كشفت مصادر مطلعة ومتطابقة، عن تحرك إعلامي قطري لاستثمار الذكرى الأولى لوفاة المواطن السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول التركية، وذلك من خلال عمليات تنسيقية مع عدد واسع من الإعلاميين سواء المقيمين على أراضي حليفتها تركيا (الدولة التي تشاركت معها الحملة الإعلامية) أو الصحفيين الأمريكيين المستفيدين من أموال التبرعات التي تنفقها قطر داخل الولاياتالمتحدة. وتعمل قطر من خلال حسابات وهمية إلكترونية يقودها مقيم سعودي في كندا سبق وأن أعلن عن تأييده لتنظيم داعش الارهابي في مارس 2015م من خلال تغريدات عبر حسابه بتويتر، استغلال مرور سنة على حادثة وفاة خاشقجي من خلال توزيع الأدوار لعناصر تلك الحسابات تتمثل في التنسيق مع المنظمات الحقوقية والنقابات الصحافية للقيام بوقفات احتجاجية أمام سفارات السعودية وقنصليتها في إسطنبول، وإنشاء وسوم يومية في موقع تويتر تتحدث عن مقتله وإطلاق بث مباشر في موقع تويتر لشخصيات صديقة وقريبة من خاشقجي. وتتهم السعودية قطر بدعم وتمويل الإرهاب، الأمر الذي دفعها و3 دول أخرى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية معها وذلك من يونيو 2017، وهو ما حدا بالدوحة إلى تنفيذ حملات تحسين سمعة واسعة في العديد من الدول الأوروبية والغربية لنفي تلك الاتهامات، تزامن معها حملات تشويه استهدفت السعوديين على كافة المستويات. هذا وتحقق الولاياتالمتحدةالأمريكية، في تبرعات قطرية مشبوهة تلقتها عدد من جامعاتها تقدر ب1.4 مليار دولار، كان هدفها استمالة المراكز البحثية في تلك الجامعات، ودعم المواقف القطرية داخل دوائر صنع القرار الأمريكي، لنفي اتهامات الدول التي قطعت علاقتها معها. وتفتح المعلومات الجديدة الخاصة بدفع قطر أموالًا لصالح استثمار الذكرى الأولى لحادثة خاشقجي، الباب واسعًا أمام ملايين الدولارات التي تنفقها، بهدف التشويه الإعلامي لخصومها السياسيين وعلى رأسهم كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين. وتنتقد الدول الخليجية والعربية التي قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، سلوك الآلة الإعلامية التابعة للدوحة، متهمةً إياها ببث خطابات التحريض وتبني خطاب متطرف لا يتسق مع مبادئ حسن العلاقات ويساهم في زيادة التوترات في المنطقة، كما تطال الاتهامات سلوك قطر الداعم للإرهاب في العديد من دول الشرق الأوسط وأفريقيا، وبعض الدول الأوروبية، ومنها إيطاليا التي ضبطت مؤخرًا صاروخًا تعود ملكيته إلى الجيش القطري وهي الحادثة التي لا تزال رهن التحقيقات. وبعد حادثة مقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، قادت قطر حملة إعلامية واسعة بالتزامن مع الإعلام التركي، هدفت إلى تشويه السعودية، في محاولة للانتقام من خطوة عزلها على المستويين الخليجي والعربي. وكان فيلم وثائقي قد كشف تفاصيل تمويل مؤسسة قطر الخيرية لمشاريع المساجد والمراكز الإسلامية والمدارس في أوروبا، والتي ترتبط جميعها بتنظيم الإخوان المسلمين. كما أبرز التحقيق الاستقصائي المصور والمدعوم بالأرقام والمقابلات شبكات التأثير القطرية. وبثّت محطة "Arte" التلفزيونية الألمانية-الفرنسية، الثلاثاء، فيلما وثائقيا بعنوان، "قطر: ملايين من أجل إسلام أوروبا". وسلّط الفيلم الاستقصائي الضوء على نشاط منظمة "قطر الخيرية"، وهي إحدى أكبر المنظمات غير الحكومية في الخليج، وحاول استكشاف إلى أي مدى تستغلّ جماعة "الإخوان المسلمين" هذه المنظمة في تحقيق أهدافها. وبدأ الوثائقي بتمرير أحد الوشاة وحدة تخزين بيانات تحوي معلومات حسّاسة إلى الصحافيين الفرنسيين جورج مالبرون وكريستيان شينو. واعتبر الصحافيان الفرنسيان شينو ومالبرنو، أنّ "قطر الخيرية" هي "المؤسسة الأقوى في الإمارة الصغيرة"، مؤكدين أنّها تمكّنت من "التوغل في 6 دول أوروبية، أبرزها فرنساوإيطاليا وسويسرا"، كما حذّرا من خطورة هذا التمويل. وبحسب مالبرونو "تقوم قطر بالتواصل مع شبكات مرتبطة بحركة الإخوان المسلمين (...) وبالتالي، تتم ممارسة الاختراق بسهولة كبيرة عبر هذه الشبكة الموجودة مُسبقا". وحصلت القناة على وثائق تكشف عن تمويل قطر لمشاريع مرتبطة بالإخوان المسلمين في أوروبا،وتساهم مؤسسة قطر الخيرية في تمويل 140 مشروعًا في أوروبا بقيمة 120 مليون يورو، وتحتل إيطاليا المركز الأول من حيث عدد هذه المشاريع ب47 مشروعًا، تليها فرنسا ب22 مشروعًا، ومن ثم إسبانيا والمملكة المتحدة ب 11 مشروعًا لكل منهما، وأخيرًا ألمانيا ب 10 مشاريع. وقبل بثّ الفيلم صدر كتاب يحمل عنوان "أوراق قطر، كيف تموّل الإمارة إسلام فرنسا وأوروبا" حمّل مؤلفاه، شينو ومالبرنو، المسؤولية لنظام الحكم في قطر مباشرة لأنهما يعرفان أنه لا يمكن أن يتم أيّ شيء دون تدخّل مباشر من رأس الحكم في قطر، وبَيّن تحقيقهما أن المؤسسة تسيّر من مكتب أمير البلاد. وحسب الكتاب، يدفع حكّام الدوحة عبر ما يسمّى مؤسسة "قطر الخيرية"، مبالغ مالية للكثير من الجمعيات الإسلامية بغية التسويق لفكر الإخوان المسلمين بلغت حوالي 72 مليون يورو، وشملت العديد من الدول الأوروبية.ويقدّم الكتاب دلائل كثيرة على مشاركة قطر السخيّة في بناء مساجد ذات علاقة بجماعة الإخوان في بلدان أوروبية مختلفة كالمجمع الإسلامي في لوزان بسويسرا الذي حاز على 1.6 مليون دولار، وكلية سانت أنتوني في أكسفورد التي استفادت من مبنى جديد من تمويل قطر بقيمة 11 مليون جنيه لا لشيء سوى لأن طارق رمضان، ممثّل الإخوان كان يشغل منصب أستاذ هناك. وللتحقق من صحة هذه البيانات، قام الصحافيان بجولة حول العالم، وطرحا أسئلة، مستخدمين في ذلك أحيانا كاميرات خفية، على أشخاص على صلة بالشبكة التي تضم مؤسسات ومانحين وساسة ورجال دين. واستغرق الصحافيان عامين في التحرّي عن هذه البيانات وقاما بجمع معلومات للتحقق من إفادات أطراف فاعلة في محيط منظمة "قطر الخيرية"، وتوصلا إلى بعض المعلومات التي تتعارض مع إفاداتهم.