أكتب صباح الجمعة لينشر المقال يوم الأحد وبعده يوم الثلاثاء.. ويظل في قلبي بعض التوجس أن يحدث شيء ما يغير ما أكتبه إلى العكس عن أوضاع أراها تسجيلاً عن حقائق الزمن الراهن. كما أثبت لنا مصرع سليماني هو زمن ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال. ولكن المسؤول والإنسان العادي لا يستطيع أن يبيت خالي البال، خاصة وقوى الإرهاب تتربص على الخط متقنعة بأقنعة لا يظهر من ورائها إلا وجوه غاضبة تعلن أنها بدمويتها تنتقم للإسلام أو تنتقم باسم الإسلام.. وعبثًا يحاول الأسوياء منا نحن المسلمين، ومن غير المسلمين أن نقنع الآخرين أن الإسلام منها براء. واستعيذ داعية: اللهم أحمنا واحم عبادك الطيبين من ترصد الغيلة والمفاجآت. وأراجع نفسي لأذكرها أن الأيام الماضية كانت كريمة ومرضية. راح ذاك الزمان الذي كنا نتعطش فيه لأي نشاط يغير من سكون الأيام ورتابتها. وأصبح من الصعب أن نواكب كل ما يحدث بالمشاركة فعليًا. وحين يكون ما يحدث فعلاً إيجابيًا ومنجزات تستحق الاحتفاء، نشكر الله بجد، فقد تعبنا من توالي الأحداث السلبية عالميًا في الجوار القريب والبعيد يومًا بعد يوم ونشرات الأخبار المليئة بتفاصيل الهدم والقتل والتفجيرات وتصدع الدول وفقدان الأمن واستهداف المطالبين بالإصلاح بخراطيم المياه والرصاص. الحمد لله الأسبوع الماضي كان أسبوعًا حافلاً شهدت فيه المملكة نشاطًا سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا إيجابيًا. شاركت المملكة في المؤتمر الاقتصادي العالمي في «دافوس» بحضور مميز لوزراء ومسؤولين نجحوا في توضيح موقف المملكة من مستجدات ساحة السياسة والاقتصاد بنجاح تستحق التهنئة عليه. كذلك تمت في المملكة في اجتماعات متعددة المحاور والتركيز على هامش الاستعداد لقمة ال»جي 20». وفي المنطقة الشرقية في الأحساء والدمام والظهران تواصلت نشاطات اقتصادية وثقافية متعددة. وفي كل المناطق تسارعت وتيرة الاستعداد لانتخابات الغرف التجارية، وضمنها مشاركة السيدات في الترشح والانتخاب، أرجو أن تكون النتائج مرضية للناخبين ولأنصار دعم مشاركة المرأة وتمكينها من عضوية كاملة في المجتمع، والأهم أن نكون مرضية للمصرين على اختيار الأكفأ. في العاصمة الرياض انعقد مؤتمر الرياض الاقتصادي، وفي جدة وغيرها من المدن احتفلت مؤسسات رسمية وشعبية متعددة بتكريم رواد في مجالات شتى تقديرًا لتميز عطائهم. تزامنت الأحداث الإيجابية لتذكرنا بأننا نعايش مرحلة تحول واضح وقفزات تطوير لا ينكره إلا حقود. لن أقول إننا حققنا كل ما كنا نرغب فيه، ولكن ما تحقق يضع ابتسامة على أغلب الوجوه ويشجع على التفاؤل بالمزيد. وحين أتأمل ما يجري خارج الحدود نشكر الله على نعمه. أتمنى أن يستعيد العالم الأمل في التوصل إلى حل حاسم في العراقسوريا ولبنان وليبيا يوقف الصراعات العبثية القاتلة بين الفرقاء، التي تصاعدت بتدخل مقيت من نظام إيران ثم تركيا حتى كادت تقضي على كل معالم الحياة الطبيعية وتسببت في موت وإصابات الملايين، وتدفق ملايين اللاجئين هروبًا إلى الخارج، ما أضاف مزيدًا من المآسي الإنسانية واضطرابات متسببة في مشكلات جمة قلقلة الأمن حول العالم. بالنسبة لي شخصيًا كواحدة من مواطني دول مجلس التعاون ما أراه مهما هو ما يتعلق بتسريع الإجراءات الخاصة بتعاملات دول الخليج بالذات كمجموع متجانس متكامل مع بقية العالم. أعترف أن محاولة التكهن وتوقع ما سيحدث بعد أسبوع في المنطقة لا يمكن أن تكون أمرًا سهلاً، إن لم تكن مستحيلة، مع كل المستجدات المفاجئة المتوالية منذ عقد ونصف وتصاعدت سوءًا مؤخرًا، ولكننا نحتفل بوميض الأمل، وندعو الله أن تستمر التطورات الإيجابية فقط، ونسعد بكل خطوة تقرب المنطقة وكل الجوار العربي والإقليمي والعالمي من العودة إلى التوازن والتحكم في زمام الأمور.