عندما ننظر إلى منظومة التعليم السعودي المعاصر تسستوقفنا لحظة تشكيل صورة ذهنية ذات هوية مرجعية من خلال الحوار البناء بين قطبين مهمين هما التعليم العام والتعليم الأهلي، هذا الحوار ولَّد منافسة على مستوى الوسائل والمناهج وتحوّل التعليم إلى فرصة للاستثمار؛ وذلك لما تقدّمه المملكة من تشجيعات وحوافز مهمة تجعل من الاستثمار في التعليم مجالاً خارج مدار المخاطرة، وهذا التفاعل مع قطاع التعليم الذي يعد حيوياً وإستراتيجياً بالنسبة لكل الشعوب انعكس بالإيجاب فصارت المباني التعليمية راقية متوفرة على جمالية ووظيفية ورفاه، فصرت ترى مدارس فيها مضمار سباق خيل وملاعب سكواتش وبولينغ إضافة إلى مسابح وملاعب معشبة ومغطات ومكيَّفة, وكما انعكس هذا على تنويع العملية التعليمية فصرنا نتحدث عن المدارس العالمية والمدارس متعدِّدة الجنسيات ومدارس ستام STEM والمدارس التطبيقية إضافة إلى المسارات كالمسار المصري والمدارس الهندية والباكستانية وغيرها استجابة لحاجات الجاليات الموجودة بالمملكة وفق نظرة شمولية في إطار منطق السوق والوفاء لأفق انتظار المستهلك العملية التعليمية تعولمت ودخلت نسقاً كاملاً يحكمه منطق مؤدي الخدمة والمستفيد ومقيد بنطاق جودة ملزم للطرف المقدم للخدمة عائد تعليمي يعطي وزناً ومهابة في السوق وعائد مادي يرتقي بالمدارس لتنتقل من مدرسة إلى مجمع تعليمي فشركة تعليمية متشابكة الفروع من مجامع تعليمية إلى شركة تعليمية قابضة موفرة كل الخدمات التعليمية من تعليم ووسائل تعليمية وصناعة مناهج وبناء محتويات إثرائية. هذا وغيره من توفر بيئة اجتماعية آمنة بالمملكة وسلامة ومصداقية الشهادات العلمية بها وتوفر مخرجات منافسة كلها جعلت المملكة حسب تصنيف دافوس تعد من البلدان الواعدة وذات مستقبل كبير في مجال التعليم بارتقائها ب20 نقطة كاملة في سلم الترتيب، حيث ارتقت من الرتبة 74 عالمياً إلى الرتبة 54 في وقت قصير جداً مما يدفع بالحلم إلى أقصاه بمزيد التطور والنمو كيف لا والسعودية تحتل المركز الثاني عالمياً حسب مؤشر السعادة كما تحتل المركز السابع عالمياً كذلك على مستوى الرفاه الاجتماعي مع توفر رؤية 2030 الإستراتيجية التي تعتبر التعليم في سلم أولوياتها وحتى نتحوّل من لحظة تشكيل صورة ذات هوية مرجعية للتعليم السعودي إلى تشكل نموذج تعليمي يرجع إلى أن نرى ضرورة استقطاب كبرى الجامعات والمدارس الكبرى ذات الاسم والسمعة لفتح فروع لها بالمملكة وبناء سلم حوافز للمؤسسات التعليمية التي تنجز شراكات على مستوى شهائدها وهي أرقى أنماط الاعتماد الأكاديمي والمعبّر عنه بالشهائد متبادلة الاعتماد co-certification إضافة إلى التشجيع على بناء مختبرات عملاقة لصناعة المحتويات التعليمية المنافسة وصناعة المناهج التعليمية القابلة للتصدير بشكل تصبح المملكة من المصدرين للمناهج والمحتويات التعليمية الجاذبة.. ولا يكون ذلك إلا ببناء مراكز عالية الجودة لمؤسسات تعليمية ذات تصنيف عالمي متقدِّم جداً في التدريب وبناء كفاءات ذات جودة عالية جداً المملكة تتقدَّم كدولة كبيرة ولاعب أساسي في معادلة التنمية العالمية ولعل عنايتها بالتعليم وتطويره أكير دليل على ذلك..