في أجواء غريبة لم نعتدها من قبل نجد أنفسنا عالمياً ملزمين بالبقاء في بيوتنا والانعزال عن العالم الخارجي ممنوعين عن التفاعل المباشر مع الآخرين جسدياً. حتى شرفة المشي بعفوية في شارع ما للتريّض أو تزجية الوقت أغلقت، ولم يبق إلا التجول في زوايا منازلنا وذاكرتنا والتواصل عن بعد مع أصدقاء غابوا عن تفاعلنا اليومي حتى عادوا إلى الذاكرة حين توقف سيل التغيّرات وبقي سيل أخبار انتشار الوباء الذي نود أن يغيب عن حياتنا. دخلنا في العوالم المهمشة والمتنزهات المشتهاة الافتراضية بتذكر جوانب رومانسية عادت تحملنا بأجنحة الذاكرة حتى الطفولة شبه المنسية. في هذه الأجواء وأنا أشغل نفسي بإعادة ترتيب رفوف وأدراج مكتبتي وجدت كتيباً مخطوطاً بخط يدي قبل امتلاك أجهزة الحاسب سجّلت فيه أبياتاً شعرية طفولية أهديت بعضها لزميلات الفصل الحميمات في مرحلة الإعدادية في البحرين جهينة العيسى وفوزية عرشي وصديقة العوضي ونجدية إسحاق: نسير معاً في دروب الحياة كباقة زهر شذي نضير ويفترق الدرب في كل شتٍّ وتفنى الزهور ويبقى العبير «24-12-61» نحن معاً في اللحظة الراهنة نسير في درب الحياة القصير من أين جئنا؟ ما الذي لمنا؟ كيف اجتمعنا؟ علمه مستحيل يجمعنا الدرب وآمالنا وفي غدٍ كلٌ بدرب يسير فإن غداً كدت بأن تنسني ينسيكني الدرب وبعد السبيل تصفحي كتابك تلقني بضعة أبيات وحب كبير «22-1-62» درب الحياة قصير ونحن فيه نسير وخير عون عليه حلم وحب كبير وحين نمضي ستفنى أجسادنا والشعور لكننا حيث سرنا نظل ذكرى تسير كالزهر يفنى ولكن يبقى الشذى والعبير «25-1-62» دمعت عيناي وأنا أقرأها! وأتذكر الملامح والوجوه الطافحة بالبراءة والأمل. أينهن الآن؟ جهينة سلطان العيسى أستاذة دكتورة في قطر. ونجدية إسحاق في الرياض وصديقة العوضي تزوجت ابن عمها في الكويت. وفوزية عرشي هاجرت مع أسرتها إلى كندا. ما أنا متأكدة منه أننا كلنا حيث نحن الآن محاصرات بكابوس الكورونا. - حمانا الله وأحبتنا منه.