احتلت قصة المشرد الأمريكي «جوني بوبيت» العام الماضي صدارة الأخبار في الصحافة وشبكات التواصل الاجتماعية، وذاع صيته بعدما أسدى آخر 20$ كانت معه لسيدة انقطع بها الطريق، وكانت بحاجة للمال من أجل التزود بالوقود. المرأة «كيت» حفظت للرجل المسكين معروفه، وعادت لترد له المعروف، التقطت معه الصور ونشرت قصتها على الإنترنت، وسرعان ما لقيت القصة التفاعل والتعاطف مع الرجل المشرد، الذي لم تمنعه الحاجة من المساعدة، وتقديم المال لمن يحتاجه. قررت المرأة وزوجها إنشاء حملة تمويل عبر صفحة على موقع خاص بجمع التبرعات، واستقبال التبرعات ل»جوني» لمساعدته وتوفير حياة كريمة له، جمع الزوجان أكثر من 400.000$. الرجل المتشرد بعد عدة أشهر، قام بمقاضاة الزوجين واتهمهما باحتجاز الأموال، التي جمعاها عبر الحملة نيابة عنه. وقد استغل الزوجان الأموال في شراء سيارة جديدة والسفر والتسوق، وأغفلا إعطاء المشرد حصته المتفق عليها. بعد التحقيق اكتشف المحققون أن القصة المحزنة والمؤثرة، لم تكن سوى خدعة بهدف الاحتيال، وجمع الأموال عبر استثارة مشاعر الناس، وتعاطفهم مع الرجل المسكين الذي كان متواطئًا معهما، وقد فضح نزاع المتشرد مع الزوجين العملية بأكملها فكما قيل في الأمثال «ما شافوهم وهم يسرقون، شافوهم وهم يتحاسبون». الشعب الأمريكي كان ضحية احتيال وسرقة لعملية مدبرة تمامًا، كما حدث سابقا في قصة «سارة إبراهيم» التي استثارت مشاعر المتابعين السعوديين في تويتر وتعاطفهم مع مرضها، وتلقت الهدايا والمساعدات المالية والدعم المعنوي. بعد اكتشاف قصة الاحتيال تم إلغاء صفحة الحملة على الإنترنت، والعمل على إعادة الأموال المتبرع بها لأصحابها بدعم من الموقع GoFundMe، الذي أكد أن الحملات المضللة والكاذبة تشكل أقل من عشر 1% من جميع الحملات، كما أن لدى الموقع فريق ثقة وأمان لمراجعة الحملات على مدار الساعة لمنع عمليات النصب والاحتيال، والتعامل السريع مع العمليات المشكوك فيها لاستراداد أموال المتبرعين. بعد الحادثة زادت التحذيرات من التمويل الجماعي عبر الإنترنت، فليست كل الحملات مشروعة، حتى وإن استثارت عواطفنا بقصص إنسانية حزينة أو مفجعة، كما أن التثبت والثقة تصعب في الحملات الإلكترونية، خصوصا إذا كان يقف خلفها أشخاص، وليست منظمات أو مؤسسات خيرية، لذا لتكن المبادرة بتقديم يد العون لمن نعرفهم شخصيًا، أو من نثق بهم ويعلمون عن المحتاج أو الفقير، فالأقربون أولى بالمعروف، ومن ثم من هو خارج هذه الدائرة. وأخيرًا.. لا تصدق كل ما يصلك ويعاد تدويره في الشبكات الاجتماعية فقد تكون امتدادًا ل»سارة إبراهيم» ثانية وثالثة وربما رابعة، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.