعلت مع العراق من قبل او بقيام اسرائيل نفسها بخطوة جدية لوقف هذا البرنامج.ولما كانت إسرائيل غير قادرة في ظل الاوضاع الاقليمية والدولية الحالية على القيام بشن حرب شاملة ضد ايران ولما كانت امريكا غارقة حتى الآن في المستنقع العراقي ومشغولة بالانتخابات الرئاسية بما يجعلها غير قادرة على المدى القريب على توجيه حملة عسكرية لايران ولما كان موعد ايران مع امتلاك القدرات النووية والصاروخية قد اقترب من الخطوط الحمراء التي حددتها اسرائيل فإن المراقبين يرجحون امكانية ان تلجأ اسرائيل إلى القيام بتوجية ضربة جوية للقدرات النووية الايرانية مماثلة لتلك التي قامت بها ضد المفاعل العراقي (اوزيراك) في يونيو عام 1981. ويقول المراقبون ان حدوث ذلك ممكن إلى حد كبير خاصة وان رئيس الوزراء الحالى شارون كان يتولى وزارة الدفاع في حكومة مناحم بيجن عام 1981 التي اتخذت قرار الهجوم على المفاعل العراقي ويؤكد المراقبون ان شارون لن يتورع عن توجيه ضربة مماثلة لايران اذا وجد من الاسباب ما يكفيه لعمل ذلك ويقول الاسرائيليون ان الضربة يمكن ان تشمل ايضا مواقع إيرانية اخرى في لبنان لانه على حد زعمهم فان الايرانيين المساندين لحزب الله قاموا بنصب معدات واجهزة اطلاق صواريخ من الاراضي اللبنانية عن طريق رجال الحرس الثوري الإيراني الذين يدربون كوادر حزب الله. مستقبل التهديدات ولكن رغم تصاعد هذه الحملة الشرسة من جانب امريكا واسرائيل ضد ايران هل يمكن ان يتطور الامر فعلا إلى توجيه ضربة عسكرية إلى ايران سواء من قبل امريكا او اسرائيل ؟ المحللون يقولون: انه لا يمكن التنبوء حاليا باتجاهات السياسة الامريكية تجاه ايران خاصة وان هذه الفترة حرجة بالنسبة للادارة الامريكية في التعامل مع الملف النووي الايراني فالانتخابات الرئاسية على الابواب وما زالت قواتها تستنزف في العراق كما ان ضرب ايران له صداه الكبير على ملفين مهمين بالنسبة للادارة الامريكية الاول بالنسبة لقواتها الموجودة في العراق ومناطق اخرى في المنطقة خاصة اذا اخذنا في الاعتبار الروابط الدينية والعقائدية والتأثير الروحي الإيراني في هذه البلدان وهو ما يمكن ان يؤثر سلبا ضد القوات الامريكية في العراق والمصالح الامريكية في المنطقة والثاني في فلسطين فاذا ضربت ايران فلن تكون هناك خريطة طريق فما يحدث في ايران يجد صداه في فلسطين.اما بالنسبة لإسرائيل فان تفكيرها في توجيه ضربة للقدرات النووية الايرانية ينطوي على مغامرة غير محسوبة العواقب لعدة اسباب اهمها الصواريخ الايرانية القادرة على الوصول إلى أي مكان في اسرائيل ( شهاب 3) التي يمكن ان تستهدف ايضا مواقع نووية اسرائلية كما ان هذه الضربة يمكن ان تفتح الجحيم على اسرائيل من خلال العمليات الفدائية التي يمكن ان يشنها حزب الله ورجال الحرس الثوري الإيراني وكذلك حركات المقاومة الفلسطينية التي ستستغل انشغال اسرائيل بالصراع مع ايران لتضرب في العمق الاسرائيلي بحرية اكثر. وعلى الرغم من هذه الاسباب والاعتبارات التي يمكن ان تشكل عائقا امام إقدام امريكا او اسرائيل على توجيه ضربة عسكرية إلى ايران او مواقعها النووية فان احتمالات الضربة من وجهة نظر محللين آخرين لا تزال قائمة مع استمرار شهية امريكا المفتوحة لتغيير بعض الانظمة في المنطقة وامكانية نجاح ادارة بوش بصقورها في الانتخابات الرئاسية القادمة وكذلك مع استمرار الهاجس الامني الاسرائيلي وزيادة قوة ونفوذ تيار اليمين المتشدد المتطلع دائما لأن تكون اسرائيل القوة الاقليمية الوحيدة المهيمنة على المنطقة وهو ما يستدعي من وجهة نظرهم القضاء على مصادر التهديد في المنطقة وعلى رأسها ايران بعد ان نجحت في التخلص من التهديد العراقي.