من الذكاء أن تخسر بعض (معاركك) غير الضرورية التي تضيع وقتك، وتشتت أهدافك، وتستنزف جهدك دون فائدة، بل إن خوضها يؤثر أحيانًا على مكانتك وسمعتك وصورتك عند الآخرين. استسلم فأنت الرابح أحيانًا في تلك المعارك (غير المجدية) التي تُجَر إليها جرًّا ضد الأصدقاء، أو الأقارب، أو مع الأشخاص الهامشيين الذين تصادفهم في حياتك. هناك معارك فُرضت عليك، ولم تخترها بنفسك؛ إما بسبب الظروف والفهم الخاطئ أحيانًا، أو بسبب رعونة وغباء بعض مَن حولك، ومحاولتهم تحقيق ذاتهم، أو البحث عن مكاسب خاصة بالدخول معك في صراع أو منافسة؛ لذا كن ذكيًّا وحكيمًا، واعرف متى يجب أن تكسب المعركة؟ ومتى عليك أن تكسب نفسك بالتخلي عنها؟ هنا تجاهل كل (قوانين الفيزياء) بالتغافل أو التغابي أحيانًا؛ فلا تجعل لكل فعل ردة فعل، بل تجاوز، واغمض عينيك، وصم أذنيك؛ فذلك أسلم وأنجى. لم أقرأ لشخص ناجح في الحياة العربية والغربية إلا وأجد أنه سلك هذا النهج بعدم خوض معارك غير مجدية في الحياة اليومية، أو الانشغال بتحقيق النصر فيها. فمن روائع إبراهيم فقي (درب 600 ألف شخص حول العالم في علوم التنمية) أنه قال هنا: «لا تستنفد طاقتك في معارك لا تستحق. قُلْ سلامًا.. ثم امضِ في طريقك إلى الله؛ فلا وقت للعداوات». يقول هذا بعد أن تحوَّل من لاعب مغمور لكرة التنس، وحارس فندق، إلى مؤلف عِلمَين جديدَين مسجلَين باسمه، هما (علم الطاقة البشرية، وعلم ديناميكية التكيف العصبي). أهم أسرار هؤلاء الناجحين في حياتهم العملية، الذين صنعوا مجدهم من الصفر، أنهم لم يردوا على كل ناعق مروا به، ولم ينشغلوا بكل ناقد، بل كرّسوا حياتهم وأوقاتهم للبذل والعطاء والمثابرة والركض خلف تحقيق أحلامهم، والتظاهر بعدم الفهم واللامبالاة في أوقات كثيرة. هذا لا يعني أن الإنسان الناجح لا يخوض معارك في حياته مطلقًا، بل على العكس تمامًا؛ حياة الناجحين كلها معارك وتحديات ومنافسات.. والقول الأجنبي الشهير المنسوب للمؤلفة الأمريكية (أناييز نين) يؤكد أن «الثقة بالنفس معركة ضد كل مضاعفات الهزيمة»، وهي المعركة الأهم التي يجب أن تفوز وتظفر بها أولاً؛ لتفكر لاحقًا متى يجب أن تنتصر؟ وعلى مَن؟ وعلى دروب الخير نلتقي.