أعادت زيارة ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز للولايات المتحدةالأمريكية ولقاؤه بالرئيس الأمريكي جورج بوش في مزرعته الخاصة بولاية تكساس كرة عملية السلام في الشرق الأوسط مرة أخرى إلى المكان الذي لا يريده أبدا الرئيس الأمريكي بوش وهو الملعب الأمريكي. وعموما فالخطوط العريضة للسلام في الشرق الأوسط أصبحت واضحة لدى اللاعبين الإقليميين والدوليين في الأزمة وهي وجود دولتين فلسطينية وإسرائيلية بجوار بعضهما البعض. ورغم ذلك فإن استجابة إدارة الرئيس بوش لبعض الأفكار الجديدة التي طرحها الأمير عبد الله سوف تحدد إلى حد كبير رغبة الإدارة الأمريكية في تبني خطوات محددة. كما ستشير هذه الاستجابة إلى مدى رغبة الإدارة في السعي نحو الوصول فعلا إلى اتفاق سلام، فعقب زيارة الأمير عبد الله قال المسؤولون في الدول العربية أنهم متأكدون من أهمية وجود أمريكا تحت إدارة بوش كطرف أساسي في لعبة السلام سواء أراد بوش أم لم يرد. وقال دبلوماسي عربي قريب من المحادثات التي جرت بين بوش والامير عبد الله إنه متفائل بنتيجة المحادثات وإن الإدارة الأمريكية وقفت وراء الدعوة لاجتماع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وروسيا والأمم المتحدة في مدريد في الثاني من مايو القادم وهو المؤتمر الذي يهدف إلى تحديد مستقبل عملية السلام. كان الأمير عبد الله بن عبد العزيز قد وصل إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية الأسبوع الماضي ومعه ما يمكن أن نطلق عليه رؤية عربية للسلام يمكن اعتبارها «العصا والجزرة» العصا تتمثل في المخاطر التي يمكن أن تهدد المصالح الأمريكية في الدول العربية بسبب دعمها لإسرائيل ورئيس وزرائها أرييل شارون. أما الجزر ةفتتمثل في خطة سلام من ثماني نقاط تمثل تلخيصا وتطويرا لمبادرة السلام التي أطلقها الأمير عبد الله وتبنتها القمة العربية في بيروت في مارس الماضي. وكان قادة الدول العربية الرئيسية قد راجعوا مقترحات السلام التي طرحها الأمير عبد الله وذلك قبل زيارة سموه للولايات المتحدة حيث كانوا يشعرون أن مبادرة السلام العربية في مارس الماضي لم تحظ بالاعتراف الدولي المطلوب. ويرى القادة العرب أن مقترحات الأمير عبد الله هي تطبيق للمبادئ الثابتة بحثا عن السلام في ظل الظروف الحالية. وقال أحد الدبلوماسيين العرب إن هذه المقترحات تعتبر صياغة جديدة للمرجعيات القديمة مثل قرارات مجلس الأمن والاتفاقيات الدولية. وتتضمن النقاط الثماني انسحاب إسرائيل الكامل من مناطق الحكم الفلسطيني ووقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراض المحتلة، كما تقترح بدء محادثات للسلام بقيادة الولاياتالمتحدة وتقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين الذين تضرروا بشدة من الاجتياح الإسرائيلي الأخير. وتهدف النقطة الأخيرة إلى إظهار اهتمام الولاياتالمتحدة بالأحوال المعيشية للفلسطينيين وذلك أمام الشعوب العربية، كما تؤكد اهتمام الأمير عبد الله في تحركاته بمعاناة الشعب الفلسطيني. يقول ريتشارد ميرفي السفير الأمريكي السابق في المملكة العربية السعودية والذي يعمل حاليا خبيرا في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك إن غضب الأمير عبد الله من المعاملة البشعة من جانب إسرائيل للفلسطينيين واهتمامه الكبير حاليا بمواجهة الأزمة الإنسانية الناجمة عن ذلك كان واضحا في كل مرة كنت أتحدث فيه مع سموه. ويمكن القول إن الهدف الأساسي لزيارة الأمير عبد الله بن عبد العزيز هو لدفع الولاياتالمتحدة للعب دور أكثر فاعلية في أزمة الشرق الأوسط بدلا من الدورالذي ظلت تلعبه طوال الشهور الماضية. ولم يتضح بعد أثر كلمات الأمير عبد الله بعد محادثاته مع الرئيس بوش والتي امتدت أطول من الوقت المحدد لها حتى الآن، ولكن بمجرد أن تم الاتفاق على تمديد زيارة الأمير عبد الله لأمريكا وإتاحة الفرصة لإجراء المزيد من المشاورات بين مسؤولي الجانبين كان من حق السعوديين أن يعلنوا نجاح الزيارة . يقول مايكل هودسون مدير مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون إنه كان واضحا من وجهة النظر السعودية أن زيارة الأمير عبد الله نجحت جزئيا على الأقل، فهناك مؤشرات كثيرة على أن رسالة الأمير عبد الله وصلت إلى الأمريكيين. فقد خرج الرئيس بوش يوم الجمعة وهو اليوم التالي للقائه مع الأمير عبد الله ليتحدث بلغة واضحة وحاسمة عن انسحاب إسرائيل من المناطق الفلسطينية المحتلة فقال إنه حان الوقت لينتهي الوجود العسكري الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية. ولكن ردود المسؤولين الأمريكيين بشأن مقترحات السلام السعودية لم تكن واضحة بدرجة كافية، فالمتحدث باسم البيت الأبيض أري فليتشر قال إنها تتشابه مع المقترحات الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط. وقال إن لقاء تكساس قد دعم الثقة وساعد في تخفيض الوقت اللازم للتحرك نحو السلام، ولكن بوش لم يعلق على مقترحات السلام السعودية في لقائه مع الصحفيين لأن الإدارة الأمريكية مازالت تدرس هذه المقترحات وحتى لا يبدو أن الإدارة الأمريكية تتحرك تحت ضغط العصا السعودية. ولكن بوش أوقف قرارا في الكونجرس يوم الجمعة الماضي لتقديم مساعدات جديدة لإسرائيل حيث قال إنه يفهم الرغبة في إظهار الدعم القوي لإسرائيل ولكنه قال إن المصالح الأمريكية تتجاوز إسرائيل إلى إقامة علاقات جيدة مع المملكة العربية السعودية والأردن ومصر.