من أصدق المواقف وأنبلها أن يرعى المسؤول المناسبة التي يحضرها (بإنسانيته) قبل منصبه، وبمشاعره قبل كلماته، لذا سأحدثكم عن تفاعل نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية د. تماضر الرمَّاح مع الفائزين بمسابقة (مبادرة عمَّار) وعائلاتهم، وكيف تعاملت مع مواهب الأطفال والفتيات المُعاقين وقبلتهم وشجَّعتهم (كأم)، واحتضنت أمهاتهم (كأخت وعون وسند) قبل أن تكون مسؤولاً، وهي لحظات قد لا تنقلها كاميرا التلفزيون أو عدسات المصورِّين ولكنَّها تحمل دائماً معاني سامية ومشاعر صادقة، زادت من جمال الحفل الختامي لهذه المبادرة لتصبح (ليلة غير عادية) صعد فيها المعاقون على المسرح أمام عائلاتهم ونجوم الفن والإعلام ليكشفوا عن (إبداعاتهم الكامنة) مباشرة، فهذه ترسم بشكل بارع ودقيق رغم عدم قدرتها على الحركة، وهذا يتقن العزف على العود ويغني أشهر الأغاني بإتقان وإمتاع رغم أنَّه فاقد للبصر، وآخر يسجل نفسه كأول محترف في المنطقة يقدم مهارات خفة الحركة والإبهار وهو على الكرسي المتحرك.. إلخ من المواهب المُلهمة التي قدمتها للمجتمع (مبادرة عمَّار بوقس)، هذا الدكتور الذي بات (أيقونة للإرادة) في مجتمعنا بتجاوزه كل الصعوبات والتحديات الجسدية والنفسية والمجتمعية حتى بات مصدر إلهام (لذوي الإعاقة والأصحاء معاً)، فالمبادرة التي تحوَّلت (ليل الأربعاء الخميس) الماضي إلى (جائزة عمار) أعادت الثقة لنفوس (آلاف المعاقين) الآخرين في بيوتهم ومجتمعاتهم ليؤمنوا بقدراتهم وإرادتهم ويظهروا مواهبهم ويعيدوا اكتشاف أنفسهم من جديد، وهذه نتيجة وغاية من الصعب الوصول إليها. الإرادة القوية عند هذه الفئة الغالية هي التي دفعتهم لتحدي إعاقاتهم والتغلب عليها، بإخراج إبداعاتهم للعلن، لتصبح قصصًا مُلهمة، فمثل هذه الطاقات الكامنة التي تفجَّرت لتنسف العجز الجسدي أو اللفظي وتصل إلى هدفها ومبتغاها بوضوح، مُعلنة عن نفسها (كمواهب) تملك من الإبداع الكثير، وتجبر الجميع على الوقوف والتصفيق لها احتراماً، جديرة بالدعم والمُساندة، وهي مسؤولية المجتمع والأسرة والمعاق نفسه في إظهار موهبته والإفصاح عنها -بإرادة قوية- مثل ما هي مسؤولية جهات ومؤسسات حكومية وخاصة للاحتضان والدعم والمُساندة. لا غرابة أن تتوسع مبادرة عمَّار لدعم المبدعين من ذوي القدرات الخاصة (الأولى من نوعها) على مستوى العالم، لتصبح في دورتها الرابعة المقبلة (جائزة عمَّار) الخليجية لذوي لقدرات الخاصة من المعاقين، لتواصل البحث والتفتيش هذه المرة عن كنوز ومواهب إبداعية بين ذوي الإعاقة في الخليج، مُنطلقة من الرياض عاصمة الإرادة القوية ومنبع الإلهام، لا سيَّما وأنَّ رؤية المملكة 2030 تضمَّنت تمكين ذوي الإعاقة، وهو ما يُبشر بأنَّ قادم الأيام يحمل الكثير من الأحلام والأماني التي ستتحقق لعمَّار ورفاقه من المبدعين لأنَّهم ببساطة يملكون (الإرادة الصادقة) ليُغيروا من حالهم نحو الأفضل. وعلى دروب الخير نلتقي.