أحب وطنه وقيادته ومجتمعه، وأحب مسقط رأسه حريملاء التي ارتبط بها حتى وفاته -رحمه الله- وخصص لقاءاته مع أحبته في نهاية الأسبوع مضيفاً لهم في رحابها. عالم في أصول الفقه عرف عنه الدقة والتحليل والدراسة المتعمقة للأمور. إذا جلست معه فستستفيد، وإذا تحدثت معه تجده معلماً وموجهاً، ينثر أمامك خلاصة فكره وما تعلمه متجاوزًا أي حسد أو تعالٍ محباً للجميع. نظرته تتجاوز تخصصه فعندما يتحدث برأيه تجده يعتني بالآخر ومصلحة الوطن، وفوق ذلك الدين. إنه الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن الربيعة أستاذ أصول الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، رحمه الله وأسكنه فسبح جنانه وألهم أبناءه وبناته وأسرته الصبر والسلوان. تعرفت عليه بعد عودتي من الدراسة في أمريكا فقد كان لي نعم الموجه والمساند، زاملته في عضوية لجان علمية مختلفة، واشتركت معه في اجتماعات متعددة تعلمت منه فيها أصول التعامل مع الموضوعات والدقة في الأحكام بالمبررات والدلائل. أسهم بشكل كبير في رفعة الجامعة حيث اشترك في تنظيم العديد من مؤتمراتها وطباعة أعمالها العلمية، وفي تمثيل الجامعة في محتفل متنوعة، وفي إدارة لجان متعددة لموضوعات مهمة وحيوية. عندما يحضر اجتماعاً علمياً ويتحدث في الموضوع المطروح تجده يثري النقاش ويفتح آفاقاً جديدة لم تكن في الحسبان لدقته ووعيه وخبرته. يسجل عناصر حديثه على جدول الأعمال لذلك الاجتماع وعندما تتفحص تلك الأوراق تجد أنه كان مطلعاً عليها قبل الاجتماع بوقت كاف وموثقاً مرئياته بشكل منظم. أتذكر عندما أتحدث إليه أجده لا ينفك عن النصائح المفيدة والتوجيهات المثمرة وإن لم أطلبها منه. هذا العطاء والتواضع يمثلان جزءًا يسيراً من خصاله. ومما يحمد له أيضاً متابعته للشأن العام والبحث عن المصلحة بما يعزز وحدة الوطن والالتفاف حول قيادته، وعندما يكون لديه مقترحاً لا يتوانى في إيصاله بالطريقة الملائمة. عرف عنه -رحمه الله- نشر الجوانب المهمة للدين الإسلامي التي أهملها البعض رغم أهميتها وحيويتها في فكر الإنسان، ومن ذلك سماحة الإسلام. فقد أبدع -رحمه الله- في كتابه (صور من سماحة الإسلام) في لفت الانتباه إلى يسر الإسلام وسماحته في تشريع الأحكام، وفي الأمور العامة والمعاملات والعبادات والأحوال الشخصية والعقوبات. ويعد كتابه هذا بحق من أنفس الكتب التي ينبغي للخطاب الديني اليوم أن يعتمد عليه. حقيقة لم ألتق بشخص انتقد الشيخ -رحمه الله- أو كان غير راضٍ عنه أو عن أعماله العلمية والتعليمية، الكل يحبه ويجله ويقدره لشخصيته المحبوبة وعلمه الغزير. رحمك الله أبا محمد وغفر لك وأسكنك فسيح الجنان فقد كنت عالماً مخلصاً لدينك ووطنك ومجتمعك.