في أثرِ إنسانٍ لا متوقع، كانت المعادلة الرياضية الوحيدة لممكنات الكتابة هي أن تتخلص من زوائد المتوقع، تلك هي الطريقة التي نبلغ بها معيار الكثافة الحيوية لشخصية (متخيلة) تستحق بناءً سرديًا، فالإنسان حتى وإن كان في وهمِ إنسانيته ما زال يتبنى وجودًا للذين سبقوه، وما زال يؤكد حتمية التاريخ المتكرر بمواقفٍ لا تبدو جديدة أو فردانية إن شئنا القول، إلا بقدر ما تبدو نتيجة جمع (1+1=2) جديدة ومميزة وعبقرية، إلا أنه ليس معادلة رياضية لا يمكن كسر جمودها. ولأن الجوهرية الكامنة في السلوك تكمن في الاختلاف، ولأن الاختلاف نادر في ظل كل هذه الحتميات، -الحتمية الاجتماعية، التاريخية، الثقافية، الاقتصادية، بل حتى حتمية الرأي- فإن كسر النسق العام لصناعة شخصية روائية والزج بها في خضم الأحداث، لا يبدو مقنعًا للنقاد، لأن جينات الإنسان تجعله يطمئن لما يعرف، ويأنس بالروتين، ويتوق للمتوقع، وبالتالي تداول المواقف حتى في قوالب التخييل، وإشباع الشخصية بمنطق العادي والمتوقع، لأن كل ما هو خلاف ذلك، لن يجد من النقاد (العاديين في الأغلب) أدنى ترحيب أو قبول، لأنه، وباختصار يخالف منطق ما يسمى ب: (روح الواقع)! آه، روح الواقع. يا للسذاجة التي يفهم بها بعض النقاد، روح الواقع. كل ما أستطيع قوله، هو أن الأدب بشكل عام، ليس روحًا للواقع، بل هو الشيء الوحيد المتبقي للخلاص من الوحشية الرأسمالية التي تبتلع (الروح) وتحولها إلى شيء قابل للبيع والتداول في الأسواق. وإن الهوس بالمنطقية، والواقعية المفرطة هو شيء يرفضه الخيال الأدبي. ونحن كقراء، نقرأ الأدب كموازٍ موضوعي لإمكانات حياة لا تتحقق في الواقع كما تتحقق في وعي القارئ. ** ** - عادل الدوسري