يفترض أن تعتمد الشبكات التلفزيونية في دراسة جدوى شراء حقوق بث المنافسات الرياضية على العوائد المالية المتوقعة؛ ما يجعلها أكثر التزاما وحذرا في تقديم عطاءاتها السعرية وبما يجنبها الخسائر المالية ويحقق لها الأرباح المجزية. لا صوت يعلو اليوم على منافسات كأس العالم؛ التي يشاهد مبارياتها العالم أجمع وباهتمام بالغ يزيد من أهمية وتأثير القنوات الناقلة لها. وفي جميع الدول السويَّة تتعامل الشركات المالكة للحقوق وشبكاتها التلفزيونية المتخصصة والعامة بمسؤولية مع الحدث العالمي وفق منظور رياضي، إستثماري، تنافسي، و ترفيهي صرف؛ لذا لم ترتفع أصوات مسؤولي تلك الدول؛ منددة بتسييس الرياضة؛ أو قرصنة البث؛ بخلاف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي احتكرت بطولات كأس العالم فيها قناة الجزيرة الرياضية القطرية، المتوشحة برداء بي إن سبورت؛ بعدما اشترتها للتغطية على إسمها الملوث بدعم الإرهاب ونشر الكراهية؛ في عملية غسيل لكيان إعلامي موجه؛ وتغطيته بإسم نقي بعيد عن الشبهات. ما يحدث حاليا في منطقة الشرق الأوسط لا علاقة له بالاستثمار الرياضي؛ والتنافس على احتكار نقل المناسبات الرياضية المهمة بقصد الربح؛ وتطوير اللعبة ونشرها وإمتاع الشعوب؛ بل مرتبط بأهداف سياسية تخريبية تعتمد إستراتيجيتها على جذب المشاهدين في الدول المستهدفة لتمرير الرسائل السياسية والبرامج التخريبية وتحويل الرياضة من مسارها التنافسي الشريف إلى مستنقع السياسة النتن؛ ومؤامرات الحكومات المارقة وأجهزة الإستخبارات. لذا لم تعتمد قناة الجزيرة (بي إن سبورت) في تقديم عطائها الذي مكنها من احتكار نقل مباريات كأس العالم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على جدوى الإستثمار المالي؛ بل جدوى الاستغلال السياسي ودعم مشروع حكومة قطر التخريبي في المنطقة. لم تلتفت «فيفا» إلى الأهداف السياسية الرئيسة الداعمة لتقديم مليارات الدولارات من حكومة قطر ممثلة في «الجزيرة الرياضية» في صفقة؛ يعلم مبتديء الاستثمار خسارتها المالية سلفا. غياب المنافسة العادلة التي يفترض أن تبنى على النزاهة وجدوى الإستثمار ومصادر التمويل؛ أسهم في استحواذ قناة «الجزيرة» (بي إن سبورت) على حقوق النقل؛ وإحتكارها والمبالغة في قيمة إعادة بيع الحقوق التي انتهجتها القناة لضمان منع قنوات الدول المستهدفة من الشراء. تمكين «الجزيرة» من إحتكار نقل «كأس العالم» وبطولات مهمة أخرى سمح لحكومة قطر بتسييس الرياضة وتوجيه رسائل الكراهية ضد الدول والشعوب المستهدفة؛ في مخالفات صريحة لمواد العقد الموقع معها. وبدلا من أن يتدخل «فيفا» والإتحاد الأوربي لمواجهة المخالفات القطرية الصريحة؛ ووقف تسييس الرياضة وخطاب الكراهية؛ ومراجعة عقد الاحتكار وربما إلغائه؛ تسابقوا على تبني صوت قطر المرتفع تجاه ما سمي بالقرصنة؛ وانتشار أجهزة فك الشفرات؛ الموجودة أصلا في جميع دول العالم بما فيها قطر. كان من المفترض أن تحاسب «فيفا» شبكة قنوات «الجزيرة» (بي إن سبورت) على تسييسها الرياضة؛ وأن تدقق في مصادر تمويلها وأهدافها من الاحتكار وقدرتها على الالتزام بتنفيذ معايير النقل. عقد «الجزيرة» (بي إن سبورت) لا يخلو من المخالفات الواضحة في مراحل المنافسة؛ والإقرار؛ والتنفيذ. فالمنافسة لم تكن عادلة البتة نظرا للدعم المالي الحكومي المفتوح. ولم تخل مرحلة إقرار العقد من تهم الفساد. وصاحب عمليات النقل تسييسا متعمدا للرياضة. كان من المتوقع أن يَمنَع عوار عقد إحتكار «بي إن» حكومة قطر عن إدعاء المثالية المزيفة؛ ورفع صوتها لمكافحة القرصنة؛ وإطلاق التهم؛ وأن تهتم بإعادة المنافسات الرياضية إلى مسارها الصحيح بعيدا عن السياسة والبرامج الإستخباراتية القذرة؛ والإستغلال المالي الجشع. أما وقد تجاهلت مبدأ السلامة؛ والانكفاء على مخالفاتها العميقة؛ فحري بالإتحادات الرياضية تبني فتح ملف فوز «بي إن» بعقد الإحتكار؛ وتسييسها الرياضة؛ ودورها القذر في نشر الكراهية ودعم الإرهاب الفكري.