قد يضحك الإنسان بملء فيه عندما يرى مواقف تدعو إلى الضحك، أو يسمع قصة أو نكتة معينة. أو أن تكون ظاهرة الضحك عند بعض الناس بدون سبب يدعو لذلك. يقول زكريا إبراهيم «1966م» في مقال له تحت عنوان «الضحك» مجلة العربي الكويتية العدد: 97: يقترن الضحك في نظر كثير من الباحثين في العادة بمجموعة من المؤثرات المنبهات الفسيولوجية. كما أنه يصاحب في كثير من الأحيان ظاهرة السرور والانشراح. كذلك يقرر عدد من علماء النفس أن للضحك والفكاهة دلالة اجتماعية واضحة، نظراً لأنهما متأثران بالوسط الاجتماعي المباشر والظروف الحضارية العامة. ويميل معظم علماء النفس فيما يتعلق بالميول الإنفعالية والغريزية التي يتصل بها الضحك إلى حصرها في الخوف، والجنس، والعدوان، والإحساس بالانتصار أو التفوق. يقول أبو الطيب المتنبي في قصيدة يمدح بها كافورا: في جسم أروع صافي العقلِ يُضحِكه خلائق الناس إضحاك الأعاجيب كافور ذكي، كان إذا نظر إلى أفعال الناس في عصره ضحك منها تعجباً منهم هزءاً واستصغاراً لهم. وإذا ما انتقلنا إلى المجال العقلي، وجدنا أن الباحثين يقررون أن الضحك كثيراً ما يتولد عن المفارقات، والجمع بين المواقف المتباينة، والتأليف بين العناصر المتنافرة، ووضع الشيء في غير موضعه. ويضيف إبراهيم قائلاً: يصف الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز الضحك بأنه هزة فجائية تهبط علينا لشعورنا بسمونا ورفعة شأننا، إما بالقياس إلى الآخرين الذين هم في حالة ضعف وضعه. ويقول أبو الطيب في قصيدة يمدح بها هارون الأوارجي: ولَجُدتَ حتى كدت تبخل حائلا للمنتهي ومن السرور بكاء ويقول إبراهيم أيضاً: ألا يحدث أحياناً حتى في مجتمعاتنا الحديثة نفسها، أن يبكي الإنسان من شدة الفرح؟ وهل يمكننا أن نعتبر الضحك الهستيري مثلاً تعبيراً عن شعور بالبهجة أو السرور. هنا نجد أن الضحك قد ينبعث إما نتيجة لحالة انشراح عامة أو تحت تأثير مؤثر سار من نوع خاص، أو نتيجة لموقف اجتماعي ملائم يبعث على الرضا. ويقول أبو الطيب أيضاً في قصيدة يهجو بها كافورا: ومثلك يؤتى من بلادٍ بعيدةٍ ليضحك ربات الحداد البواكيا لقد تطرقنا فيما سبق إلى ظاهرة الضحك من وجهة نظر علم النفس، فقد يكون الضحك نتيجة لحالة من السرور والانشراح، وقد يكون للضحك دلالة اجتماعية متأثرة بالوسط الإجتماعي المباشر والظروف الحضارية العامة... الخ. قد يكون شعب من الشعوب، أو أمة من الأمم مكاناً للسخرية والضحك من قبل الشعوب والأمم الأخرى، إما لسذاجتها، أو لمواقفها التاريخية التي تدعو إلى المهانة والإذلال، فمثلاً كان الإيرلندي موضع سخرية وضحك عند الإنجليز، وكذلك الهنود قبل استقلالهم، وحتى بعض الأمم الإفريقية كانت مجالاً للضحك والفكاهة. ونحن ومع الأسف والحزن لا ندري ماهو موقع الأمة العربية والإسلامية اليوم في نظر الأمم الأخرى، على الأقل في مجال الضحك والفكاهة. يقول أبو الطيب المتنبي قبل ألف سنة ونيف في قصيدة يهجو بها كافورا: أغاية الدين أن تحفوا شواربكم ياأمة ضحكت من جهلها الأمم رحم الله شاعرنا المتنبي لقد تطاول في بيته هذا على أمته ... وجعلها مضحكة بين الأمم منذ ألف سنة.