بقلب مفعم بالحزن والأسى.. فجعت صبيحة يوم الأربعاء الماضي بنبأ وفاة رائد من رواد الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى.. وشخصية عصامية من الشخصيات الإدارية القيادية البارزة التي خدمت مسيرتها البنائية والتأسيسية قبل ما ينيف عن 60 عامًا، وذلك برحيل الشيخ عبد الله الزير الذي وفاه الأجل عن عمر يناهز ال96 عامًا -تغمده الله بواسع رحمته. - والشيخ عبد الله الزير -غفر الله له- كان من رموز «رياضة الوسطى» التي ساهمت في دعم حركتها وقدمت عطاءات بارزة، وخدمات جليلة، وتضحيات جسيمة لشباب ورياضة الوطن.. في حقبة البناء الرياضي بمدينة الرياض في أوائل السبعينيات الهجرية من القرن الفائت رغم أن الرياضة في تلك الأيام الخوالي لم تكن مقبولة عند المجتمع النجدي لاعتبارات اجتماعية وثقافية غير، أنه مع بقية رجالات الحركة التأسيسية بالمنطقة الوسطى وأبرزهم مؤسس الهلال والشباب الشيخ عبد الرحمن بن سعيد، والشيخ عبد الله ابن أحمد والشيخ محمد الصائغ (أبو عبد الله) - رحمهم الله جميعًا - نجحوا في تأسيس وقيام الحركة البنائية لرياضة الوسطى، في الوقت الذي تمكن فيه الراحل من تأسيس أهلي الرياض (الرياض حاليًا) عام 1373ه بعد أن سيطرت الرياضة على جل وقته وماله وأفكاره محبًا لها ولزملائه في الحركة التأسيسية لمدرسة الوسطى منهم عبد الرحمن الزير وعبدالرحمن الموزان وعبدالعزيز بن رويشد وعبدالرحمن العليق وعبدالعزيز بن فهد بن دوس وعبدالله محمد نور ومحمد بن رويشد وعبدالعزيز بن عسكر وصالح بن كنعان وصالح القاضي وعبدالعزيز البديع وناصر الشميسي.. وبقية رجالات ومحبي النادي العاصمي (الرياض)، وبعد تأسيس أهلي الرياض تبرع الفقيد ببيته في حي الشميسي ليصبح أول مقرًا لمدرسة الوسطى آنذاك وأبرز داعميه.. كما أسس- رحمه الله - نادي الفرع بمحافظة الحريق في عقد التسعينيات الهجرية. - تشرفت بمعرفة الشيخ عبد الله الزير قبل أكثر من 15 عامًا إبّان عملي مع صحيفة الجزيرة واهتمامي بالتاريخ الرياضي، وأجريت مع فقيد (رياضة الوسطى) لقاءه التاريخي الأول متحدثًا عن مسيرته الرياضية الريادية وإسهاماته التأسيسية في دعم الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى.. وكنت محظوظًا بأن أقرأ شيئًا من تاريخنا الرياضي من مصادره الأولية ومن رواده المعاصرين، وبالطبع كان (أبو محمد) -غفر الله له- مرجعًا تاريخيًا ثريًا ومخزونًا ثقافيًا أصيلاً يحتفظ بمعلومات رياضية وحقائق كروية وأحداث مثيرة عمرها أكثر من (60 عامًا)..!! وبالتالي استفدت من هذا التاريخ المتنقل كثيرًا في نشر هذه الحقائق التاريخية الدامغة ومعطياتها التوثيقية هنا عبر صحيفة الوفاء (الجزيرة). - كان الراحل يتمتع بشخصية اجتماعية ورياضية متزنة تجمع القيم الأخلاقية والتواضع الجم وطيب المعدن والكرم الحاتمي ونقاء القلب الذي أكسبه حب الرياضيين القدماء والإعلاميين والمثقفين الذين عاصروا مسيرته الرياضية والثقافية، وقد اشتهر - رحمه الله - بكرمه الحاتمي وتجلى ذلك في قيامه بفتح بيته.. منذ ما يقارب نصف قرن من الزمن.. لأصحابه من الرياضيين القدماء وأقاربه والمحتاجين وكان -كعادته- كريمًا مضيافًا بشوشًا مع الصغير والكبير..كان رجل البر والإحسان (أبو محمد) يحب المساكين ويقدر كل من يرتاد داره العامر بالكرم والجود في حي عليشة.. الذي كان مفتوحًا ليلاً ونهارًا لكل قاصد وصاحب حاجة وكان ملجأ لكل ضعيف، ومائدته طوال العام ممدودة سواء كان حاضرًا أو غائبًا عنها في الرياض أو جدة ولم أر رجلاً مثله يستقبل زواره وضيوفه وغيرهم من مرتادي قصره في حي عليشة ويقدم لهم كرم الضيافة طيلة هذه المدة..!! - كما كان - رحمه الله - يحب الأعمال الخيرية ومساعدة الأسر المحتاجة وكان لا يمل ولا يكل من قضاء حوائج الناس بماله، أو جاهه، أو وقته فكم من مسكين سكن في أملاكه الخاصة وبابه غير مغلق يفتح ليلاً ونهارًا لكل قاصد وصاحب حاجة وابن سبيل.. والمائدة طوال العام ممدودة بطعم ونكهة الكرم الحاتمي الأصيل، فكان قصر الزير في عليشة اشتهر بأنه بيت من لا بيت له ومأوى من لا مأوى له حتى وفاته..!! - رحم الله الشيخ الشهم عبدالله الزير.. عاش حياة الكرم والجود والنبل والتواضع، وحب الإحسان والأعمال الخيرية.. ورحل تاركًا سيرة عطرة، وذكرى طيبة، وروحًا نقية، وميراثًا من القيم الأصيلة والشيم الفضيلة -تغمده الله بواسع رحمته. - خالص العزاء لأسرة الراحل وأشقائه.. سائلاً الله العلي القدير أن يرحم الفقيد ويسكنه فسيح جناته. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعونَ}.