نجحت حزم الدعم والتحفيز الحكومية في الحد من تداعيات كورونا على الاقتصاد، وأحسب أن مبادرة الحكومة في اعتمادها مبكراً ساهم في تعزيز الأثر الإيجابي، إضافة إلى الإدارة الكفؤة للأزمة، في جانبيها الصحي والاقتصادي، والجاهزية الحكومية والمرونة المالية التي كان لها أكبر الأثر على القطاع المالي والاقتصاد الكلي بشكل عام. أزعم أن جهود البنك المركزي السعودي خلال جائحة كورونا أسهمت وبشكل فاعل في حماية القطاع المالي من جهة، والقطاع الخاص من جهة أخرى، إضافة إلى الحماية العملية للاقتصاد الذي يعتمد في مدخلاته الرئيسة على السيولة، وسلسة المدفوعات المالية التي تأثرتا بشكل مباشر بسبب إغلاق الاقتصاد وتعليق الأعمال. عند الحديث عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والقطاع الخاص عموما، فلابد أن نشير إلى تدخل البنك المركزي السريع لتعزيز السيولة وضخ خمسين مليار ريال، ساهمت في تنفيذ حزم الدعم الخاص بتأجيل مدفوعات المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتي حدت من قضايا التعثر وما يليها من سلسلة تداعيات خطيرة. وتوفير الإقراض الميسر، وتحمل رسوم بعض الخدمات. فمؤشرات السلامة المالية المتميزة التي يشهدها القطاع المالي لم تأتِ مصادفة، بل هي نتاج جهد كبير ومنظم وفاعل وقف خلفه، وبكفاءة، البنك المركزي السعودي الذي استشرف التداعيات وبادر لمواجهتها بكفاءة ما انعكس على استقرار القطاع المالي وتحسن مؤشرات السلامة في أحلك الظروف التي تواجهها القطاعات المالية حول العالم. بل أؤكد أن البنك المركزي مارس أدوارا مهمة من خارج نطاق مسؤولياته لضمان الاستقرار المالي من جهة، ودعم الاقتصاد وحماية مكوناته من جهة أخرى. يقودنا هذا إلى أهمية نظام البنك المركزي الجديد الذي أشار إلى اختصاص البنك في دعم النمو الاقتصادي، وأجزم أنه أحد أهم المهام التي شرعها النظام، خاصة أن البنك المركزي معني بالإشراف على القطاع المالي، مصدر التمويل والاستثمار. وشدد معالي محافظ البنك المركزي، الدكتور أحمد الخليفي، في لقائه نصف السنوي مع كتاب الرأي، على أهمية نظام البنك المركزي الجديد ، وأرجع الفضل في صدوره، بعد الله، إلى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الداعم الأكبر لاستقلالية البنك المركزي وأهمية مرجعيته النظامية وفق الممارسات والمتطلبات الدولية. محافظ ساما تحدث عن أهمية التزام البنوك بالتمويل المسؤول الذي يحقق مصلحة المقترضين ويحميهم من تحمل التزامات مالية تفوق قدرتهم من جهة، ويحمي البنوك أيضاً من قضايا التعثر مستقبلا. وشدد على أن نظام ساما يشدد على هذا الجانب، لضمان حماية العملاء، والمجتمع عموما. يبدو أن المشكلة تكمن في ثقافة المقترضين، وربما تعسف بعض البنوك في تمكينهم من حقوقهم التي كفلها النظام ومنها إعادة جدولة القرض بعد انخفاض دخل العميل بسبب التقاعد أو لظروف طارئة، وهذا يستوجب تفاعل العملاء المتضررين والمطالبة بحقوقهم التي كفلها النظام. ولدى البنك المركزي إدارة لحماية العملاء، متخصصة لمعالجة القضايا التي ترفع لهم من المتضررين، وقد اطلعت على جهودها، وجهود محافظ ساما شخصيا في معالجة بعض القضايا التي تصله، وهي جهود تذكر فتشكر، إلا أن من المهم تفعيل الجانب الرقابي وتدقيق بعض ملفات التعثر والأقساط المتأخرة لمعرفة الأسباب ومعالجتها، وردع البنوك وحملها على تحقيق مصلحة العملاء التي كفلها النظام. فكثير من العملاء لا يمتلكون قدرة التواصل أو عرض مشكلاتهم للبنك المركزي ما يجعل من المبادرة الرقابية ضرورة قصوى. أختم بالإشادة بالدور الرائد الذي يقوم به البنك المركزي لدعم الاستقرار النقدي والمالي، وتعزيز النمو، وإدارة الأزمات بكفاءة من خلال كفاءات سعودية شابة نفخر بها، وبقدراتها الإدارية والتنفيذية؛ ودوره في تعزيز المعرفة والتواصل مع كتاب الرأي بشفافية مطلقة من خلال لقاءات مجدولة، وهي لقاءات ثرية بالمعلومات وتسهم في إيضاح كثير من الملفات التي يتناولها الإعلام وتحتاج إلى توضيح شامل من جهة الاختصاص، كما تسهم في تعزيز الثقافة النقدية والمالية والاقتصادية وإشاعتها بين الجميع.