منذ أن بدأ تحويل الدوري السعودي إلى دوري محترفين وفق اشتراطات «الاتحاد الآسيوي لكرة القدم» إلا وبدأت معه معاناة الأندية السعودية المالية المتمثلة في مستحقات المحترفين الأجانب أو المحترفين السعوديين.. هذه المعاناة استمرت طوال المواسم الماضية إلى أن تحولت لقضايا في دهاليز لجان الاتحاد الدولي «فيفا» ومحكمة التحكيم الرياضي «كاس»، وكانت معظم الأندية تتجه إلى الحلول الودية والجدولة والمفاوضات لمحاولة التنازل عن بعض المستحقات من اللاعبين والمدربين.. الجدولة كانت تطيل مدة القضية وتتسبب في تراكم المستحقات خصوصا إن كانت الجدولة لأكثر من لاعب ومدرب، ومع تغير إدارات الأندية تصطدم الإدارة الجديدة بواقع مالي أليم تكون عاجزة عن الإيفاء بمتطلباته وتعكف على نفس حل سابقتها ويتم التفاوض لتقليل المبالغ وجدولتها وترك معظمها للإدارة القادمة، وتكون دورة إدارية فوضوية دون محاسبة وتحقيق يذهب ضحيتها ناد تحت وطأة نظام احترافي ومالي لا يرحم.. تعودنا في الغالب أن قضايا الاحتراف للأندية السعودية يكسبها إما لاعب محترف أومدرب لم يستلم مستحقاته ويندر أن يكسب ناد قضية ضد مدرب أولاعب محترف، وهذا يقودنا لمكمن الخلل الذي تتحمله إدارات الأندية.. في ال22 من شهر اكتوبر من عام 2016 دعت لجنة الاحتراف الأندية السعودية لعقد ورشة عمل بعنوان «قضايا الأندية السعودية الخارجية أمام الجهات القضائية للفيفا والكاس» وكانت صالة اجتماعات مجمع الامير «فيصل بن فهد» الأولمبي مقراً لها.. وعقدت الورشة وسط حضور ضعيف وخجول من ممثلي الأندية صاحبه استياء من رئيس لجنة الاحتراف من عزوف معظم الأندية وعدم حضور ممثليها لدراسة ومناقشة الحلول لتلك القضايا العالقة لدى الفيفا التي تسببت في خصم ثلاث نقاط من ناد يعتبر من أكبر أندية قارة آسيا وهو «نادي الاتحاد السعودي».. عدم حضور ممثلي الأندية لورشة العمل الاحترافية هو امتداد للفوضى الإدارية في تلك الأندية والاستسلام لواقع القضايا والديون ولضعف تطبيق الأنظمة واللوائح من لجنة الاحتراف التي تسمح للأندية بالتسجيل للاعبين في كل موسم دون محاسبتها عن القضايا والمستحقات الخارجية والداخلية.. وبعد تفاقم تلك القضايا على الأندية السعودية يأتي القرار الحكيم من ولي العهد -حفظه الله- بسداد 107 قضية واجبة السداد على الأندية السعودية التي كانت تشكل 15% تقريباً من قضايا أندية العالم وهي نسبة كبيرة لاتليق بأندية الدوري السعودي للمحترفين.. كان عام 2018 عام تجديد للأندية السعودية وكنا نتطلع لتطبيق رؤية المملكة 2030 ونظام الحوكمة للأندية وسط معنويات احترافية مرتفعة، وكنا نتطلع بأن يكون دورينا المحترف ضمن أفضل الدوريات في العالم.. ظهور قضايا جديدة في الآونة الأخيرة واجبة السداد لبعض أندية دوري المحترفين يجعلنا نتوقف للتمحيص والبحث الدقيق في الأسباب والمسببات لتلك القضايا بعد ما تم سداد جميع القضايا عام 2018 من سمو ولي العهد -حفظه الله-. من أهم الأسباب من وجهة نظري صياغة عقود اللاعبين المحترفين الأجانب والمحليين وعدم تطابقها وعدم احتواء عقد المحترف المحلي لشرط جزائي يضمن حق الطرفين.. ارتفاع فاتورة عقد المحترف الأجنبي وارتفاع قيمة اللاعب المحترف المحلي غير المنطقية رغم اختلاف بنود العقود بين محلي وأجنبي.. الاستمرار على عدد كبير من المحترفين الأجانب وإلزام الأندية المحترفة على التعاقد مع 8 لاعبين أجانب لضمان قوة المنافسة والذي لم يحقق التطلعات وألقى هذا القرار بظلاله على منتخبنا الوطني الذي يفتقد لخدمات المهاجم الصريح الدولي لخلو معظم الأندية من المهاجمين المحليين والاعتماد على المهاجم الأجنبي وضعف بعض الخانات وعدم وجود البديل المناسب في بعضها.. أعتقد في المواسم القادمة إن استمر الوضع الاحترافي الراهن وترك دون حلول جذرية وعلاج سينهك خزائن الأندية المرهقة بملايين «اليوروات» وستحل كارثة احترافية على أنديتنا.. التخصيص أحد الحلول الجذرية التي يحتاج لتطبيقها دراسات مكثفة ومدة طويلة قد لا تسعف ميزانيات أنديتنا.. قشعريرة أنديتنا المحترفة تحتاج ل»مهمة إنقاذ» وبشكل عاجل حتى لاتحل الكارثة الاحترافية بها. ** **