الناشئون هم القاعدة التي تضمن تواصل الأجيال والإنجازات وهم استمرار طويل المدى من هذا المنطلق، فقد تشرفت قبل عدة أعوام وتحديداً عام 1998م بطرح مقترح للأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- حول إنشاء أكاديمية رياضية تحمل اسمه كنوع من التكريم والعرفان لهذا الرجل الذي نجح خلال عقدين ونيف من الزمن أن ينشر مظلة من المدن الرياضية الرائعة في مناطق المملكة، وأن يخطط ويتابع تنفيذ استراتيجية شاملة للنهوض بالشباب والرياضة السعودية؛ ما جعل المملكة تتأهل وتتواجد على الساحة العالمية وتحقق مكاسب لا يمكن تقدير حجمها وقد حظي هذا المقترح بتفاعله واستجابته، حيث تلقيت رداً سريعاً عبر خطاب رسمي أشار فيه إلى أن المقترح سيكون محل اهتمامه الشخصي، وكلف حينها بتشكيل لجنة لدراسة هذا المشروع، ولكن مع الأسف وافته المنية ومات المشروع قبل ولادته، فكان من حق هذا الرجل -رحمه الله- بعد هذا الكم من العطاء والإنجاز والدور الرائد أن ينال نوعا من التكريم والتقدير يتواكب مع فكره وطموحه ورسالته ليس على صعيد المملكة، بل على صعيد الرياضة العربية. ولعل فكرة «الأكاديمية الرياضية» التي تحمل اسم الأمير فيصل هي العمل الأنسب الذي يرقى لمستوى إنجازات الرياضة السعودية ويصب في هدف استمرارية وتواصل هذا الإنجاز، فأكاديمية رياضية تحتضن الناشئين النابغين في مختلف الألعاب الجماعية والفردية وتحت إشراف متخصصين تربويين ورياضيين ونفسيين على أعلى مستوى وكفاءة في رعاية وتدريب وتغذية وعلاج هذه الفئة، ويتاح للقائمين على هذه الأكاديمية بالتنسيق مع المدارس والأندية اكتشاف المهارات المبكرة لدى الطلاب وضمها للأكاديمية، حيث تتم تنمية هذه المهارات وصقلها جنبا إلى جنب مع التحصيل العلمي الذي يعد أولوية لدى الكثير من الأسر ويعيق غالبا ممارسة الأبناء لهوايتهم الرياضية مبكراً، وقد يكون هذا الأمر أبرز الأسباب التي أدت إلى إخفاقات الناشئين. سادساً.. إن إنشاء أكاديمية رياضية تعليمية بدءاً من المرحلة الابتدائية سيحقق العديد من الأهداف وفي مقدماتها تخريج أجيال مؤهلين رياضياً وحاصلين على شهادات دراسية من الأكاديمية تضمن لهم مستقبلهم وتنمي فكرهم وثقافتهم الرياضية وتساعد على تطبيق الاحتراف منذ الصغر، وتجنبهم الكثير من الإشكالات المستقبلية مع أنديتهم وتحد الكثير من المصاعب أمامهم، ولعل أبرزها تعودهم على الانضباط والسلوك والثقافة الغذائية والتأهيل النفسي واللياقي، كون هذه العوامل يصعب تطبيقها خلال دبلوم خلال عدة شهور أو على شباب تجاوزت أعمارهم ال18 عاماً لأنه من الطبيعي أن «من شب على شيء شاب عليه». لذلك وجدت أنه من الضروري إعادة طرح فكرة المشروع حينها على سمو الأمير سلطان بن فهد فكان رده: أن المقترح جيد والمجال مفتوح أمام القطاع الخاص لتنفيذه. كما تم أيضاً إعادة طرح فكرة المشروع على الأمير نواف بن فيصل فجاء رده سموه: تلقيت بالتقدير خطابكم المتضمن المقترحات التي أبديتموها لتطوير القطاع الرياضي والشبابي وهي محل اهتمامي الشخصي وقد تمت إحالتها للجهات المعنية. وبلا شك ان التفاعل والتجاوب مع وسائل الإعلام وتقدير آرائهم سيفرز قدراً من حق وقدراً من صواب، يتعين العمل به والأخذ بالصالح منه، وما أحسب ذلك بعزيز على معالي رئيس الهيئة العامة للرياضة المستشار تركي آل الشيخ الذي أحدث خطوات تطويرية ونقل نوعية وخلال فترة وجيزة من الزمن. وقد لمست كغيري من الكتاب عن قرب مدى اهتمام الهيئة العامة للرياضة مؤخراً بالنشء وصقل المواهب وتأهيلهم والسعي الجاد والمستمر من أجل نشر كافة الألعاب المختلفة وصناعة قاعدة متميزة من الموهوبين، وكلنا أمل إلى أن يتوج هذا التوجه والرعاية الكريمة بتحقيق هذا الحلم الذي طال انتظاره وأن يرى النور في عهد معاليه بما يتوافق مع رؤية المملكة 20 30، لتكون الأكاديمية الرياضية رؤية الحاضر للمستقبل وتكون صرحاً تعليمياً يقف جنبا إلى جنب مع الجامعات والصروح الأكاديمية المنتشرة في مدن ومناطق المملكة وفي كافة التخصصات والمجالات الحيوية الهامة، ولاسيما أن قطاع الرياضي قطاع عريض ويشهد نمواً كبيراً، وكثيرون غيري يلمسون عن قرب حجم المشروعات الرياضية العملاقة، ومظلات الخدمات الرياضية التي غطت مناطق ومدن وقرى المملكة كافة، ويلمسون أيضاً حجم تضاعفها خلال الفترة الماضية أضعافاً مضاعفة، ولا أعتقد أن أحداً ممن كتب، أو عرض يمكن أن يفي جهود الدولة في هذا الجانب حقها، ولا يمكن عمل ذلك، كون هذه الرعاية الكريمة والدعم المتواصل فوق كل وصف. ** **