تكلَّلت الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي بالنجاح في 6 يوليو. وقد أرسل فخامة السيد شي جينبينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية برقية التهنئة إلى الاجتماع، حيث أصدر (البيان المشترك لتضامن الصين والدول العربية في مكافحة وباء كورونا) و(إعلان عمان) و(البرنامج التنفيذي للمنتدى لعامي 2020 - 2022). في اللحظة الحاسمة التي تكافح فيها البشرية معاً وباء فيروس كورونا المستجد، اجتمع بشكل افتراضي معالي السيد وانغ يي مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وصاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي ومعالي السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية وغيرهم من ممثلي الدول العربية، لمناقشة الصداقة الصينية العربية التقليدية، والتشاور حول التعاون بين الصين والدول العربية في مكافحة الوباء، وتبادل الآراء بشكل عميق حول توطيد العلاقات الصينية العربية يداً بيد، فهذا الاجتماع له معنى عظيم وأهمية كبيرة. ألقى معالي السيد وانغ يي كلمة شدد فيها على عزم الصين والدول العربية على السعي إلى التغلب على الصعوبات، وترسيخ التوافق حول التضامن والتعاون والتنمية بين الصين والدول العربية، وضخ الزخم الجديد في الصداقة الصينية العربية التقليدية. لمواجهة الوباء العنيف، تبادلت الصين والدول العربية المساعدات في وقت الضيق، وتضامنت وتعاونت معاً، مما جسد الصداقة التقليدية العميقة التي امتدت وتطورت عبر طريق الحرير القديم، وكتب صفحة جديدة في تنمية الشراكة الإستراتيجية الصينية العربية في العصر الجديد. إن الصين والدول العربية أشقاء في السراء والضراء. ففي اللحظة الحاسمة للمكافحة الصينية ضد الوباء، أعرب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وقادة الدول العربية الأخرى عن تعازيهم وتأييدهم للصين، وقدمت عدة دول حكومة وشعباً المساعدات باختلافها للصين. تتذكر الصين الصداقة الوطيدة للجانب العربي دائماً، فقدمت المساعدات المخلصة عندما تعرضت الدول العربية لتأثيرات الوباء. إن الصين زوّدت الدول العربية بالأقنعة وشرائط الاختبار والملابس الوقائية وغيرها من مواد مكافحة الوباء، وأرسلت إليها فرق الخبراء الطبيين، وعقدت الاجتماعات الافتراضية لخبراء مكافحة الوباء معها، وشاركتها خبرات التشخيص والعلاج وأساليب الوقاية والسيطرة دون أي تحفظ، كما تقوم الصين بالتعاون مع المملكة والإمارات بنشاط في اختبار الفيروس والعلاج. إن الصين والدول العربية أصدقاء مخلصون على أساس الاحترام المتبادل. إن الصداقة الصينية العربية لها تاريخ طويل، وقد توطدت باستمرار في النضال من أجل الاستقلال والتحرير الوطني، وقد ارتقت إلى الدرجة الأعلى في عملية تحقيق رخاء الوطن ونهضة الأمة. ولمواجهة الوضع المعقد، واصلت الصين والدول العربية تعزيز الثقة السياسية المتبادلة وتبادلت الفهم والدعم في القضايا المتعلّقة بمصالحها الجوهرية وانشغالاتهما الرئيسية. ظلت الصين تتمسك بالموقف العادل دائماً تجاه قضية فلسطين، كما تدعم الدول العربية موقف الصين في المسائل المتعلّقة بتايوان وشينجيانغ وهونغ كونغ. إن الصين والدول العربية شركاء طبيعيون للتنمية المشتركة. على خلفية تصاعد الحمائية والأحادية باستمرار، صمد التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية أمام الاختبارات القاسية. ظلت التعاون بين الصين والدول العربية من ضمنها المملكة في مختلف المجالات يتقدّم بثبات، كما حقق التعاون في مجالات الطاقة النووية والفضاء و5G وغيرها تطورات جديدة. وتتقدَّم بشكل منظم مشاريع التعاون الصيني السعودي للطاقة الإنتاجية في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، ومنطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني المصري، والمنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون في الطاقة الإنتاجية، والمدينة الصناعية الصينيةالعمانية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم. وتم إنشاء عدد من مؤسسات التعاون المتعدد الأطراف أو الثنائي على التوالي مثل المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا والمركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا الزراعية. إن الصين والدول العربية نموذج التواصل للاقتباس المتبادل بين الحضارات. تعاملت الصين والدول العربية مع البعض عبر طريق الحرير القديم وطريق التوابل القديم لتكوين الصداقة، وتعلمت من بعضها البعض، فشكلت عديداً من القيم المشتركة أو المماثلة. تدعو كل من الصين والدول العربية إلى الحوار بين الحضارات، وتؤمن بأن كل الحضارات متساوية، وتحترم اختلافية الحضارات، وتدعو إلى أنه «على واحد احترام ثقافة الآخر لكي تعزيز الحضارة الإنسانية»، وتتمسك بالانفتاح والتسامح والتعلم والاقتباس المتبادل. في الوقت الحالي، تقوم المملكة ومصر والإمارات بنشاط بتطبيق تدريس اللغة الصينية، ويجري مشروع الترجمة المتبادلة والنشر للكلاسيكيات الصينية العربية باستمرار، ويُقام بانتظام مؤتمر الصداقة الصينية العربية ومؤتمر الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية ومنتدى التعاون الإعلامي وغيرها من أنشطة التبادل الثقافي، مما يثري مغزى التعاون بين الصين والدول العربية بشكل كبير. صدق قول قديم في الصين: «من الصعب على الشخص الواحد إنهاض الأثقال، ولكن من السهل على مجموعة من المشاة المضي قدماً بسرعة». إن تجربة الصين والدول العربية في العمل يداً بيد على مكافحة الوباء تظهر لمرة أخرى أنه طالما أن الصين والدول العربية تناضل جنباً إلى جنب وتتضامن وتتبادل المساعدة، فإنها ستفوز بكل التأكيد. ولمواجهة الفرص والتحديات الجديدة، يجب على الصين والدول العربية فهم الاتجاه الإستراتيجي للعلاقات الصينية العربية من المنظور الدولي الأوسع، والعمل سويًا على بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد. أصدر خطاب معالي السيد وانغ يي في الاجتماع الوزاري للمنتدى عدة إشارات هامة: الأولى هي تكثيف القوة ومواصلة تعزيز التعاون الدولي للتغلب على الصعوبات. إن البشرية الآن في مجتمع ذي مستقبل مشترك، ف»قوم تعاونوا ما ذلوا». إن الصين مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي، بما فيه الدول العربية، على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الوباء، ومواجهة التهديدات والتحديات المشتركة يداً بيد، والحفاظ على أمن الصحة العامة العالمية. ستواصل الصين بذل أقصى جهودها لمساعدة الدول العربية على مكافحة الوباء، وستعقد منتدى التعاون الصحي الصيني العربي في أقرب وقت ممكن. الثانية هي تعزيز التنسيق واستخراج الإمكانيات لتعزيز التعاون العملي بقوة. تطورت أنماط الأعمال الجديدة على مستوى العالم وازدادت فرص التعاون الصيني العربي جراء الوباء. يتعين على الجانبين دفع التعاون بين الصين والدول العربية إلى اتجاه استئناف العمل والإنتاج وتحقيق الاستقرار في التوظيف وحماية معيشة الشعب، وفتح القناة السريعة لتبادل الأفراد الضروريين، وتعميق التعاون في سلاسل الصناعات والإمدادات. وعليهما تسريع تنفيذ نتائج منتدى التعاون الصيني العربي، وتعزيز البناء المشترك ل»الحزام والطريق» إلى اتجاه علاء الجودة واستدامة النمو وإفادة المعيشة لتشديد روابط التعاون بين الصين والدول العربية بشكل أكثر. الثالثة هي التمسك بالإنصاف والسعي إلى العدالة لممارسة التعددية بحزم. يلتزم الجانب الصيني دائماً بمفهوم الحوكمة العالمية المتمثلة في التشاور والبناء المشترك والمشاركة، وتعارض الأحادية والحمائية التجارية بشدة. إن الصين مستعدة للعمل مع الدول العربية على حماية التعددية والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية، والحفاظ على النظام العالمي مع الأممالمتحدة كمحوره على أساس القوانين الدولية، ودفع الدول النامية إلى التمتع بالتمثيلية الأكثر والأصوات الأكبر في الحوكمة العالمية. فعلى الجانبين مواصلة دعم منظمة الصحة العالمية لتقديم مزيد من المساهمات في المكافحة العالمية ضد الوباء، وتعزيز الحوار والتعاون في إدارة الصحة العامة العالمية، ومعارضة تسييس الوباء وتوسيم الفيروس. الرابعة هي دفع الحوار والتركيز على التنمية لتعزيز الأمن في الشرق الأوسط. دعا الجانب الصيني إلى حل القضايا الساخنة في الشرق الأوسط من خلال الحوار السياسي، والتخلي عن فكرة لعبة المحصلة الصفرية، وبناء الهيكل الأمني الإقليمي المشترك والشامل والتعاوني والمستدام. إن الصين مستعدة للعمل مع الجانب العربي على تعزيز الحوار الحضاري بنشاط، ومعارضة «نظرية الصراع الحضاري» و»نظرية تفوق الحضارة» باختلاف أشكالها، ومعارضة ربط الإرهاب بالأعراق والأديان المحددة. إن وضع الوباء يشبه المرآة، التي لا تعكس بهاء الطبيعة الإنسانية للمساعدة والمحبة المتبادلة والتضامن لمكافحة الوباء فحسب، بل تكشف أيضًا عن المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمع البشري. ويسرنا أن التعاون الصيني العربي قدم ورقة الامتحان المرضية في اختبار الكارثة هذا. إننا نؤمن بثبات بأنه بعد تجربة مكافحة الوباء سوياً، سيكون أساس الشراكة الإستراتيجية الصينية العربية في العصر الجديد أكثر ثباتاً، وستكون خطى بناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك أكثر حزماً، وسيكون مستقبل العلاقات الصينية العربية أكثر إشراقاً. ** ** بقلم: السيد تشن وي تشنيغ - سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة العربية السعودية