أكد معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن «بروبغندا الجماعات المتطرفة» لا تنشط إلا في البيئة الراكدة ثقافيًّا واجتماعيًّا. لافتًا النظر إلى أن يقظة المسلم وفطنته كفيلتان بكشف دعايتها المضللة، وهزيمتها بسهولة. وأشار معاليه في خطبة الجمعة التي ألقاها في الجامع الكبير بعاصمة تتارستان التي يزورها ضمن جولته في روسيا الاتحادية إلى أن الهوية الوطنية والهوية الدينية والهوية القومية تتكامل نحو خدمة الهدف المشترك، ولا يمكن أن تتناقض أو تتضارب إلا في الأفكار المتطرفة، أو المخترقة من قِبل أفكار وافدة، تستهدف سلام ووئام الوحدة الوطنية، التي هي الضامن الأهم -بإذن الله- لاستقرار وأمن وازدهار الجميع. ولفت معاليه إلى أن الشريعة الإسلامية تنظِّم الحياة، وعموم أحكامها تمثل مشتركات إنسانية، يتفق عليها العقلاء والحكماء، وأن المسلم الحق هو عنصر وئام وسلام، وشجرة طيبة تثمر وتغدق، وتمنح الجميع من خيرها وظلالها، وأبعد ما يكون عن منهج التشدد والتطرف، تتحدث عنه أفعاله قبل أقواله، ويصدق عليه بأنه أخلاق تمشي على الأرض، وطاقة إيجابية تشع على الآخرين بضياء إيمانه، وصفاء وجدانه. وزاد د. العيسى بأن المسلم الحق واضح صادق، يفي بوعده، ويحترم الكلمة الجامعة، والميثاق الملزم. ومن ذلك احترام دساتير وقوانين الدول التي يعيش فيها. مضيفًا بأن المسلم الحق أبعد ما يكون عن إثارة الشحناء والبغضاء، وعن ممارسة أي أسلوب من أساليب الكراهية أو العنصرية، بل يعمل على تقريب القلوب وتأليفها والإصلاح بينها، وهو ركيزة مهمة من ركائز الأمن والاستقرار، وحفظ سكينة المجتمع الذي يعيش فيه، وينسجم مع الجميع بمحبة وتعايش وتعاون مهما اختلفت دياناتهم وقومياتهم، ويحسن التعامل مع الاختلاف الثقافي؛ لأنه يؤمن بسُنة الخالق سبحانه في الاختلاف والتنوع والتعدد، ولا يمكن أن يسمح لأحد تحت أي ذريعة، خاصة من يحاول توظيف هذا الاختلاف الديني والثقافي للإثارة والتحريض، بالتسلسل والاختراق لتحقيق أهدافه المغرضة. وحذر معاليه من استدعاء وقائع التاريخ الماضي لتطبيقها على حالة راهنة، أو لمحاكمته؛ وذلك لأن مسؤولية كل تاريخ تتعلق بأصحابه، ولا تمتد لغيرهم، كما أن مشاهد التاريخ تختص بسياقها الزماني والمكاني، ولا تشمل بالضرورة غيره، حتى لو كان ذلك التاريخ يخص دينًا أو هوية معينة في سنوات مضت. وأكد فضيلته ضرورة رفع مستوى الوعي لمصلحة الجميع، مشيرًا إلى أن أسهل الطرق لتسلل العدو هو ضعف الوعي؛ إذ تأتي محاولة كل مغرض للإساءة إلى وئام التنوع الديني والثقافي والسعي لاختراقه، وقال: لا أمل للتطرف في كسب رهانه سوى بضعف الوعي؛ لذا يتعين على كل مكون وطني أن يقوم بمسؤوليته في توعية داخله، ثم تحصينه ليكون عصيًّا قويًّا في مواجهة الأهداف المغرضة. ودعا معاليه المصلين إلى تعزيز الاجتماع والألفة، والحذر من النزاع والفرقة. مشيرًا إلى أن الشريعة الإسلامية دعت إلى أخذ العبرة من الآخرين، خاصة من أحداث التاريخ السابقة التي أثبتت أن الشر -كل الشر- في الخلاف والتناحر والتباغض والتدابر، وأن الخير كل الخير في التآلف والتآخي والمحبة والتعايش. وعبّر د. العيسى عن سعادته بتأكيد المسؤولين الروس أن الثقافة الإسلامية جزء لا يتجزأ من المكون الثقافي والتاريخي الروسي؛ إذ يتمتع الجميع بالحماية الدستورية التي تكفلها روسيا للمسلمين ولأتباع الديانات الأخرى. مشيدًا بسياسة الاندماج الوطني التي تتبعها روسيا.