تشير جميع المؤشرات الصادرة عن المقربين من اللقاء الخامس الذي جمع بين شارون وبوش خلال عام تقريبا إلى أن اللقاء لم يحقق أي تقدم تجاه أهداف شارون. ورغم محاولات بعض مسؤولي الإدارة الأمريكية الإيحاء بأن الأمور تمضي على ما يرام فإن الواضح أن بوش وشارون مازالا منقسمين بشدة حول طريقة التعامل مع الفلسطينيين. وأبرز هذه الخلافات بدت بوضوح عندما سئل الرئيس بوش وشارون عما إذا كانت الدولة الفلسطينية يجب أن تكون الهدف الواضح لأي جهود سلام حيث انطلق بوش بالقول «نعم وانا لم أغير موقفي أبدا». «وبعده بلحظات قال شارون ردا على نفس السؤال» مازال الوقت مبكرا للحديث عن مثل هذا الموضوع. «ولما كانت زيارة لشارون إلى واشنطن قد اختتمت بعملية فدائية فلسطينية تدفعه إلى العودة سريعا فقد فاجأت عملية تل أبيب شارون وهو مجتمع مع الرئيس بوش في المكتب البيضاوي فخرج ليقول إنه لم يخبر الرئيس الأمريكي ولا نائب الرئيس الأمريكي بالرد الإسرائيلي المنتظر على هذه العملية وأنه لم يحصل منهم على موافقة على أي شيء في هذا الشأن». واضطر شارون إلى قطع زيارته إلى أمريكا والعودة مسرعا إلى إسرائيل مكررا نفس السيناريو الذي شهدته زيارته السابقة بكل تفاصيلها مع اختلاف جديد وهو أن عودته هذه المرة جاءت بعد أن كان يتصور أنه جاء إلى واشنطن حاملا خطة سلام المنتصر بعد حوالي شهر ونصف الشهر من العمليات العسكرية في المناطق الفلسطينية. ويكاد يجمع المحللون على أن لقاء شارون وبوش لم يسفر عن أي اتفاق بين الجانبين بشأن نقاط الخلاف بينهما والتي كان كل طرف حريصا على إعلانها قبل اللقاء. وعما إذا كان الرئيس بوش طلب منه ضبط النفس وعدم الرد على هذه العملية قال شارون إن هذا الموضوع لم يطرح أساسا ولم يقل أحد هذا. في الوقت نفسه أكد الدبلوماسيون العرب في واشنطن أنهم غير متأكدين مما إذا كانت الإدارة الأمريكية لديها خطة تحرك واضحة نحو السلام أو أنها ستمارس أي ضغط على شارون. وفي الوقت الذي كان شارون متجها فيه إلى البيت الأبيض كان الرئيس بوش يعتزم تحديد مسار الحوار مع ضيفه الإسرائيلي للحيلولة دون العودة إلى الحوارات المفتوحة. في الوقت نفسه كان شارون يعتزم طرح ما يمكن أن يسمى بخطة سلام ولكنها لا تتضمن أي دور للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وقال شارون في لقاء صحفي مع عدد من الكتّاب الأمريكيين في واشنطن إنه يجب أن يتم استبعاد عرفات من أي جهود مستقبلية ويمكن ان يقتصر دور عرفات على كونه رمزا سياسيا في حين تتحول السلطة العليا لدى الفلسطينيين إلى شخص آخر بدرجة رئيس وزراء. ولكن الإدارة الأمريكية والرئيس بوش أصرا على حتمية العمل مع عرفات باعتباره الرئيس الذي اختاره الفلسطينيون لتمثيلهم وهذا أحد أوجه إخفاق شارون أيضا في الحصول على أي مكسب في هذه النقطة رغم أنه جاء إلى البيت الأبيض حاملا معه ملفا مليئا بالوثائق التي تؤكد على حد زعمه العلاقة الوثيقة بين الرئيس عرفات وبين ما يسميهم شارون بالإرهابيين الفلسطينيين. وادعى شارون أن الإدارة الأمريكية وافقت على ضرورة إجراء إصلاحات على السلطة الفلسطينية وأضاف أنه لم يواجه أي ضغوط من جانب بوش لتغيير السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الموقف بشكل عام. وقال شارون والمسؤولون الأمريكيون إن الرئيس بوش أثار خلال اللقاء بينهما قضية إزالة المستوطنات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية المحتلة ولكن شارون قال إنه أخبر الرئيس بوش بأن مثل هذا الموضوع سابق لأوانه حاليا. وقال شارون إن خطته للسلام تختلف عن المقترحات السابقة وتعتمد على ثلاثة مبادئ أساسية وقف العنف تماما وخطوات انتقالية طويلة المدى وإقامة علاقات أفضل بين الإسرائيليين والفلسطينيين قبل التوصل إلى أي اتفاق سلام حقيقي. وقال مسؤولون أمريكيون إن شارون تحدث مجددا عن مؤتمر سلام إقليمي لاستئناف جهود السلام ولكن مسؤولا بالإدارة الأمريكية قال إن المؤتمر الدولي الذي دعا إليه وزير الخارجية الأمريكي كولن باول يبدو أنه الفكرة الأقرب إلى التنفيذ والأكثر قدرة على تحقيق نتائج إيجابية. وقال المسؤول إن الرئيس بوش طالب شارون مجددا لإعادة فتح المناطق الفلسطينية المغلقة بأسرع وقت ممكن حتى يمكن للفلسطينيين العودة إلى أعمالهم واستئناف حياتهم الاقتصادية. وأضاف المسؤول أن الرئيس بوش تحدث لوقت طويل مع شارون عن حصوله على وعد من الدول العربية للقيام بدور أكثر فاعلية في جهود إحلال السلام. في الوقت الذي كان هذا الحديث يدور عن استعداد عربي للمساهمة في جهود بناء هذا السلام أمضى رئيس الوزراء الإسرائيلي أغلب ساعات اليومين اللذين قضاهما في واشنطن لكي يشكك في الدور العربي وبخاصة المملكة العربية السعودية كلاعب رئيس في المنطقة زاعما أن الدول العربية تساند الإرهاب. وفي الوقت الذي يواجه فيه الرئيس بوش ضغوطا متزايدة من جانب الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري ومن الكونجرس الأمريكي لكي يسمح لشارون بممارسة عدوانه ضد الشعب الفلسطيني بدعوى تحقيق الأمن لإسرائيل فقد كان البيت الأبيض حريصا على التأكيد على أن كلا من الرئيس بوش وأرييل شارون يعملان وفق تكتيكات مختلفة في هذا الشأن. وأكد جميع المقربين من المحادثات التي جرت بين بوش وشارون أن الرجلين لم يتطرقا إلى العملية الاستشهادية الفلسطينية التي فاجأهما نبأها أثناء اجتماعهما في البيت الأبيض. وقالت كوندليزا رايس مستشارة الرئيس جورج بوش لشئون الأمن القومي إن شارون تلقى رسالة تقول إنه وقعت عملية فدائية أسفرت عن خسائر بشرية كبيرة ولم يتحدث بوش بأكثر من كلمات العزاء الشخصي لشارون وتأكيد إدانته لقتل الأبرياء.