العلاقة بين التقدم الصحي والاقتصادي تكاد تكون مثبتة علمياً، وأحد برامج رؤية 2030 بني على ذلك من خلال ما يعرف بتطوير جودة الحياة، حيث الصحة أكبر من مجرد العلاج بل الصحة بمفهومها الشامل الحيوي والنفسي والاجتماعي والوقاية من المرض. في دراسة لديفيد بلوم (1) وآخرون من جامعتي هارفارد وكوين بلفاست، تم تأكيد ذلك بعد فحص معلومات امتدت لثلاثين عاماً من أكثر من مائة دولة من دول العالم، والوصول إلى أن معدل زيادة العمر المتوقع سنة واحدة يؤدي إلى نمو اقتصادي يقدر بأربعة في المائة، مما يعني أنه بالإمكان تبرير زيادة الإنفاق الصحي باعتباره وسيلة فعالة لزيادة النمو الاقتصادي.. فالموظف أو العامل ينتج ويؤدي وظائفه بشكل أفضل عندما يكون في أفضل صحة. هذا المنظور أكده الباحث الاقتصادي ويليم نوردهوس(2) من جامعة ييل، حيث أوضح أنه في عام 1980م زادت العوائد دولارين مقابل كل دولار تم صرفه على النظام الصحي... لا أريد فقط تسويق ضرورة زيادة الصرف على الخدمات الصحية، فذلك أمر ضروري لست الوحيد الذي ينادي به، لكنني أود أن أشير إلى أن صحة الفرد العامل هي من الأمور التي تهملها كثير من مؤسساتنا ومصانعنا ووزاراتنا وقطاعاتنا الحكومية والخاصة إحدى الطرق التي تسهم في تنمية مفهوم الصحة وتشكل أحد خطوط الوقاية الأولى تتمثل في إنشاء برامج «مراكز صحية» لياقية، ترويحية في منشآت العمل الكبرى، يتم من خلالها حث الموظفين وأسرهم على الاستفادة منها في مجال الحفاظ على اللياقة الجسدية والاجتماعية والنفسية، حيث أثبتت مثل تلك المراكز جدواها من حيث تقليل الطلب على الخدمة الصحية العلاجية، تقليل فترات غياب الموظفين، تقليل إصابات العمل وبالتالي التعويضات الممنوحة للموظفين، زيادة الرضا الوظيفي لدى الموظفين وبالتالي استقطاب العاملين النشطين والمميزين، تقليل الإعاقات الناتجة عن طبيعة العمل بنسبة تصل 20 في المائة، وزيادة الإنتاجية بصفة عامة للعامل المستفيد من تلك البرامج، وفي النهاية تقليل التكاليف الصحية بنسبة تصل إلى 45.7 في المائة حسب إحدى الدراسات... مع الأسف ما زال ذلك غائباً لدى كثير من قطاعاتنا الحكومية والأهلية على حد سواء، بما في ذلك الوزارة المعنية بالصحة ومستشفياتها ومراكزها، حيث أصبح عرفاً بأن أول توسعة وأول قرار إنشائي لإدارة أحدث مستشفى لدينا هي إلغاء المركز الاجتماعي أو الترويحي وردم برك السباحه وعدم اعتماد وظيفة المدرب اللياقي وفرض الرسوم العالية على الموظفين، إن قدمت لهم بعض الخدمات اللياقية والترويحية.. إلخ. طبعاً الوضع ينطبق على بقية الوزارات والقطاعات الحكومية، والتعميم هنا دلالة على الغالبية العظمى. أرجو أن يكون هناك ما يلزم جميع القطاعات بتأسيس مقرات ترفيهية رياضية اجتماعية، شاملاً ذلك الوزارات والمستشفيات والجامعات والهيئات وغيرها من المؤسسات الكبرى وفروعها... 1.The Effect of Health on Economic Growth: Theory and Evidence. D E. Bloom; D Canning; J Sevilla. National Bureau of Economic Research. 2.The Health of Nations: The Contribution of Improved Health to Living Standards. William D. Nordhause