قبل يومين في 14 فبراير مرّ موعد الاحتفاء العالمي بعيد الحب والتذكير بضرورة التأكيد لمن نحب بمشاعرنا الإيجابية تجاههم. وبهذا المفهوم هو تذكير بالتعبير عن الشكر لوجودهم في حياتنا وليس للتعبير عما نريده منهم من خدمات وتفضيلات خاصة.. ولا ارتباطات عشق بين ذكر وأنثى. الحبّ المقصود هو الشعور بالشكر والامتنان لما يضيفه وجود أفراد بعينهم في حياتنا من الإحساس بالرضى والراحة العاطفية والنفسية. وهذا يؤطر علاقتنا بكل فرد تتقاطع دروبه بدروبنا سواء كانت علاقة أسرية أو جوار أو زمالة عمل أو صداقة. ويعجبني في مجتمعنا أن يكون مثل هذا الحب والود والتعبير عن الامتنان متوقعاً طبيعياً يمارسه كل فرد طبيعي المشاعر كل يوم ولحظة في علاقته بوالديه وأبنائه وجيرانه.. بل نحن نمارسه في علاقتنا بالله حين نبدأ كل فعل باسمه وننهيه بحمده. وتتضمن الصلاة كل يوم تلاوة سورة الفاتحة وتكرارها مبتدئة بعبارة {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. فالشكر إيمان بقيمة الآخر ولا تكفي للتعبير عنه ممارسة أفعال نقلد فيها حركة مظهرية فقط كتقديم وردة أو باقة ورود حمراء ولا علبة حلويات ولا هدية من حلي في المناسبة.. هذه أفعال يمكن القيام بها في أيّ يوم حين نتذكر موقع أحبتنا في حياتنا. الشكر هو رسالة صادقة تؤكد للطرف الآخر أنك واعٍ لأهميته في حياتك وراغب في التعبير عن هذا الوعي بصيغة ذاتية لا تقلد فيها فعل الآخرين ولا تشجعك عليها ضغوط تسويق استهلاكية ثم تخلو من أيّ عمق ودفء. بين الحب والحمد عندي علاقة تكاملية؛ أذكر والدي ووالدتي -رحمهما الله- كل يوم عشرات المرات بقلب مليء بالشكر لما أحاطاني به من دفء الحماية والرعاية والتوجيه والدعم. وأذكر زوجي رفيق دربي سعيدة بما تحوي الذاكرة وما أعايش من أفعال صغيرة كأن يتذكر ما أحبه فيعود من التسوق ومعه كيس من التميز الساخن أو النفيش أو التشيكو أو النبق أو العسل الذهبي الذي أفضله. وأتذكر أبني الذي كان أول ما فعله بأول راتب ناله أن يقتطع جزءاً منه ليوصي الصائغ أن يصوغ لي عقداً بسيطاً يحوي حروف اسمي. وأتذكر بناتي وحرصهن منفردات على التواصل معي عند أي موقف يتطلب منهن التأكد من قرار مهم في حياتهن ويتسابقن في نصحي وإمدادي بما يحتاجه أي ظرف مستجد في حياتي. وأتذكر أمينة صديقة الطفولة التي تتواصل لتطمئن على أحوالي حتى في عز معاناتها بضغوط حياتها. وأتذكر جاراتي ولي مع كل واحدة منهن علاقة متفردة، أنيسة تشاركني حبي للكتابة, وظبية حبي للشجر, وناديا المشي وأخبار دراستها، وفوزية ذاكرة الطفولة. وفريدة تفاجئني بكيس من العبري ووسيمة بصحن المنتو. وتزهو حديقتي بما يشاركنني به من شتلات. ولا أنسى الزملاء؛ أبا بدر ما زال أخاً مخلصاً يستجيب لكل طلب ويلجأ إليّ في ما يحتاج نصحي، وأبا ديما يعزني كأخت كبرى، وأبا أسامة يشاركنا الرطب الطازج من نخلات مزرعتهم. ولا أنسى كل مسؤول منحني ثقته بقدراتي وشرفني بتكريم، ولكل متابع وقارئ أكرمني بتنويه. ليكن كل يوم من أيام حياتنا يوم حبّ وشكر للآخرين. والحمد لله على وجود بعضكم في حياتي الذي يجعلني أطمئن أنني أستاهل هذا التفرد بنعمة الله وكرمكم.