يصبّ جام غضبه على سين من الناس لم يُبق من شتائم الكون ولم يذر! يُصنّف نفسه من المُنزهين الذين لا تشملهم لعنة الآخرين وهو من المغضوب عليهم لدناءة لسانه السليط. في زحام الطريق يُشعر الآخرين وكأنهم في ملهى مغمورين بالسعد والبهجة ووحده الذي تنتظره المصائب والنوائب والأعمال والمشاغل! في طابور الانتظار الطويل يُغمغم، يتنهّد وأحيانًا كثيرة يشتم باعتقاده أن الآخرين في قمة السعادة لأنهم ينتظرون طويلًا أو أنهم اختاروا الانتظار هنا بملء إرادتهم حتى لا ينشغلوا فيما هو أهم!!! وقس على ذلك ما شئت. فهذه الحياة التي نعيش بداخلها وسط زحامها ومتاعبها تُشبه كُرة القدم وسياستها، الجميع يُريد أن يتقدّم، الجميع يُريد أن يصل، والجميع لديه من يتمنّى فوزه ومن يتمنّى خسارته ومن يرتعد خوفًا إن قابل الخصم القويّ. وبعضنا يُشبه ذاك الحكم الذي يدور في المنتصف «عبد مأمور» يسمع ما يسعده إن قدم ما يرضي الطرف المحكوم، وسيسمع كثيرًا جملة (يا حكم يا مرتشي) إن حكم بضربة جزاء لمن لا يستحق! وتبقى جميعها وجهات نظر لا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار دائمًا. وأنت في حياتك العامة ليس مطلوب منك أن تكون كالحكم وتتحدث عن الآخرين، وتحكم على صاد من البشر، وتتحدث عن فاء من الناس وتسخط إن وجّه أحدهم عليك إصبع الاتهامّ! لا تثريب في أن تتظاهر بأنّك شارد الذهن لا تغويك الأحاديث عن الناس ومتاعبهم وضحكاتهم ...إلخ لا تكن كريه المعشر والمجلس، بإمكان ابتسامتك الصامتة أن تصنع فارقًا في لعبة هذه الحياة التي لا نعرف في أي دقيقة ستنتهي! تسعون دقيقة أو عامًا؟ المهم أن لا تحكم وأنت في هذه اللعبة «لاعب». ** **