بعد قمتي شرم الشيخ والعقبة تقف منطقة الشرق الاوسط امام مفترق طرق، فاما ان تسير إلى السلام والاستقرار وفق (خارطة الطريق) التي ارتضاها المجتمع الدولي، واما تنجرف إلى هاوية العنف والارهاب وهو ما ترفضه الشعوب ولا يرتضيه العالم، الطريق الاول يمكن السير فيه بأمان اذا خلصت النوايا وصدق العمل. والسؤال الذي اصبح يتردد الان في الشارع العربي وفي اوساط الخبراء والمهتمين بقضايا الصراع العربي الاسرائيلي: هل نتائج قمتي شرم الشيخ والعقبة وضعت الاسس والضمانات التي تجعل الامور تسير في طريق السلام، وتبعد شبح السقوط في دوامة العنف في المنطقة؟! وهل هناك صدق في النوايا من جانب اسرائيل، وضمانات من جانب امريكا لتنفيذ خارطة الطريق؟ وما المساندة العربية المطلوبة لدعم خارطة الطريق؟ "اليوم" حملت هذه الاسئلة ووضعتها أمام بعض الخبراء والمحللين للحصول على اجابات تشخص الحاضر وتستقرىء المستقبل!! وقبل استعراض التفاصيل لا بد ان نشير إلى ايجاز القول الذي يحمل انقساماً في الرأي واجماعاً في جزء من تطورات الموقف، فاذا كان البعض يرى ان نتائج قمتي شرم الشيخ والعقبة تمثل محاولة ايجابية لاحداث انفراجة في السلام ودفع الامور إلى التسوية التي تضمن قيام دولة فلسطينية بجوار دولة اسرائيل عام 2005، رأى فريق آخر ان النتائج لم تضع الاسس والالتزامات والضمانات اللازمة لبدء دوران عجلة السلام وتنفيذ خارطة الطريق وبدا ذلك واضحاً حينما رفضت اسرائيل اصدار بيان مشترك في قمة العقبة يحدد الالتزامات الآنية التي يجب تنفيذها فوراً، الا ان الاجماع بين الفريقين تمثل في عدة نقاط في مقدمتها ان هاتين القمتين يمثلان فرصة سانحة لتحقيق تسوية سلمية في المنطقة، وهذا في حد ذاته تطور ايجابي اذا اخذنا في الاعتبار حالة الجمود التي اصابت عملية السلام طوال السنوات الماضية. الأمر الثاني الذي تم الاجماع عليه ان قمة شرم الشيخ اكدت على الحقوق العربية في التسوية والتي تقوم على مبادرة الامير عبدالله التي اقرت بالاجماع في القمة العربية في بيروت، وهذا مبدأ مهم لا بد من الاشارة اليه لان هذا المبدأ في التسوية يحافظ على الحقوق العربية ويضمن السلام العادل والشامل. يضاف إلى ذلك اختلاف الاجواء الاقليمية في ضوء نتائج الحرب الامريكية ضد العراق وحاجة واشنطن تجميل وجهها في المنطقة. مسئولية الأطراف البداية للسفير احمد ابو الخير مساعد وزير الخارجية المصري الاسبق، الذي اشار إلى عدة نقاط اهمها ان القمتين وضعتا كل الاطراف امام مسئولياتهم وبات من الضروري البدء فوراً في تنفيذ الالتزامات، فاذا كانت قمة شرم الشيخ فرصة للمصارحة والمكاشفة بين العرب وامريكا في مختلف القضايا وعلى رأسها قضية السلام فان قمة العقبة كانت اعلانا للمبادئ وبالمضي قدماً في تنفيذ خارطة الطريق. ويمكن الاشارة إلى ان الدور العربي يضطلع بمهام كبيرة خلال المرحلة المقبلة لاستثمار نتائج القمتين خاصة الدول التي شاركت في قمة شرم الشيخ وعلى رأسها السعودية ومصر، وذلك من خلال تفعيل اتصالاتها واستغلال دورها المحوري في علاقاتها مع امريكا من اجل الضغط على اسرائيل ودفعها إلى تنفيذ التزاماتها في خارطة الطريق، ولا شك ان السعودية لها دور مهم في تفعيل نتائج القمتين في شرم الشيخ والعقبة نظراً لانها صاحبة المبادرة العربية التي يتم على اساسها التسوية النهائية للصراع العربي الاسرائيلي، ولانها صوت مسموع في العالم وتربطها علاقات قوية واستراتيجية مع الولاياتالمتحدة راعية السلام في المنطقة. ويؤكد السفير احمد ابو الخير السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما مدى الدور الامريكي في المرحلة المقبلة والرد قد يكون لا يخدم اصحاب النظرة المتفائلة لان بوش لا يستطيع ان يذهب إلى مدى بعيد في الضغط على اسرائيل، وخاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في امريكا وتزايد جماعات الضغط اليهودي على صانع القرار في واشنطن. في المقابل نجد ان رئيس الوزراء الاسرائيلي رغم ما صدر عنه من تصريحات في الآونة الاخيرة واهمها اعترافه بان اسرائيل دولة محتلة وان هذا الاحتلال لن يستمر إلى الابد لنحو 3.5 مليون فلسطيني الا ان الواقع يشير إلى غير ذلك فلا يزال الجيش الاسرائيلي يقوم بعمليات قتل وتدمير في الاراضي الفلسطينية وهو ما يتناقض وتصريحاته بالالتزام بخارطة الطريق، ولكن يمكن القول ان شارون امامه فرصة ذهبية لحل المشكلة الفلسطينية اذا كان صادقاً واعتقد ان قمتي شرم الشيخ والعقبة وضعتا اسرائيل في موقف حرج، وان الايام المقبلة سوف تثبت ما اذا كانت اسرائيل جادة في تنفيذ تعهداتها ام ان الأمر بالنسبة لها مجرد مناورة؟ تبقى الاشارة ايضاً إلى نتيجة مهمة ايضاً لقمة شرم الشيخ وهي خاصة بالعراق فقد اكد البيان العربي التزام الدول العربية باستقلال العراق ووحدة اراضيه في ظل حكومة تمثل الشعب العراقي ونابعة من ارادته الحرة. تغير اللغة من جانب اخر يرى الدكتور فؤاد نبيل استاذ العلوم الاستراتيجية ان أي قراءة متأنية في النتائج التي اسفرت عنها قمتا شرم الشيخ والعقبة تؤكد اننا امام مرحلة تاريخية فاصلة في عملية السلام بالمنطقة وان تغير لغة الخطاب سواء الامريكي او الاسرائيلي يشير إلى ان هناك اجواء جديدة للسلام في الشرق الاوسط، فلأول مرة تعترف اسرائيل بانها دولة احتلال وان عليها ان تقبل بدولة فلسطينية، ولاول مرة ايضاً يتحرك الرئيس الامريكي بوش بعد ما يزيد على عامين من ولايته ليدفع بالامور إلى الطريق السليم، ويؤكد التزامه شخصياً بتنفيذ خارطة الطريق، على اساس مرجعيات اهمها رؤية بوش التي اعلنها في يونيو من العام الماضي، والمبادرة العربية التي طرحتها المملكة ، ومرجعيات اوسلو ومدريد للسلام في منطقة الشرق الاوسط. ويمكن القول ايضاً انه لاول مرة يتم تفعيل الدور العربي في تنفيذ اتفاقيات السلام، وذلك من خلال المشاركة الفاعلة للمملكة منذ طرح مبادرة الامير عبدالله وحتى انعقاد مؤتمر شرم الشيخ وهو دور كبير يعلق عليه المراقبون آمالاً كبيرة في مساعدة جميع الاطراف لانجاز السلام. ويشير الدكتور فؤاد نبيل ان هذا التفاؤل الذي نتج عن اجواء السلام الجديدة في المنطقة لا يجعلنا نغفل بعض النقاط التي قد تمثل عوائق امام خارطة الطريق، وتحتاج إلى جهود من جميع الاطراف للتغلب على هذه العقبات واولى هذه العقبات ان لم يتم الاتفاق على توحيد التزامن في تنفيذ الالتزامات والاستحقاقات الواردة في خريطة الطريق فاسرائيل إلى الآن لم تنفذ أي بند في الخارطة في حين ان الفلسطينيين قاموا بتنفيذ العديد من الخطوات التي يجب ان يقابلها خطوات مماثلة من اسرائيل على ارض الواقع. وقد يقول المتشائمون ان خارطة الطريق تلزم الفلسطينيين بجمع اسلحة الفصائل الفلسطينية ووقف الانتفاضة المسلحة دون ان يكون هناك التزامات من جانب اسرائيل ولكن في اعتقادي - والكلام للدكتور فؤاد نبيل - ان الفلسطينيين على دراية وحكمة ولديهم بعد نظر في وقف الانتفاضة الذي يجب ان يكون ايضاً مرهونا باتخاذ اسرائيل اجراءات مماثلة تبرر اسباب وقف المقاومة، وان السيد محمود عباس ابو مازن يدرك تماماً في تعامله مع الفلسطينيين ان كل ما يتم التوصل اليه وقف مؤقت للمقاومة لحين التأكد من صدق النوايا الاسرائيلية في تنفيذ الاتفاقيات. واشار إلى اهمية القمة العربية الامريكية التي عقدت في شرم الشيخ فاذا كان العرب عليهم دور رئيس في مساندة عملية السلام والعمل على انجاح خارطة الطريق فان الولاياتالمتحدة عليها الدور الاكبر والرئيسي في دفع مسيرة السلام في المنطقة والزام اسرائيل بتنفيذ الالتزامات الواردة في الخارطة، وبالتالي فان النتيجة المهمة التي يمكن ان تقول ان قمة شرم الشيخ خرجت بها هي ايجاد آلية عربية امريكية مشتركة لدفع مسيرة السلام ومساعدة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي على تنفيذ خارطة الطريق. وفيما وصفها بانها فرصة للسلام في الشرق الاوسط، قال الدكتور جمال عبد الجواد خبير الشئون السياسية والاستراتيجية ان نتائج قمتي شرم الشيخ والعقبة وفرت فرصة للسلام في المنطقة لم تعرف المنطقة مثلها منذ قمة كامب ديفيد الثانية في صيف عام 2000، فادارة الرئيس بوش ادخلت تحولاً هاماً على سياستها الشرق اوسطية فبعد اكثر من عامين رفضت خلالهما القيام بدور فعال في تحريك عملية السلام العربية الاسرائيلية قرر الرئيس الامريكي ان يمد يده ويضع الثقل والنفوذ الامريكي وراء قضية السلام في الشرق الاوسط بعد ان تمسك طوال الفترة السابقة من رئاسته بموقف يفيد ان قضية السلام في الشرق الاوسط قضية خاسرة لان اطرافها والظروف المحيطة بها لم تتضح بعد للتسوية. آلية جديدة ويضيف الخبير والباحث السياسي الدكتور جمال عبد الجواد ان قمتي شرم الشيخ والعقبة اكدتا على الالتزامات الواردة في خارطة الطريق وارستا آلية للتعاون العربي الامريكي في دعم التسوية المنشودة. ويمكن القول ان التدخل الامريكي يأتي هذه المرة وهو مسلح برؤية تقوم على تأسيس دولة فلسطينية باعتبار ذلك هو الحل الوحيد الممكن للصراع في المنطقة ويعد ذلك تحولاً مهماً في السياسة الامريكية فادارة بوش هي اول ادارة امريكية تتبنى صراحة وعلناً مبدأ اقامة دولة فلسطينية ورغم ان هذه الدولة لم تحدد حدود لها وطبيعة علاقتها مع اسرائيل وعاصمتها وتركها لمفاوضات الحل النهائي الا ان هذا التحول في السياسة الامريكية يمثل خطوة مهمة للامام تتيح للمفاوض الفلسطيني الفرصة لبدء مفاوضاته المقبلة مع اسرائيل من نقطة متقدمة.. ويعزز من فرص السلام قبول اسرائيل بهذه الدولة واعترافها لاول مرة بانها دولة احتلال وهذا اول قبول علني من جانب حكومة اسرائيل لمبدأ الدولة الفلسطينية واذا كانت هذه الحكومة هي حكومة شارون اليمينية فان الأمر يكتسب اهمية اكبر بما تعنيه من تحول الدولة الفلسطينية لتصبح موضعاً للاجماع بين القوى السياسية الرئيسية في اسرائيل، وربما كان الاكثر اهمية من قبول حكومة شارون لخريطة الطريق استخدام شارون كلمة (احتلال) في وصف الوجود الاسرائيلي في الضفة وقطاع غزة. نقاط إيجابية ومن جانبه قال السفير محمد بسيوني سفير مصر السابق في اسرائيل ووكيل لجنة الشئون العربية والخارجية والامن القومي بمجلس الشورى المصري ان قمة شرم الشيخ اكدت ان هناك املاً بشأن مسيرة السلام في الشرق الاوسط، وان الدول العربية ممثلة في مصر والمملكة والاردن والبحرين عبروا في هذه القمة بوضوح عن الموقف العربي ايذاء عملية السلام والقضية الفلسطينية وكذلك الوضع الراهن في العراق، وضرورة استغلال هذا البلد العربي.. واضاف ان نتائج قمتي العقبة وشرم الشيخ اكدت ايضاً الالتزامات ووضعت الجميع امام مسئولياته وان الكرة اصبحت الان في الملعب الاسرائيلي وعلى المسئولين الاسرائيليين اثبات حسن النوايا. واشار إلى ان قمة شرم الشيخ كانت واضحة في التأكيد على الثوابت العربية في عملية تسوية وهي مبادرة الامير عبدالله كأساس ومرجعية في اية تسوية، كما اكدت ايضاً الثوابت العربية في استقلال العراق وحريته في اختيار حكومته بكامل ارادته. واعتقد ان هذه النقاط الايجابية في الموقف العربي الذي كان واضحاً وصريحاً ومحدداً وخلق آلية للتعاون مع الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بتطورات الاوضاع في المستقبل سوف يكون اساساً لاي تحرك يتم على هذه الاصعدة، فقد حرص القادة العرب الذين شاركوا في قمة شرم الشيخ الرئيس مبارك والامير عبدالله على التأكيد على الموقف العربي وضرورة ان تكون هناك صياغة جديدة للعلاقات العربية الامريكية في ضوء التطورات والمتغيرات الراهنة في المنطقة. ومن جانبه اكد السيد احمد ابو زيد رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب المصري اهمية النتائج التي تمخضت عن قمتي شرم الشيخ والعقبة على صعيد دفع عملية السلام واعادة تقويم العلاقات العربية الامريكية حيث نجح القادة العرب الذين شاركوا في القمة في التأكيد على عدد من الثوابت العربية للتسوية وعلى ضرورة ان تكون هناك ضمانات فاعلة للتنفيذ قيما يتعلق بخارطة الطريق وهو ما كان واضحاً في تصريحات الرئيس الامريكي بوش عقب انتهاء القمة بتأكيد التزاماته بتنفيذ الخارطة ومطالبته اسرائيل بضرورة ايجاد حل للمستوطنات، وكذلك تأكيده على اقامة الدولة الفلسطينية في عام 2005، وهذا الموقف ساهم في دفع المفاوضات في قمة العقبة وهو ما كان واضحاً في تأكيد شارون على تنفيذ خارطة الطريق والقيام بازالة عدد من المستوطنات العشوائية لاثبات حسن النوايا، ورغم ان هذه المؤشرات غير كافية على وجود النية الصادقة لدى اسرائيل في التنفيذ الا انها يمكن البناء عليها في دفع عملية السلام إلى الامام خاصة في ظل وجود اجواء جديدة بالمنطقة ومتغيرات فرضتها الظروف التي اعقبت الحرب على العراق. لقد جاءت ايضاً مشاركة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بمثابة قوة دفع كبرى للمناقشات التي شهدتها قمة شرم الشيخ باعتباره صاحب المبادرة العربية التي تبناها العرب كأساس للتسوية مع اسرائيل كما وفرت دعماً سياسياً كبيراً للفلسطينيين حيث وجه المجتمعون العديد من الرسائل التي اكدت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. مؤشرات مهمة وحول آفاق المستقبل وفرص نجاح خطة السلام تقول الدكتورة ايناس لاشين الاستاذ بجامعة الازهر ان هناك مؤشرات ايجابية لا يجب اغفالها على صعيد الخطاب الامريكي والاسرائيلي فامريكا على لسان بوش تؤكد التزامها بتنفيذ خارطة الطريق واسرائيل من جانبها غيرت خطابها واعترفت لاول مرة بانها قوى محتلة وان هذا الاحتلال لن يستمر إلى الابد، هذه المؤشرات المبدئية وان كانت صغيرة في ميزان التسوية العادلة للقضية الفلسطينية الا انها تشير إلى تغير في الخطاب حيث انه من الملاحظ في الآونة الاخيرة بعد تحقيق الوجود الامريكي في العراق وطبقاً لاتجاه الامريكيين إلى صياغة جغرافية المنطقة سياسياً فانها بدأت حقيقية في عملية الضغط الفعلي على اسرائيل لكي تتبنى مواقف منسجمة مع الخطة الامريكية في المنطقة. ويبدو ان الاسرائيليين قد استشعروا هذا التغيير وسعوا إلى مسايرته بدلاً من ان يجبروا عليه الا ان هذه المؤشرات لا تدعو إلى الافراط في التفاؤل فهناك مفاوضات شاقة تنتظر الطرفين وهناك التزامات واستحقاقات وان كانت اسرائيل في هذا كله غير مطالبة بنفس المطالبات التي تقع على عاتق الفلسطينيين. زاويتان للقمة الدكتور حلمى المراغى - استاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة - اكد ان قمة شرم الشيخ اكتسبت اهمية خاصة من زاويتين الاولى انها تمت بمشاركة الولاياتالمتحدةالامريكية باعتبارها الراعى الرسمى لعملية السلام فى المنطقة والثانية انها كانت قمة للقادة العرب المؤثرين فى السياسية العربية والذين يقودون عملية السلام فيها.. ففيما يتعلق بالزاوية الاولى فان مشاركة الولاياتالمتحدةالامريكية فيها اعطتها نوعا من المصداقية وذلك على اعتبار انها اعلنت التزامها بتنفيذ ماتوصل اليه القادة العرب فى قمتهم, هذا فى الوقت الذى تسعى فيه الادراة الامريكية لاظهار حسن النوايا واعادة الثقة العربية تجاهها خاصة بعد ان واجهت سياستها الخارجية معارضة شديدة خلال فترة مابعد احداث 11 سبتمبر وغزوالعراق .. وفيما يتعلق بالزاوية الثانية فان اجتماع الرئيس الامريكى بوش بالقادة العرب يفرض عليه التزاما اكثر وجدية فى التنفيذ بدرجة كبيرة وذلك لان القادة العرب هم المؤثرون فى السياسة العربية ويشكلون الرأي العربى على مستوى القادة هذا بالاضافة الى انهم الذين يكادون يحملون هموم الامة على اكتافهم ويقومون بتقديم المبادرات العربية من اجل تجنيب المنطقة المشاكل الناجمة عن تقليل فرص السلام بها. واشار المراغى الى الدور الذى تقوم به كل من مصر والمملكة فى دفع عملية السلام فى المنطقة وقال ان مبادرة صاحب السمو الملكي الامير عبد الله تعد واحدة من اهم المبادرات العربية التى تنم عن احساس المملكة بالمسئولية تجاه الامة العربية والاسلامية وهى مبادرة من شأنها احلال السلام فى المنطقة شريطة ان يتعاون القادة العرب فيما بينهم من اجل تفعيلها وسد كل الطرق امام الحكومة الاسرائيلية كى لاتستمر فى سياسية المراوغة والمماطلة التى عودت عليها الانظمة العربية. ويعرب المراغى عن اعتقاده بان القمتين انتهتا الى نتائج ايجابية والى بارقة امل جديدة على طريق الحل السلمى للقضايا العربية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية وهو الامر الذى يجب ان يعطى العرب مزيدا من الانطلاق نحو اتخاذ الاجراءات التى من شأنها احلال السلام فى المنطقة العربية مشيرا الى اهمية التعاون العربى المشترك من اجل توحيد الكلمة واظهار روح التعاون حتى تكون الامة العربية قوية فى التأكيد على تحقيق مطالبها وتنفيذ ماتم التوصل اليه. تفاؤل حذر اما اللواء مصطفى عبد الرحمن الخبير الاستراتيجى فأعرب عن تفاؤله بما توصلت اليه قمتا شرم الشيخ والعقبة وقال ان القمتين اظهرتا اتجاها ايجابيا على مستوى السياستين الامريكية والاسرائيلية .. فعلى الصعيد الامريكى بدأ تحول فى السياسة الخارجية الامريكية ظهر فى تغيير لهجة الخطاب السياسى تجاه قضايا الشرق الاوسط وقد بدأ ذلك فى خطاب الرئيس الامريكى بوش فى مايو من العام الماضى وذلك حينما اكد على ضرورة اقامة دولة فلسطينية بجانب الدولة الاسرائيلية وهو ما اعتبره المحللون السياسيون تحولا فى لهجة الخطاب السياسى تجاه اسرائيل ثم جاءت قمتا شرم الشيخ والعقبة كترجمة فعلية لهذه اللهجة فطالبت الادارة الامريكية اسرائيل بتطبيق خارطة الطريق واعطاء الفلسطينين حقوقهم المشروعة لانهاء العنف فى الاراضى المحتلة وهو الامر الذى استجابت له بالفعل الحكومة الاسرائيلية حينما اعلنت استعدادها لتطبيق الخريطة وهذا هو التغير على الصعيد الاسرائيلى. وقال ان النتائج تعد نتائج ايجابية ومبشرة نظريا حتى الان الى ان تتحول تلك النتائج الى اعمال تنفيذية على الارض وهذا كفيل بان يتفق الجميع على الدور الايجابى الذى لعبته القمتان مشيرا الى ان تلك النتائج ترجع الى عدة عوامل منها التحول الداخلى الذى شهدته السلطة الفلسطينية والذى تمثل فى تعيين محمود عباس رئيسا للوزراء وبالتالى ايجاد قناه للحوار مع الاسرائيليين بعد ان اعلنت الحكومة الاسرائيلية منذ وصول شارون على رأسها عدم التعامل مع الرئيس عرفات وقامت بتضييق الخناق عليه ومحاصرته ومن ثم اغلاق اى باب للحوار الفلسطينى الاسرائيلى الى ان جاء ابو مازن الذى قطع الطريق امام اسرائيل وفرض عليها لغة الحوار هذا من جانب ومن جانب اخر فان التحولات التى شهدها اليمين الاسرائيلى المتطرف والرأى العام الاسرائيلى والتى كانت بمثابة رد فعل طبيعى تجاه اعمال الانتفاضة كان لها ايضا دور فى التحول المماثل للسياسية الاسرائيلية نحو الاعتدال مما دفع بشارون لاعلان قبول حكومته لخريطة الطريق.. ويدعم تلك التحولات ويفرض عليها نوعا من الايجابية لصالح قضايا العرب الرغبة الحقيقية من جانب الرئيس الامريكى بوش الابن فى تحسين صورة الولاياتالمتحدة لدى العرب عامة والمسلمين خاصة وفى كسب الرأي العام الامريكى فى الانتخابات الرئاسية القادمة مشيرا الى ان تلك النتائج لم تكن تسفر عنها اى قمم سابقة نظرا لاختلاف الاوضاع التى سبقتها والتى كان لها الدور الفاعل فى جعلها تخرج بهذه النتائج المرضية حتى الان. .. لا يقين وفى تعليقه على نتائج القمتين يقول الدكتوراحمد الهوارى الباحث بمركز الدراسات السياسية بالاهرام انه لايمكن التسليم بنجاح القمتين الى درجة اليقين بان مااسفرتا عنه من نتائج سيتم تطبيقها بالفعل وارجع السبب فى ذلك الى وجود اطراف رافضة لما توصلت اليه القمتان خاصة فيما يتعلق بحركتى حماس والجهاد اللتين اعلنتا عدم القاء السلاح والاستمرار فى مقاومة الاحتلال رغم ماتوصل اليه ابو مازن من اتفاقات مع الجانب الاسرائيلى فى قمة العقبة والتى كان فى مقدمتها وقف اعمال الانتفاضة وفى المقابل تقوم الحكومة الاسرائيلية بازالة المستوطنات المخالفة والتى اقيمت بدون تراخيص وهو مااعلنت عنه الحكومة الاسرائيلية فى اعقاب القمة هذا بالاضافة الى وجود اطراف اخرى ليست رافضة للنتائج وانما متحفظة عليها بسبب عدم ايمانهم بان تتحول الى اعمال تنفيذية ومرجعهم فى ذلك هو سلسلة اللاءات الاسرائيلية وعدم الالتزام تجاه العديد من الاتفاقات المبرمة مما يجعل الحكم على نتائج القمة بانها ناجحة امرا غير مبرر. ويرى الدكتورالهوارى انه بالرغم من التحفظات القائمة على نتائج القمتين وما يمكن ان تتنهى اليه نتائجهما من سلبيات الا انه يمكن القول ان اى ايجابية حتى ولو كانت على المستوى النظرى لقمة شرم الشيخ كانت نتيجة لجهود واصرار عربى تجاه محاولات استقرار الامن والسلام فى المنطقة العربية والتى كان فى مقدمتها المبادرة السعودية التى اعلن عنها الامير عبدالله فى قمة بيروت والتى تمثل اهم خطوة عربية تجاه الرغبة فى تحقيق السلام والتى كان لها اكبر الاثر فى تعديل اسلوب السياسة الامريكية الخارجية تجاه قضايا المنطقة وقد بلورت تلك المبادرة اعمال الادارة الامريكية فى صيغ عملية وخطوات امريكية فعلية من اجل العمل على احداث تسوية سلمية فى المنطقة خاصة وان اقطارا عربية كثيرة فى مقدمتها المملكة ومصر اظهرت زيف الادعاءات الامريكية بانها تأوي العناصر التى تشكل خطرا على المصالح الامريكية وتقوم بتمويل الارهاب فكانت المبادرة السعودية بمثابة تأكيد على ان الاقطار العربية راغبة فى السلام والامن على عكس تصورات اليمين الامريكى المتشدد الذى يسعى لتعبئة الادارة الامريكية ضد الانظمة العربية بشكل عام. ويؤكد ان النتائج فى حد ذاتها ايجابية وانها احدثت نوعا من الارتياح العربى وانه من الممكن ان تنتهى الى حلول فعلية على ارض الواقع الا ان ذلك مرهون بجدية الادراة الامريكية ومدى اخلاصها فى عملية التنفيذ خاصة وانها اخذت على نفسها تعهدا بمتابعة الخطوات التنفيذية لخريطة الطريق. وخلاصة القول ان نتائج قمتي شرم الشيخ والعقبة نقطة فاصلة في عملية السلام حيث وضعتا هذه العملية في مفترق الطرق، ولكن ما يمكن التأكيد عليه ان الموقف العربي واضح ومحدد في هذا الشأن من ان التسوية ترتكز على مبدأ الانسحاب الكامل من الاراضي العربية مقابل القبول العربي الكامل لاسرائيل كدولة بالمنطقة.