إذا كان الأفغانيون قد اعتادوا إخفاء أجهزة التلفزيون تحت أرضية الغرف من طالبان. فمن المرجح أنهم الآن يقومون بإخفاء الأسلحة في نفس المكان الآن حيث تقلقهم الخطط الهادفة إلى نزع أسلحة السكان في كابول. فمن بين الاولويات التي تعد على رأس جدول أعمال الحكومة الأفغانية المؤقتة تشكيل جيش قومي مع تفكيك الميليشيات في كافة أنحاء البلاد. وهو ليس بالامر السهل حيث انها مشكلة من أفراد يحملون السلاح طيلة حياتهم ويعتزون به. وقد استخدموا هذه الاسلحة ضد السوفييت وخلال الاشتباكات التي وقعت بين أمراء الحرب الأفغان في أوائل التسعينيات وأخيرا ضد طالبان المهزومة. ويقول مير أفضل «25 عاما»، وهو واحد من حوالي عشرة رجال يصفون أنفسهم بأنهم جنود في خط المواجهة السابق في قرية سنجيت دارا الجبلية الواقعة على بعد 50 كيلومتراً شمال شرق كابول. «إن بندقيتي هي جزء كبير مني. وأنا أحبها». ويغمغم الآخرون الذين تصل أعمار بعضهم إلى السبعين بالموافقة على ما يقوله أفضل. ويروون كيف أن آباءهم أعطوهم هذه الاسلحة وكيف أنهم سوف يتركون ذلك الميراث المميت لأولادهم. ويقولون إنهم إذا اضطروا إلى تسليم أسلحتهم. فيجب أن يحصلوا على مقابل لهذه التضحية. ويقترحون الحصول على مليوني أفغاني (حوالي 85 دولاراً) كسعر مناسب للبندقية الهجومية الروسية الصنع من طراز كلاشينكوف. وهي أكثر الاسلحة الموجودة شيوعا. ويقول وزير الداخلية يونس قانوني: إن هناك حوالي 600 ألف قطعة سلاح صغير في أيدي القوات غير النظامية. مثل العصابات وجماعات الميليشيا. مضيفا أن نزع هذه الاسلحة يمثل أكبر تحد يواجه الحكومة المؤقتة. ويقول قانوني: إن الحكومة تريد تجنب المواجهات وأنها وافقت لهذا من حيث المبدأ على المطالب بشراء الاسلحة، وهو الامر الذي يمكن أن تصل تكلفته إلى 200 مليون دولار. وقال قانوني «هناك طريقتان لنزع الاسلحة: إما بالقوة أو بصورة سلمية»، مضيفا أن شراء هذه الاسلحة هو أيسر الطرق. غير أن هناك آمالاً ضئيلة في أن تتمكن الحكومة الافغانية المؤقتة المكونة من الفصائل الافغانية الرئيسية المتحاربة من إقناع القوات العسكرية بنزع أسلحتها أو الانضواء تحت لواء قوات مسلحة قومية جديدة. ولا تتمتع الحكومة الحالية إلا بسلطة اسمية في معظم أنحاء البلاد. وهناك اعتقاد شائع على نطاق واسع بأن أمراء الحرب الاقليميين والقادة العسكريين سوف يرفضون أي مطالب بنزع أسلحتهم من جانب واحد. ويعترف قانوني بمثل ذلك الاحتمال قائلا «مثلما قلت. الامر ليس سهلا»، وجنود سنجيت دارا هم مثال حي على ذلك، فهم يتحدثون عن بيع أسلحتهم. ولكن عندما تطلب منهم أن يظهروا مدافعهم وراجمات القنابل اليدوية التي لديهم لا تحصل منهم إلا على ردود مراوغة. ويقول أحد هؤلاء الجنود: «إن سلاحي في كابول مع قائدي». ويتبنى الآخرون بسرعة نفس التفسير بسبب قلقهم من الحديث عن جمع الاسلحة. وفي النهاية يصرون على أنه لا يوجد بالقرية سوى ثلاث بنادق تركت لأغراض الامن. وداخل القرية يجلس جندي آخر اسمه صابر في الظل وهو يحتضن بندقيته الكلاشينكوف. ويقول بتحد «لن أسلم سلاحي أبدا إلا لقائدي».وعندما يرون أن أياً من الزوار ليس لديه نية حقيقية لنزع أسلحتهم. ترتسم ابتسامة على وجوه الرجال العابسة. ويرفع نصفهم أيديهم عندما يسألون من منهم لديه سلاح في المنزل. ويقول عبد المقيم. وهو سائق تاكسي من قرية قريبة. «لقد جمعت عدة حكومات سابقة أسلحة الناس .. غير أن القتال نشب ثانية». وتابع «إن الناس خائفون. وهم سيخفون الاسلحة إلى أن يقتنعوا أن هناك سلاما دائما». وبعد مغادرة القرية. وعلى بعد 20 دقيقة بالسيارة منها. يقول الميجور جنرال فضل الدين خير. رئيس الشرطة في منطقة بارفان. ان جمع الاسلحة لم يبدأ بعد بصورة رسمية في مئات القرى في المنطقة ولكنه يتوقع أن يبدأ ذلك أي يوم. ويقول خير «لقد كان الاحتفاظ بالاسلحة هو عادة في الماضي. ولكن إذا كانت البلاد تتمتع الآن بالحرية. فليس هناك ما يدعو أن يظل المرء مسلحا». ويقول إنه شخصيا يفضل قوة شرطة مسلحة بالعصي على غرار الشرطة البريطانية. وليس بالمسدسات. ويقود خير حوالي 600 من رجال الشرطة في منطقة يقدر أن بها 30 ألف جندي محلي يخضعون لعدد من القادة الأقوياء.ولكنه يقول بنبرة تفاؤل أنهم لا يمكن أن يقاوموا الأوامر الصادرة من كابول بنزع أسلحتهم. وأن الناس قد ملوا القتال لدرجة أنهم لن يمانعوا في التخلي عن هذه الاسلحة. وتابع «لا أرى هناك أي صعوبة. فبمجرد أن نحصل على التفويض من وزارة الداخلية. يمكننا جمع الاسلحة من الناس خلال 15 يوما». وقد حققت وزارة الداخلية بعض النجاح فآلاف الجنود استجابوا الأسبوع الماضي للأوامر التي قضت بأن يغادر كل الجنود المسلحين كابول إلى ثكنات خارج المدينة. وتم تفويض 1500 جندي بالبقاء لتوفير الأمن إلى جانب قوات حفظ السلام العاملة بتفويض من الأممالمتحدة. ولكن يتعين عليهم مع ذلك أن يحملوا بطاقات هوية خاصة. وعلى الرغم من ذلك يعترف خير بأن نزع الاسلحة على نطاق واسع لن ينجح إلا إذا خرجت قوات أمن الدولة إلى القرى لترى من الذي يخفي أسلحة. وهناك أيضا عامل عرقي له دوره في العملية. ففي التجمعات السكنية الواقعة شرق كابول والتي يقطنها البشتون الذين شكلوا العمود الفقري لقوات طالبان. تم إرسال رسالة مؤداها إما نزع الاسلحة أو اتخاذ إجراءات.