يفتح الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ثغرة تلو الاخرى في الحصار الذي تفرضه اسرائيل عليه بمقره في مدينة رام الله مسجلا نقاطا دبلوماسية على رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون وحتى على نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني. واعتبر مسؤول فلسطيني لوكالة فرانس برس ان اعلان تشيني عن امكانية التقائه الرئيس الفلسطيني «ابتداء من الاسبوع المقبل» في مكان يتم تحديده، يعكس تراجعا واضحا في موقف الادارة الأمريكية المتشدد ازاء عرفات والموالي لشارون. وقال هذا المسؤول رافضا الكشف عن هويته «لقد تراجع تشيني عن معارضته للقاء عرفات بعد ان فشلت ضغوط أمريكية مورست خلال اليومين الماضيين لحمل عرفات على قبول لقاء بين نائب الرئيس الأمريكي ومسؤولين فلسطينيين آخرين سواه». ولا يزال الرئيس الأمريكي جورج بوش ونائبه تشيني يرفضان لقاء الرئيس الفلسطيني تجاوبا مع المطالب الاسرائيلية لدفع عرفات إلى وقف الانتفاضة المستمرة منذ 18 شهرا. واعلن تشيني في مؤتمر صحفي عقده في القدس في ختام لقائه مع شارون، «بهدف مساعدة مهمة الجنرال انتوني زيني قلت لرئيس الوزراء (الاسرائيلي ارييل شارون) اني سأكون على استعداد لمقابلة الرئيس ياسر عرفات في المستقبل، في مكان ما في المنطقة يتم تحديده، خلال تطبيق خطة تينيت». والمعروف ان الموفد الأمريكي زيني يقوم بوساطة حاليا للتوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وخطة تينيت التي وضعها رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي أي ايه» جورج تينيت في حزيران/يونيو وبقيت حبرا على ورق. تنص على مجموعة اجراءات تهدف للتوصل إلى وقف لاطلاق النار بين الاسرائيليين والفلسطينيين. واضاف تشيني انه إذا ما طبق الفلسطينيون خطة تينيت، فقد يلتقي عرفات قريبا «وربما اعتبارا من الاسبوع المقبل». واعتبر المحلل السياسي الفلسطيني غسان الخطيب في حديث لوكالة فرانس برس ان موقف عرفات «الصلب الذي لم تثنه الضغوطات السياسية والحصار ينبع اساسا من الانتفاضة والمقاومة». وقال الخطيب «أرى ان الامر مرتبط اكثر بأداء الانتفاضة والمقاومة حيث ان عرفات انسجم مع خطاب المقاومة والانتفاضة وسلوكه السياسي لم يقل صلابة عن ذلك». واضاف «لقد احسن عرفات قراءة الظروف الميدانية وتبين له ان ليس لديه أي بديل آخر سوى الصمود». وقال مقرب من القيادة الفلسطينية ان «الحملة العسكرية الواسعة التي قام بها شارون في الاراضي الفلسطينية والتي شملت ايضا اجتياح رام الله حيث مقر عرفات لم تثن عرفات عن موقفه ولم تربكه». وبعد عودة زيني إلى المنطقة اشترط عرفات انسحاب القوات الاسرائيلية من جميع مناطق السيادة الفلسطينية قبل الدخول مع اسرائيل في أي محادثات وشدد على انه لن تكون هناك لقاءات امنية منفصلة عن الجانب السياسي وكان له ذلك. وفي خضم ذلك كله تراجع شارون عن فترة ايام الهدوء السبعة التي كان يطلبها قبل اجراء أي محادثات لوقف اطلاق النار مضيفا ترجعا آخر في مسألة الحصار الذي يفرضه على عرفات. واعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي يوم الثلاثاء ان بإمكان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مغادرة الاراضي الفلسطينية «ما ان يتم تطبيق خطة تينيت» لوقف اطلاق النار. وقال شارون في مؤتمر صحفي مشترك مع نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني «بعد تطبيق خطة تينيت سيكون بإمكان ياسر عرفات مغادرة اراضي السلطة الفلسطينية، ان الحكومة الامنية الموسعة قررت ذلك هذا الصباح» (الثلاثاء). إلا ان شارون لم يستبعد منع الرئيس عرفات من العودة إلى الاراضي الفلسطينية في حال قام «بالتحريض على العنف» لدى سفره إلى الخارج. وقال شارون «مغادرة عرفات مشروطة بتطبيق خطة تينيت، إذا تبين انه قام خلال سفره إلى الخارج بالتحريض على العنف. وفي حال حدوث عمليات «ارهابية» في غيابه، ستجتمع الحكومة لاتخاذ قرار، ولا استبعد أي احتمال». وكان شارون اعلن قبل نحو اسبوعين تخفيفا للحصار على عرفات وقال ان بإمكانه التنقل داخل الاراضي الفلسطينية كل ذلك دون ان يضطر عرفات إلى تقديم تنازلات لشارون. وقال أحمد عبد الرحمن أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني «نحن في صدد مسألة مصيرية لا مساومة فيها ولا تساهل إزاءها وأمام اسرائيل حل واحد وهو الانسحاب الكامل من جميع الاراضي المحتلة ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة».