الهوامش في حياة الشاعر كثيرة، ولكن الوقفات في حياته أكثر..الشاعر محمد الثبيتي يقف على ناصية الشعر، يشعل منها الحرائق الشعرية في لغة مستطابة. حين (يظمأ) يسقينا من قرائحه شعرًا سائغًا رويًا.. كما في قصيدته (الظمأ): (اختر هواك على هواك عساك أن تلقى هناك إلى الطريق طريقا وامخر صباح التيه منفردا فما أحلى الصبا خلا وما أحلى الصباح رفيقا فمتى؟ متى كانت ليالي المدلجين خليلة ومتى متى كان الظلام صديقا لله ما تهواه بل لله ما تلقاه في البطحاء إذا غنى بها طير الضحى فتأججت طربا فبللها لعاب الشمس فانقلبت حريقا ففرت من قيض الشموس إلى صبابات الكؤوس فما ارتوت شفتاك من ظمأ وما أبقيت للأقداح ريقا) هذا الفحيح الشعري المكتنز بالمعاني يوخز ضمير الحياة لمحو خطايا البشر.. عرف الثبيتي اللغة المناخية التي تضفي على القصيدة زهوًا، إذ إنه يبتكر البلاغة ويقبض على الكلمات الموشومة بالجمال، ويعجن إبداعاته بطموحات المعرفة على رصيف الفكرة مما يخلق صورة تؤجج فيها موسيقاه في شعرية مزدانة بأعشاب الحروف.. وعرف القصيدة بأنها قبض على الجمر كما يقول في قصيدته بعنوان (القصيدة): القصيدة إمَّا قَبَضْتَ عَلَى جَمْرِهَا وأذَبْتَ الجَوارحَ فِي خَمرِهَا فَهْيَ شَهدٌ علَى حدِّ مُوسْ فَحَتَّامَ أَنْتَ خلالَ الليَالِي تَجُوسْ وعلامَ تَذودُ الكَرَى وتُقِيمُ الطُّقوسْ وأَلْفٌ مِنَ الفَاتِنَاتِ الأنِيقَاتِ يَفْرَحْنَ مَا بينَهُنَّ عرُوسْ ولا أنتَ أوتيتَ حكمة لُقْمَا ولا هُنَّ أوتِينَ فِتنَةَ يُوسْ كيفَ تأتِي القَصِيدةُ ما بينَ ليلٍ كئيبٍ ويومٍ عبوسْ ؟ وماذَا تقولُ القصيدةُ بعدَ غروبِ المُنَى واغتِرَابِ الشُّمُوسْ فَعَلَى الطُّرَقَاتِ تُدَارُ المنايَا وفِي الشُّرفَاتِ تُدورُ الكؤُوسْ والقَصَائدُ كالنَّاسِ تَحْيا لهَا يومُ سعدٍ لها يومُ بُوس.. هكذا يعرف الثبيتي القصيدة في مناخها اللغوي من حيث الفلسفة المعانوية في بنيتها ومقاصدها.. كما قال الشاعر اللبناني سعيد عقل في تعريفه للشعر: الشعر قبض على الدنيا مشعشة.. كما وراء قميص شعشعت نجم فأنت والكون تياهان:كأس طلا دقت بكأس.. وحلم لمه حلم. ** **