أول الوجع أن يتحدث ابن عن رحيل أبيه.. ثقلٌ في لساني.. (مضى) أبي..! أحبابك (تكلموا) بشوقٍ بعد غيابك، (وفعلوا) ما يرجوه كل راحل. فكم (بعيد) داعٍ له.. (وقريب) لاهٍ عنه.. ابنك خرج من هذه المعركة جريحاً. وهو الذي دخل في معارك كثيرة، وما نالني جرح مثل الذي رأيت! سماه الذكر الحكيم مصيبة: {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ}.. تعبير واضح للخواطر المفجوعة والنفوس المكلومة حتى تستعد. رحل الغالي بعد أن قارب التسعين عاماً رحلة كفاح وإنجاز -بفضل الله- قلتَ لنا: إنجازاتكم بقدر مسارعتكم لطاعات ربكم والتخفف والبعد عن مواطن محارمه. أي نجاح لا يوصل للآخرة هو نجاح ناقص.. مهما بدا عظيماً كبيراً رائعاً.. قال لنا مرةً.. الواجبات اثنان: واجباتٌ مع الله وواجباتٌ مع الرجال. يريد مكارم الأخلاق. لم تترك -بفضل الله- قيام الليل أبداً إلا من عذرٍ شرعي مثل المرض. كأنك تستعد لعمل ينقذك من حالكات الأيام. في أعوامك الخمسة الأخيرة بدأ المرض الذي قدّر الله (لك) يتسلَّل إليك.. أحافير الزمن وتقلبات الأيام غزت وجهك السمح. نقص وزنك وثقلت خطوتك.. وثقل معها إيمانك -بفضل الله-.. دخولك الأخير للمشفى أشعرنا أن هناك تكاليف لا نعلم حجمها لكن ندرك ثقلها. قد ثقلت.. وخواطرنا ذهبت بنا كلَّ مذهب.. والدي.. تعال شاهد ماذا صنع رفاق حلقات الفاروق الوفية لأبنائك! درس (الغياب) عميق! ولكن (الغياب) عن الدرس أعمق.. أبي.. عهدٌ من أولادك أن نصّبر أنفسنا بالدعاء لك. أبناؤك كلهم ماضون على العهد - بمعونة الله- مع أبي عبدالعزيز نقي القلب صفي الروح قائد المسيرة..حسن السيرة.. عضدك الأيمن وساعدك الذي حمل الثقال، حين عجز الكثير من الرجال.. هذه نفثة مصدور.. إنه معلول! الملتقى الجنة -إن شاء الله- عند ربٍ غفور. ** ** - فهد الضويحي