أذكر أنني أطلت الحديث عن (الأدب السعودي) وعن (خصوصية الأدب السعودي) ولمّا أزل حفياً بذلك ما حييت، دارساً، ومدرساً، مشرفاً، ومناقشاً، محكماً، ومحاضراً. الأدباء، والنقاد السعوديون الذين لديهم نفسٌ (قومي) يضيقون ذرعاً بذلك التكريس، ويعدونه امتداداً للتقسيم الإقليمي للوطن العربي.ويرون أن من الخير اندماج الآداب العربية كلها، بما فيها (الأدب السعودي) واكتفائها بحمل سمة (الأدب العربي). وهي رؤية محترمة، ولاسيما الآن، بعدما أخذ الأدب السعودي وضعه الطبيعي، وإن فرض الواقع من قبل غيرها. التعليم الجامعي في المملكة جاء متأخراً جداً، ومن ثم اعتمد على الكفاءات العربية التي لا تعرف عن (الأدب العربي السعودي) شيئاً، الأمر الذي همشه، بل غيبه في عقر داره، حتى أصبح (الأدب المصري)- على سبيل المثال - ممثلاً للآداب العربية كلها. وأصبح الطالب السعودي لا يعرف عن أدب بلاده شيئاً، هذا الجهل الذي فرضه الواقع حمل أقسام الأدب في بعض الجامعات في المملكة على التفكير الجاد، لتفادي هذا الخلل المزري. الأساتذة الوافدون لم يحفلوا بمعالجة هذا الخلل، بل لم يقبلوا بإدخال (الأدب السعودي) كجزء من الأدب العربي، لأنهم لم يدرسوه، ولم يتعرفوا على قضاياه، ولا على شخصياته. الآن، وبعد معالجات مسددة، فرض (الأدب السعودي) نفسه كندٍ قوي، وأصبح من الممكن اندماجه في الأدب العربي، وإلغاء مادة (الأدب السعودي) التي تدرس كمادة مستقلة في بعض أقسام الجامعات الأدبية في المملكة. أما عن الخصوصية، فأمر آخر، لا علاقة له بما سواه، والتركيز على السمات الخاصة بأي أدب، لا تعني العزلة، ولا التطاول، إذ لكل شاعر خصوصيته، فضلاً عن الأدب عامة. لقد شرفت بمناقشة عدد من الرسائل العلمية عن (الأدب السعودي) وأشرفت، وحاضرت وحُكّمت، ولم يعد كما هو من قبل. وأصبح الأستاذ الوافد يعرف الأدب السعودي. أدباء المملكة، والمؤسسات الثقافية بذلوا من الجهد ما جعل الأدب السعودي حاضراً بندية في المحافل الأدبية كافة. هناك - على ما أذكر - جمعية باسم الأدب السعودي، كم أتمنى قيامها بتقصي الرسائل العلمية، والعمل على فهرستها، والسعي لطباعتها.