أسفرت قمة شرم الشيخ عن نجاح واسع وحققت خطوات ملموسة على أصعدة مختلفة، وأعادت الثقة في القدرة العربية على ممارسة ضغوط على إسرائيل والتأثير على الموقف الأمريكي وتطويق سياسة شارون الدموية ووضعها على المحك، وذلك بالتأكيد على الرغبة الصادقة للعرب في التمسك بالسلام كخيار استراتيجي.. هذا ما يؤكده العديد من المحللين والمفكرين السياسيين وخبراء الاستراتيجية حول قمة شرم الشيخ وما أثمرت عنه من نتائج. الجزيرة استطلعت آراءهم عبر السطور التالية: المحك الأخير يقول محمد صبيح مندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية: أكدت القمة العربية بما لا يدع مجالا للشك أن التجمع العربي وخاصة أضلاع المثلث الذهبي المملكة العربية السعودية ومصر وسوريا يعني القوة في مواجهة التحديات، وجاءت القمة لتؤكد أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى فقد نجحت القمة منذ بداية الإعلان عنها في صد محاولات شارون لاجتياح قطاع غزة وأكدت على أن الرئيس ياسر عرفات هو الرئيس الشرعي والمنتخب من قبل الشعب الفلسطيني وأولت القمة أهمية كبرى لحماية الشعب الفلسيني وأخذ القصاص من الإسرائيليين القتلة الذين ارتكبوا مذبحة جنين، وذلك بالتأكيد على ضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة في إرسال لجنة تقصي الحقائق إلى جنين، إضافة إلى ذلك وضعت القمة شارون على المحك الأخير له وذلك بتأكيدها على أن السلام خيار العرب الاستراتيجي وأن المبادرة العربية للسلام هي أساس أي تحرك عربي وبهذا وضعت القمة أمريكا أمام مسؤولياتها في تحقيق السلام وهي التي تنادي به وعليه لابد من الضغط على إسرائيل لقبول السلام، ووقف اعتداءاتها.. وفي سياق الضغط على أمريكا وإسرائيل تأتي الزيارات الأخيرة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وزيارته لواشنطن وكذلك الرسالتان اللتان بعث بهما الرئيس حسني مبارك إلى كل من شارون وبوش وكافة التصريحات السابقة التي تؤكد على ضرورة أن تغير واشنطن من سياستها ومواقفها حيال التعامل مع قضية الشرق الأوسط، وضرورة بذل المزيد من الجهود لتفادي الأعمال العسكرية الإسرائيلية التي ستدفع بالمنطقة إلى دائرة مفرغة من العنف.ويضيف صبيح أن قمة شرم الشيخ جاءت لتعبر عن رسالة قوية للولايات المتحدة وإسرائيل بضرورة التحرك والاعتراف بالحقوق الفلسطينية الكاملة وعودة الأراضي المغتصبة وأنه إذا رغبت إسرائيل في العيش في سلام حقيقي عليها التوقف عن عمليات القتل والتدمير والإبادة التي تمارسها بحق الشعب الفلسطيني دون رادع إنساني. تأثيرات ملموسة ويرى الدكتور صلاح الدين سليم المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة أن القمة حققت قفزة كبيرة على صعيد التنسيق العربي وبلورة الرؤى العربية تجاه الأحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة، وفي مقدمتها بالطبع ما يحدث في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، ولعل أولى تأثيراتها الملموسة على واقع الحال الفلسطيني هو الضغط على إسرائيل وتحذيرها من الإقدام على أية اقتحام مدن أخرى مثل غزة، فقمة شرم الشيخ جاءت في وقت حاسم تمر فيه المنطقة بمرحلة الغليان والغضب لتؤكد حقيقة أن تحرك دول المثلث العربي له أهميته، ويحمل رسالة قوية للعالم، وفحوى هذه الرسالة أن العرب ليسوا دعاة عنف وليسوا إرهابيين وأن طريق السلام هو خيار العرب الاستراتيجي وهو طريق الأمان والاستقرار لجميع شعوب المنطقة، وهذا ما حدا بالولاياتالمتحدةالأمريكية بالترحيب ببيان القمة فقد أعاد أمريكا للعب دور متوازن غير منحاز لإسرائيل وأن للعرب وضعيتهم ومكانتهم المؤثرة الضاغطة كما أكدت قمة شرم الشيخ أن آلة الحرب الإسرائيلية والمراوغات المكشوفة التي يمارسها شارون لا يمكن أن تأتي بأي سلام، وستأتي وبالاً على إسرائيل نفسها، فالقمة جاءت في وقت مناسب تماماً نظرا لتعقد الظروف الراهنة نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني والتهديدات الإسرائيلية باجتياح غزة، وعلى ذلك حققت القمة ضغطاً على إسرائيل في كفها عن التمادي في عدوانها، كذلك وضعت الإدارة الأمريكية أمام مسؤولياتها كراعية للسلام وكدوة عظمى يجب أن تنفذ وعودها للعرب عقب أحداث 11 سبتمبر بالسعي نحو تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، كما أكدت القمة على أهمية نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته لقوات الاحتلال الإسرائيلي والتنديد بالمجازر الإسرائيلية المستمرة، كل هذه النجاحات تؤكد أن قمة شرم الشيخ أثبتت نجاحها وأكدت أهميتها على كافة الأصعدة والمستويات موقف موحد ومن ناحيته يرى الدكتور السيد عليوة أستاذ العلوم السياسية جامعة حلوان أن القمة الثلاثيه التي عقدت في شرم الشيخ بحضور صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس مبارك والرئيس السوري بشار الأسد بعثت للعالم أجمع رسالة واضحة ومحددة وهي الرغبة الصادقة للعرب في السلام، ويبقى أن تفهم الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل هذه الرسالة والتجاوب معها لأن الفرصة أصبحت سانحة لإبرام مصالحة تاريخية شاملة تتحول إسرائيل في سياقها إلى دولة طبيعية في المنطقة، أما التردد والمماطلة فسوف يفتحان الطريق أمام احتمالات في غاية الخطورة. ويضيف عليوة أن القمة أحيت الآمال في التوصل إلى موقف عربي موحد في مواجهة الأخطار التي تواجه الأمة العربية من جراء العدوان الإسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وتدمير المدن والقرى الفلسطينية وارتكاب المجازر الوحشية التي لم يسبق لها مثيل ولذا جاءت القمة في وقت حاسم ولتؤكد حقيقة راسخة يدركها الجميع وهي أن التحرك العربي لمواجهة التحديات قوة لا يستهان بها. وأشار د. عليوة إلى أن قمة شرم الشيخ جاءت لتفادي أضرار أحداث 11 سبتمبر على عملية سلام الشرق الأوسط وعلى معادلة الصراع العربي الإسرائيلي حيث وضعت خطوات واضحة في طريق التحرك العربي المشترك، وأكدت على رغبة الدول العربية في نهج السلام كبديل عن الحرب والصراع وأشار أن القمة الثلاثية سوف تدفع بمزيد من الضغوط الدولية على واشنطن وتل أبيب في إيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية وسوف تحشد مزيد من التأييد العالمي، للمواقف العربية في مقابل الموقف الإسرائيلي المتعنت. ويؤكد الدكتور صلاح عامر أستاذ القانون الدولي أن أهم ما أسفرت عنه تلك القمة هو إعادة الوحدة للصف العربي مرة أخرى، وإعادة الثقة في قدرة القادة العرب في الضغط على إسرائيل، فالقمة جمعت مثلثاً عربياً قوياً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، الأمر الذي أعاد للتنسيق العربي أهميته وتأثيره، ولاننسى ان القمة العربية في شرم الشيخ وجهت رسالة قوية للرأي العام الإسرائيلي بل والعالمي عن رغبة العرب الصادقة في تحقيق السلام وأنه الخيار الاستراتيجي في المرحلة القادمة الأمر الذي يزيد من حجم الضغوط السياسية الداخلية على حكومة شارون ويضعها في موقف أكثر سوءاً مع الرأي العام داخل إسرائيل.ولا ننسى أن القمة الحالية جاءت في خضم المحاولات المستمرة والمتزايدة في الفترة الأخيرة لإعادة مجريات عملية السلام المتعثرة منذ مجيء شارون للحكم، وتعتبر هذه القمة هي الفرصة الأخيرة التي يتيحها العرب للسلام العادل مع إسرائيل، خاصة، وقد حملت هذه القمة رسالة واضحة لواشنطن والدول الغربية بضرورة التحرك الفعال لإحياء عملية السلام في ظل الجهود العربية المثمرة التي ما زال يرفضها شارون وحكومته فجاءت القمة لكشف القناع الذي ترتديه حكومة شارون والتأكيد على وجهها الحقيقي الرافض للسلام، والتأكيد على إرهاب الحكومة الإسرائيلية وليست السلطة الفلسطينية.