ربما يكون فقيدنا الغالي رائد الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى الشيخ العصامي عبد الرحمن بن سعيد-رحمه الله- صاحب السجل الريادي الكبير والبطولات التاريخية والمبادرات والإنسانية والإسهامات التأسيسية العظيمة الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية يوم الثلاثاء الماضي بعد معاناته المرضية، ربما يكون أول شخصية رياضية بالعالم العربي تخدم وطنها سبعين عاما متواصلة ألم يكن بالعالم بأسره، فقد شهدت هذه العقود السبعة الفارطة إسهامات تاريخية جبارة وتضحيات بطولية خالدة وبصمات رياضية واضحة جلية على الحركة الرياضية بالمملكة، بدأ الرمز العملاق ابومساعد مشواره الرياضي مع فريق الموظفين أول جيل مارس كرة القدم بالمنطقة الوسطى وتحديدا في حقبة الستينيات الهجرية من القرن الفارط ليواصل مشوار البناء والتأسيس ورحلة الدعم والاستكشاف والتبني والمؤازرة.. وهو في كامل لياقته ولباقته يدعم كل الأندية ويبحث عن قيام حركة رياضية شاملة في مسقط رأسه العاصمة الرياض حاملا على مطية حماسته وإصراره وإرادته الصلبة الدعوة إلى نشر الرياضة في مجتمع كان يرفض ممارسة الرياضة ويعتبرها من العادات الدخيلة المرفوضة بيد ان الرجل الحكيم والرمز الأصيل(ابن سعيد ) بذكائه الفطري وحنكته المعروفة وسعة أفقه، حسمت معركة العادات الاجتماعية التي كانت تحارب الرياضة بالمجتمع النجدي لتنهض الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى على أكتاف فقيدنا الغالي بعد ان سكبت من على جبينه حبات العرق الواحدة تلو الأخرى في ميدان البناء والتأسيس مع سواعده الرموز الكبار وهما الشيخ محمد عبدالله الصائغ والشيخ عبد الله بن احمد -رحمهم الله جميعا-، نعم رغم شراسة المعركه الفكرية وتعرضه - رحمه الله- لمساءلات اجتماعية ومضايقات ثقافية وتهديد وضغوط من مجتمع متمسك بعاداته، كان يحارب هذه الرياضة العريقة جملة وتفصيلا ويرفضها داخل دهاليزه ورغم ذلك نجح بعبقريته وحكمته من الانتصاراخيرا على إرادة الآخرين وعاداتهم، ليقيم مشروع نشر الرياضة في المجتمع النجدي بفضل ماوهبه الله سبحانه وتعالى له من ذكاء فطري ورؤيه ثاقبه وعقل مستنير وحماس فولاذي وبعد نظر وقدرة هائلة على استشراف المستقبل، لان الرمز الراحل كان يؤمن بان العمل الرياضي يقع في عمق وقلب التنمية الوطنية الشاملة، تلك الخصائص والسمات المتجسدة في شخصية ابو مساعد غفر الله له كانت اقوى من تلك المضايقات والضغوظ الاجتماعية والثقافية لينطلق على (حصان) حماسه وإصراره ورغبته في مضمار التأسيس والبناء فأسس الشباب عام 1367 ثم الهلال عام 1377وساهم في وضع أسس الحركة الرياضية في مدينة الرياض من خلال دعمه واهتمامه ببقية اندية العاصمة مواصلا دعمه للحركة الرياضية اعواما مديدة وعقودا طويلة، ليتوقف عند محطة عمره الرياضي ال70 عاما قضاها في خدمة رياضة وطنه بعدما وافاه الاجل المحتوم يوم الثلاثاء الماضي رحمه الله. *لم يكن الشيخ الراحل ابن سعيد هلاليا فقط بل كان صاحب الريادة الأسبقية في ترك بصماته في كل ناد من أندية المنطقة الوسطى حتى النادي المنافس النصر امتدت أياديه الوفائية وسخاؤه المعروف لإنقاذه في احلك وأصعب حقبة عاشها النادي الاصفر في مسيرته الرياضية وتحديدا مطلع الثمانينيات الهجرية عندما تكفل –شيخ الرياضيين- بدفع قيمة الايجار لمقره الطيني فضلا عن دعمهم ومدّهم بالملابس والكور والمستلزمات الرياضيه والتسهيلات الاخرى من اجل استمرار نشاط النادي وعجلة مسيرته، واسألوا مؤسس النصر( احمد البربري)المعروف في لغة التاريخ الرياضي وشواهده الحية المنقولة من مصادرها الأولية فهو حي يرزق الآن. اما عندما تحدث عن خصاله الانسانية وقيمه النبيلة ومواقفه الاصيلة مع ابنائه اللاعبين السابقين او حتى لاعبي الاندية الاخرى المصابين او المحتاجين، كان الفقيد الغالي يجسد قيم النبل وشيم الخير ومحاسن الانفاق في احسن اشكاله والوانه لايبتغي الا الأجر والمثوبة. وبحكم التصاقي بالرمز الكبير ومؤرخي الاول عبد الرحمن بن سعيد -غفر الله له- بحكم اهتماماتي بالتاريخ الرياضي كنت احضر منزله كل يوم خميس ومجلسه لم يكن يخلو من محبيه من الرياضيين القدماء بمختلف الانتماءاءت والاندية والشعارات يكرمهم ببشاشته المعروفة وطيبته المتناهية قبل كرم الولائم والموائد التي اعتاد على إقامتها أسبوعيا لزواره، هكذا كان شيخ الرياضيين رمز اصيل جبل على الكرم الحاتمي والانفاق بسخاء ومساعدة المحتاجين منهم، بنفس طيبة وروح نقية وقلب سليم ويد بيضاء ومشاعر إنسانية مليئة بالعطاء، وخلق العظماء. رحم الله أستاذي التاريخي الشيخ عبد الرحمن بن سعيد واسكنه فسيح جناته وعزائي لكافه أسرة شيخنا الكبير ابومساعد فقيد الرياضة السعودية. *ولاية مينيسوتا- أمريكا