إن الحديث عن ندوة الأوقاف التي تعتزم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد إقامتها تحت عنوان : «الوقف في الشريعة ومجالاته»، تتضمن التعريف بمشروعية هذه السنة الحميدة، وان الأصل في مشروعيته كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجماع السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. قال الله تعالى: {لّن تّنّالٍوا پًبٌرَّ حّتَّى" تٍنفٌقٍوا مٌمَّا تٍحٌبٍَونّو مّا تٍنفٌقٍوا مٌن شّيًءُ فّإنَّ پلَّهّ بٌهٌ عّلٌيمِ (92)} [آل عمران: 92] ، وقال سبحانه: {مّثّلٍ پَّذٌينّ يٍنفٌقٍونّ أّمًوّالّهٍمً فٌي سّبٌيلٌ پلَّهٌ كّمّثّلٌ حّبَّةُ أّنًبّتّتً سّبًعّ سّنّابٌلّ فٌي كٍلٌَ سٍنًبٍلّةُ مٌَائّةٍ حّبَّةُو اللَّهٍ يٍضّاعٌفٍ لٌمّن يّشّاءٍو اللَّهٍو اسٌعِ عّلٌيمِ (261)} [البقرة: 261] ، وقال سبحانه: {يّا أّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا أّنفٌقٍوا مٌن طّيٌَبّاتٌ مّا كّسّبًتٍمًو مٌمَّا أّخًرّجًنّا لّكٍم مٌَنّ الأّرًضٌ)267(}[البقرة: 267] ، ففي هذه الآيات الكريمة حث للمسلم على ان يسارع في الانفاق من أنفس أمواله وأطيبها كسبا تقربا إلى الله سبحانه وتعالى. وصح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، قال العلماء ان المقصود بالصدقة الجارية في هذا الحديث الوقف.ولذا فقد عُنيت الأمة الإسلامية على مدى عصورها بهذه السنة المباركة، للاسهام في بناء المجتمع المسلم الذي يعتبر التضامن والتكافل من أهم دعائمه، من أجل ذلك عظم شأن الأوقاف، وتوسعت دائرة نفعها لتشمل الكثير من الأعمال الخيرية مثل: عمارة المساجد، وإنشاء المدارس، وتسوير المقابر، وإصلاح الجسور، والطرقات العامة، وحفر الآبار، واقامة دور الأيتام، ورعاية الأرامل والمعاقين، وغير ذلك مما كان له كبير الأثر في تنمية المجتمع، والنهوض به في مجالات الحياة المختلفة. وقد أدركت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه هذا الدور العظيم للأوقاف في التنمية، فكانت الأوقاف في طليعة اهتمامه رحمه الله وحتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أيده الله حيث حرص ولاة الأمر أيدهم الله على متابعة أمور الأوقاف وتنميتها، والمحافظة عليها ورعايتها بما يحقق لها الغبطة والمصلحة، وتنفيذ شروط الواقفين، فأُسندت إلى وزارة تعنى وتقوم برعايتها.ومن تلك العناية ما تقوم به هذه الوزارة من اقامة الندوات الوقفية التي تهدف إلى تأصيل مفهوم الوقف ومكانته في الشريعة الإسلامية، وتوعية المجتمع بأهميته، والتشجيع عليه إحياء لهذه السنة المباركة من خلال صيغ جديدة للوقف تتناسب مع متطلبات العصر وحاجاته.وقد حظيت الندوتان السابقتان للوزارة برعاية كريمة من ولاة الأمر، وباقبال متميز وحماس كبير من قبل العلماء والمفكرين والباحثين، الذين شاركوا بآرائهم وأفكارهم وبحوثهم بشكل مكثف ومتميز، وجاءت الرعاية الكريمة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة لكلتا الندوتين لتتوج النجاح الذي حققتاه. وها هي الندوة الثالثة التي ستعقد في مدينة الرياض من اليوم الثاني عشر إلى الرابع عشر من شهر محرم لعام ألف وأربعمائة وثلاثة وعشرين من الهجرة، تحظى بعناية مباركة وكريمة من أمير الخير، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله أمير منطقة الرياض، مما سيكون له بمشيئة الله أبلغ الأثر في تحقيق هذه الندوة لأهدافها المنشودة، كما ستكون دافعاً طيباً لتشجيع المشاركين على شحذ هممهم ومضاعفة جهودهم، للخروج بأفضل التوصيات التي تساعد على إحياء هذه السنة المباركة وتدل إلى الخير والتعاون عليه. كما لا يفوتني ان انوه في هذه المناسبة بما تجده هذه الندوات من اهتمام خاص ومتابعة ميدانية حثيثة من معالي الوزير رئيس مجلس الأوقاف الأعلى الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، الذي وجه بالدعم اللازم وتجنيد إمكانات الوزارة كافة في سبيل إنجاح هذه الندوة، كما كانت لتوجيهاته السديدة التي حظيت بها اللجنة التحضيرية كبير الأثر في الاستعداد الجيد والمنظم، حتى تخرج الندوة بالصورة اللائقة بها. أسأل الله الكريم ان يجزي ولاة الأمر في بلدنا خير الجزاء، على ما بذلوه وما يبذلونه من جهود عظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين في كل مكان، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والنائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، كما أسأله سبحانه ان يكتب لهذه الندوة وللقائمين عليها والمشاركين فيها النجاح والتوفيق والسداد.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. * وكيل الوزارة المساعد لشؤون أملاك الأوقاف ورئيس اللجنة التحضيرية